عرض مشاركة واحدة
قديم 09-18-2018, 09:21 PM   #14


الصورة الرمزية امي فضيلة
امي فضيلة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1171
 تاريخ التسجيل :  Aug 2018
 العمر : 76
 أخر زيارة : 12-16-2022 (01:18 PM)
 المشاركات : 57,631 [ + ]
 التقييم :  328563
 SMS ~
لوني المفضل : أ‌أ‡أ‘أ›
افتراضي






الحلقه (13): تتخذ من وصية أم إياس منهج عمل لها








سلسة هذه هي زوجتي

الصفة الثالثة عشرة

تتخذ من وصية أم إياس منهج عمل لها






فقد أوصت أم إياس ابنتها حين زُفت إلى زوجها فقالت: (أي بنية! إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب، أو لتقدم حسب،

لزويت ذلك عنك، ولأبعدته منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل.

أي بنية: لو أن امرأة استغنت عن زوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها، كنت أغنى الناس عن ذلك، ولكن النساء للرجال

خُلقن، ولهن خُلق الرجال.

أي بنية: إنك قد فارقت الحِمَى الذي منه خرجت، وخلَّفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه،

فأصبح بملكه عليك مليكًا، فكوني له أمة يكن لك عبدًا وشيكًا، واحفظي له خصالاً عشرًا، تكن لك ذخرًا.

أما الأولى والثانية: فالصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، فإن في القناعة راحة القلب، وفي حسن

المعاشرة مرضاة للرب.

وأما الثالثة والرابعة: فالمعاهدة لموضع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه على قبيح، ولا يشمّ منك إلا أطيب ريح.

وأما الخامسة والسادسة: فالتعاهد لوقت طعامه، والتفقد لحين منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.

أما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال

حسن التدبير.

وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشين له سرًا، ولا تعصين له أمرًا، فإنك إن أفشيت سرَّه لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره

أوغرت صدره.

واتقي مع ذلك كله الفرح إذا كان ترحًا، والاكتئاب إذا كان فرحًا، فإن الأولى من التقصير، والثانية من التكدير.

وأشد ما تكونين له إعظامًا أشدَّ ما يكون لك إكرامًا، وأشدَّ ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك مرافقة.

واعلمي يا بنية أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك، وتقدمي هواه على هواك فيما أحببتِ أو كرهت،

والله يضع لك الخير وأستودعك الله.



ما من شك أن هذه وصية امرأة عاقلة حكيمة، قلَّما تجد مثلها في أيامنا هذه، ولست بصدد شرحها ـ فهي واضحة وسهلة إن

شاء الله ـ ولكني أحذر المرأة أن تتخذ من هذه الوصية منهجًا نظريًا، لا منهجًا عمليًا. ما أسهل الكلام المنمق، والعبارات

البرَّاقة، والألفاظ المعسولة، وما أصعب العمل، وهو الذي أنا بصدد التنبيه عليه.

إن صورة الإيمان ومظهره عند الكثير منا تعلو حقيقة الإيمان، ومظاهر التقوى عند الكثير أيضًا أهم من حقيقة التقوى،

وهذه هي الطامة التي وقع فيها الكثير.

إن الإيمان الحقيقي هو الذي تظهر آثاره على جوارح وسلوك المسلم، وإن تقوى الله تعالى هي التي نلمسها واقعًا عمليًا

في معاملاتنا مع الناس.

فالزوجة الصالحة التقية هي التي تتخذ من وصية أم إياس منهجًا عمليًا، وسلوكًا حقيقيًا مع زوجها، فهي لا تكتفي بالمظهر

والكلام الطيب، بل يتعدى ذلك إلى أن يكون واقعًا حيًا يلمسه الزوج ويسعد به كل أهل البيت.

(إن سلوك الداعية هو الصورة الحية العملية لدعوته، يراها الناس في سكونه وحركته، ووقوفه ومشيته، وبكائه وضحكه.

إن القدوة العملية تصيب من قلوب الناس أكثر مما تصيب الكلمة، مهما كانت طيبة وجيدة ومؤثرة)(
1 ).

إن الزوجة المسلمة الملتزمة بأحكام الشرع، والمستقيمة عليها، لابد أن تكون سبَّاقة للخير إذا ما دعت الناس للخير،

فمطالبة الناس بتطبيق أحكام الشريعة ـ افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا ـ تستوجب أن تكون المسلمة آخذه نفسها بذلك، وكذلك

نهي الناس عن الشر والفساد، يحتم أن تكون المسلمة ملتزمة بذلك النهي، فلا تبيح لنفسها ما حرمته على غيرها.

إن مطابقة الصورة الحقيقية، ومطابقة العلم للعمل، من أهم ما يجب على الزوجة المسلمة الصالحة عدم الغفلة عنها، حتى لا

نسمع كلامًا يسيء للإسلام في صورة المسلمة الملتزمة مثل:

لِمَ فعلتِ كذا، وأنتِ الملتزمة المنقبة؟!

كيف تقولين كذا، وأنت المحجبة قارئة القرآن؟!

إلى غير ذلك مما نعرفه ونسمعه أحيانًا.



إن الزوجة الصالحة الملتزمة، هي داعية في نفسها، وإن لم تدعُ الناس، فحجابها دعوة، وإيصاؤها الناس بتقوى الله دعوة،

وتنبيه الناس على الحلال والحرام دعوة وهكذا؛ لذا فإنها مرآة دعوتها والنموذج المعبر عنها؛ لذا وجب عليها الانتباه لذلك

وعدم التقصير، وعدم مخالفة عملها لقولها، وقولها لعملها.

وعندما تكون المسلمة بعيدة عن الالتزام بواجبات الإسلام وتكاليفه، فإنها تكون فتنة للناس، تصرفهم بسلوكها عن دين

الله، وتقطع الطريق على الناس.

فالتي تدعو الناس إلى مكارم الأخلاق، وأخلاقها سيئة، لن تكون دعوتها مستجابة، ولن تلقى إلا الصدَّ والإعراض، والتي

تحض الناس على الخير والبذر والتضحية والعطاء، وهي شحيحة، لن تلقى أذنًا صاغية في الناس أجمعين.

والتي تدعو الناس إلى التواضع وهي مختالة فخورة، وإلى الإيثار وهي صاحبة أثرة، وإلى الصدق وهي كذابة، وإلى

الأمانة وهي خائنة، وإلى الاستقامة وهي منحرفة، وإلى الطاعة وهي عاصية، إن إنسانة كهذه قد تتمكن من خداع الناس

حينًا، ولكنها لن تتمكن من خداعهم في كل حين، بل إن الخسارة الفادحة التي ستجنيها بردة الناس عن طريق الله تعالى،

تتحمل منها النصيب الأعظم من الإثم، إن لم يكن كله، فضلاً عن سخرية العباد، وسخط رب العباد.

إن على المسلمة الحقة أن تترسم خطى الإسلام في كل شأن من شئونها، في أقوالها وأفعالها، في حياتها الخاصة والعامة،

في نفسها وفي بيتها. (فالدعاة ينبغي أن يكونوا قدوة حسنة للمجتمع الذي يعيشون فيه، تبدو في حياتهم آثار الرسالة

التي يدعون الناس إليها، وترتسم في خطاهم ملامح المبادئ التي يحملونها، وبذلك يحس كل من حولهم ويشعر بالوجود

الحركي لهذا الدين، وبالتحرك العضوي له، وفي هذا ما فيه من أثر بالغ في مجالات الدعوة والتبليغ.

ولقد صفع القرآن الكريم أولئك الذين يعظون الناس ولا يتعظون، وينهونهم ولا ينتهون، فقال تعالى:
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ

بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ.

كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ
[الصف: 2، 3](2 ).



(1 ) أسس الدعوة وآداب الدعاة للدكتور محمد السيد الوكيل بتصرف.
( 2) مشكلات الدعوة والداعية للأستاذ فتحي يكن ص66.




للموضوع بقية

نسأل الله لنا ولكم الهدى والتوفيق والسداد



 
 توقيع :






كل الشكر لابنتي الغالية انثى مختلفة على التوقيع والرمزية



رد مع اقتباس