عرض مشاركة واحدة
قديم 06-10-2019, 04:58 PM   #16
رونق التـ🌷ـوليب


الصورة الرمزية مَرجانة
مَرجانة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 732
 تاريخ التسجيل :  May 2017
 أخر زيارة : 07-30-2022 (05:51 AM)
 المشاركات : 38,686 [ + ]
 التقييم :  213224
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
نحنُ لِنحن
لنحن فقط !..
لوني المفضل : Crimson
افتراضي



الجزء الثالث ••❓



أخيراً أشرقت شمس اليوم ! ..كنت أنتظر هذه الإشراقة على أحر من الجمر ، كانت ساعات الليل طويلةً جداً ، و يقظاتي كانت متكررة كثيراً .. لم أستطع النوم جيداً وبالرغم من ذلك ، فأنا أشعر بنشاطٍ وحيوية .

نهضت من فراشي وأخذت حماماً على عجل ، ثم استعددت للمعهد ، حملت حقيبتي وغادرت غرفتي .. كان قلبي ينبض بسرعةٍ من حين إلى حين ، كلما فكرت في الرسالة ، أحسست بدقات قلبي في ازدياد!
جلست على الطاولة لأتناول الإفطار ، كان أخي "ألفريد" لم ينتهي بعد من تجهيز الطعام ، وعندما جاء ووجدني أجلس على الطاولة ، ابتسم وقال

- صباح الخير يا "آماندا" .

نظرت إليه في هدوء و أجبته بهدوءٍ أيضاً

- صباح الخير

جلس على الكرسي قبالتي وقال متسائلاً

- ما بالكِ؟ .. لستِ بخير .

نظرت إليه في صمت لبرهة ، ثم أجبت

- قلقة بعض الشيء .

- مالذي يقلقكِ؟!

صمتت من جديد ، وأحسست بأنفاسي تضيق ، فأخذت نفساً وقلت

- لا أدري!

ابتسم أخي ووقف قائلاً

- سأحضر لكِ العنب لتتناوليه ، إنه يطرد الهم ويستجلب السعادة .

ضحكت قائلة

- شكراً أخي ، لا تكلف على نفسك .

اختفى عن ناظري وسمعته يقول

- لا يا حبيبتي ، لا تقولي ذلك .. أريدكِ أن تكوني سعيدة .
- شكراً لك .

بعد أن انهيت تناول الإفطار ، غادرت المنزل و ذهبت اتمشى بهدوءٍ إلى المعهد ، لا أعرف لما شعرت بالقلق والخوف رغم الحماس الذي كان يعتريني البارحة!
بعد دقائق ، دخلت المعهد ودلفت إلى القاعة ، كانت مكتظة بالزملاء ، نظرت إلى مقعدي ، كانت "سارة" تجلس في مقعدها بجانب مقعدي وتلوح لي بسعادة ، أحسست بقلبي يقفز ، "سارة" لا تلوح لي عبثاً! .. لعلها عثرت على رسالةٍ لي!


مشيت بسرعةٍ إليها وجلست في مقعدي قائلة بارتباك

- ماذا هناك؟

اتسعت ابتسامتها وقالت وهي تضربني على كتفي

- لقد وصلتكِ الرسالة ، كما توقعت!

قالت هذا ومدت يدها بالظرف الزهري إلي ، أحسست فجأةً بالراحة وبانفراج أساريري ، ابتسمت ثم ضحكت وأنا أمسك بالرسالة ، أحكمت عليها قبضتي ، ونظرت لـ "سارة" بامتنان ، بينما قالت بحماس

- هيا أفتحيها لنقرأ .

ترددت ، ثم قلت

- لا لن أقرأها الآن .
- لماذا؟! .. كنت متحمسة لها ، لما لا تقرئيها الآن؟!

همست إليها بانفعال

- أريد قراءتها على مهل ، دون هذه الضوضاء!

عبست "سارة" وجهها ، ثم قالت


- لو كنت أعرف لفتحتها وقرأتها .

قلت بحدة

- كنتِ ستندمين لأني لن أمرر الأمر على خير .
- حسناً أخبريني ، هل كتبتي إليه؟
- نعم فعلت ، ماذا علي أن أفعل بها الآن؟

عاد لـ"سارة" حماسها وقالت

- أريد قراءتها!
- حسناً .

فتحت حقيبتي ووضعت الرسالة ، وأخرجت رسالتي وأعطيتها لـ "سارة"

- قولي رأيكِ فيها ، كتبتها دون تخطيط مسبق لما سأكتب .

ألتقطتها من يدي وفتحتها ، وشرعت في قراءتها ، وبعد ان انتهت نظرت إلي قائلة

- جيدة ، لكن .. ألا تبدو مغتضبة ؟

اتسعت عيناي وقد بدت علي الخيبة


- لا ليست كذلك!
- لا أعرف .. لا يهم ، إنها جيدة على كل حال .
- هل أتركها في الدرج الان؟
- قبل أن نغادر المعهد ، أتركيها ليعثر عليها غداً في الصباح .
- هل تعرفين؟ ، أحياناً يتبادر إلى فكري أن أسأل زملائي عنه ، لعل أحداً منهم رآه وهو يضع الرسالة ، كيف يستطيع المجيء باكراً ويضع الرسالة دون أن نراه!

ضحكت "سارة" وقالت

- إنها لعبته ، وهو يتقنها .

شعرت بقلبي يرتعش ، أخذت نفساً واستندت على مقعدي ، وددت أن تركض الساعات و تنتهي ساعات المعهد وأعود للمنزل لقراءة الرسالة ، كنت متشوقه كثيراً لقراءة سطوره ، للإحساس بكلماته وقربه ، ليتني أتعرف إليه .

============

حان وقت الإنصراف من المعهد أخيراً ، فوضعت رسالتي في درج طاولتي بحذرٍ وانتباه ، متمنية أن يجدها ذاك المعجب ويقرأها غداً ، بعدها حملت حقيبتي وغادرت القاعة برفقة "سارة" ... وعند باب المعهد نظرت إليها قائلة

- أراكِ غداً .. إلى اللقاء .

أمسكت بيدي قائلة

- هل يمكنني المجيء معكِ؟ .. لنقرأ سوياً تلك الرسالة
!

ضحكت وقلت لها مازحة

- تريدين قراءة الرسالة ! ، أو رؤية "ألفريد" ؟

قالت بخجلٍ وهي تبعد عينيها عن عيناي

- لا تخجليني .

ابتسمت لها ، و أحكمت قبضتي على كفها وقلت

- هيا تعالي معي .

سرنا على مهلنا حتى وصلنا إلى منزلي ، فتحت الباب ودخلنا سوياً ، صحت قائلة

- لقد عدت يا "ألفريد" .

لم نسمع جواباً ، دلفنا إلى الصالة ، قالت "سارة" باستياء

- لعله لم يعد بعد .
- سيعود بعد قليل ، لنجلس .. فلدينا أمرٌ أهم الآن .

جلسنا ، وفتحت حقيبتي على عجلٍ وأخرجت الرسالة ، كانت دقات قلبي تتزايد بشكل رهيب! ، أشعر بشوق شديد ولهفة مفرطة لقراءة تلك السطور ، فلقد كان الحرمان منها لأسبوعٍ كامل قاسٍ ، قاسٍ جداً.


أمسكتها بيدي للحظة ، وقرأت ما كتب على الظرف

إلى العزيزة والجميلة "آماندا"
رسالة من عاشقكِ المخلص

كانت الإبتسامة ترتسم على شفتيّ دون شعور مني ، نظرت إلى "سارة" وقلت لها

- قلبي يكاد يقف .

ضحكت وقالت تستحثني

- هيا أسرعي وافتحيها .

أخذت نفساً وفتحت الظرف ، أخرجت منها الورقة .. فتحتها ، وشرعت في قراءتها بصمت .

(( "آماندا" العزيزة
أكتب إليكِ بشوقٍ يتخطى طاقتي على الشوق ، معانقتكِ لورقتي تعني لي الكثير ، كنت ممتنعاً عن الكتابة لكِ لمدة إسبوعٍ كامل ، لم أكن أريد ذلك ، ولكني أجبرت .. لقد استبد بي المرض .. وصرت طريح الفراش في المستشفى لعدة أيام ، خرجت من المستشفى ولزمت الفراش ليومين آخرين ، استفحلت بي الحمى .. و أصبت بجفافٍ شديد ، لكني الآن بخير ، "آماندا" العزيزة .. لم تغادريني أبداً في ساعات مرضي ، كنت أفكر فيكِ طول الوقت ، لا أعرف .. أعتقدتكِ تفتقدين رسائلي إليكِ! .. هل كنتِ كذلك؟ .. كما افتقدت النظر إليكِ ، والإصغاء لغناءك الذي يطرب مسامعي .. أنتِ كالملاك ، كلما تذكرتكِ انتشيت و تبدد الألم ، كنت مستمتعاً في فراش المرض لأنكِ لم تغادريني ، بل تزوريني في أحلام يقظتي و تؤنسيني ، كنت أبتسم لكِ ، ومع هذا ذلك لا يكفيني .. عدت يا "آماندا" بشتياق ولهفة ، أرجو أن تسعدكِ أحرفي التي تاقت لنظراتك .. كما أسعدُ بقراءتكِ لها .


المخلص ... عاشقكِ ))

أحتضنت الورقة وأنا أصدر تنهيدة ارتياح ، بتلقائية وعفوية مطلقة! ، ثم نظرت إلى "سارة" وقلت لها بهمس

- لقد ظلمتيه ، لقد منعه المرض من الكتابة إلي .

ضحكت "سارة" وقالت وهي تشد على وجنتي

- ما بال وجنتيكِ يا شقية؟!

شعرت بالخجل ، فدفعت يدها بغضب ووقفت قائلة

- اخرسي ، سوف لن أقرأ الرسائل معكِ بعد الآن .
- أنا أمزح ، ما بكِ؟

ابتسمت بسعادة وقلت

- سعيدة وحسب ، أشعر وكأن الجمال ظهر من جديد في ساحة الحياة ، لقد مر علي أسبوعٌ ثقيل .. محملٌ بالخيبة ، لكن هذه الرسالة بددت كل الخيبة وبعثت كل السعادة والجمال ، أشعر بسعادة غريبة!

ابتسمت "سارة" وقالت

- سعيدة من أجلك ، ترى متى ستفتح السعادة أبوابها لي؟


ضحكت وقلت ممازحة

- لما لا تجربي؟! ، أكتبي لـ "ألفريد"!

اتسعت عيناها وقالت بفزع

- أنتِ مجنونة! ، أوَ أجرؤ؟!
- طبعاً ، تجرؤين .. أنتِ لا يستهان بكِ كما قال "ألفريد" .

نظرت إلي بدهشة وقد علت وجنتيها الحمرة ، ثم وقفت تنظر إلي غير مصدقة

- هل قال ذلكَ فعلاً!؟
- أجل .

صمتت ولم تعرف ماذا تقول ، ثم جلست من جديد وقالت

- ذلكَ صعب ، إنها تحتاج لقلبٍ شجاع و جرأة حقيقية ، أنا لست كذلك !

ضحكت وجلست بجانبها

- طبعاً ، كنتُ امزح فقط ، ثم أن "ألفريد" لن تروقه فكرة الرسائل .

نظرت إلي برجاء وقالت بحزن


- كيف أصطاده؟!
- لا أعلم!

فتح الباب هذه اللحظة ، فارتبكت "سارة" وتشبثت بذراعي وهمست قائلة

- إنه "ألفريد"!

دخل أخي وتوجه نحونا .. عندما نظر إلينا ابتسم قائلاً

- مرحباً! ، أنتما هنا؟! ، أهلا يا "سارة" .. كيف حالكِ؟
- بخير يا "ألفريد" .. ماذا عنك؟
- بخير أيضاً .

سألته عن سبب تأخره فأجاب وهو يرفع كيساً كان بيده

- كنت أتسوق بعد العمل للعشاء ، سأحضر طبقاً من المعكرونة الحمراء و طبقاً آخر من الكباب .

ثم نظر إلى "سارة" وقال مبتسماً

- ستكونين معنا على مائدة العشاء يا "سارة" ، ستتذوقين أفضل الطعام من يدي .

عاد الإرتباك لـ "سارة" وأجابت

- لطفٌ منك ، لكن ..


وكزتها في ذراعها وقلت بإصرار

- لا تتعذري ، لا شيء لديكِ ، تتناولين العشاء بعدها غادري إن أحببتِ ، أخي طاهٍ ماهر ، إنه يبدع فيه .. لن تندمي أبداً .

قال "ألفريد"

- رائع ، حسم الأمر ، هيا ادخلا لترتاحا وأنا سأبدأ بالطهي .
- سلمتَ أخي .

وذهبت مع صديقتي إلى غرفتي ، جلسنا على السرير ، وقالت "سارة" بسعادة

- "ألفريد" لطيفٌ للغاية ، ليته ينتبه لنظراتي .
- إنه كذلك ، يجب أن تستغلي الفرصة هذه الليلة ، حاولي أن توقعي به .
- لما لا نساعده؟ .. عاد من العمل للتو وها هو يدخل للطهي وحيداً! ، سيجهد .
- إنه معتادٌ على ذلك ، ثم أنه لا يحب أن يساعده أحد في الطهي .. هو يستمتع فيه .

قلت هذا وأخرجت الرسالة وفتحتها لأقرأها من جديد ، كنت مستمتعة كثيراً برسالته ، بعد أن انتهيت منها ، التفت لـ "سارة" وقلت

- هل تعتقدين أن رسالتي ستكون عنده صباح الغد؟
- إن لم تكن في درج طاولتكِ غداً ، فستكون بين يديه!

قلت بقلق

- قلتِ أنها مغتضبه! .. هل سيشكل ذلك مشكلة؟

- لا ، أنتِ لستِ مولعة في الأدب والقراءة ، من الطبيعي أن لا تجيدي الكتابة مثله .
- إنني مرتبكة وقلقة .

و أخذت نفساً عميقاً ، ورميت نفسي على الفراش ، كل يومٍ يمر يجعلني أتوق لليوم الذي يليه ، تلك الرسائل جعلتني أستعجل الأيام ، فقط لأستمتع بها . ستصله رسالتي غداً ، وسيجيبني بعد غدٍ عليها ، ترى .. هل سيفصح لي عن نفسه!؟

=============

على طاولة العشاء ، جلسنا نحن الثلاثة "ألفريد" ، "سارة" ، و أنا .. كان أخي متحمساً كثيراً لوجود "سارة" ، مما أربك صديقتي المسكينة ، أنتصبَ عند الطاولة وسكبَ لها عصير الليمون بالنعناع ، ثم وضع في صحنها قليلاً من المعكرونة وهو يقول

- ستعجبكِ كثيراً أنا متأكد ، قد تظنين أن المعكرونة الحمراء ليست شيئاً مميزاً ، لكنها من يد "ألفريد" مختلفة تماماً ، أيضاً هل أضع لكِ قطعتين من كبابِ اللحم؟

كانت "سارة" تبتسم بخجلٍ ويديها استقرتا في حجرها ، لا حظت خجلها فقلت وأنا أشد على كم "ألفريد"

- يكفي يا أخي أنتَ تخجلها ، أنظر إليها إنها لا تتناول شيئاً لقد أربكتها !

انتبه على نفسه فقال معتذراً وهو يجلس في مقعده

- آسفٌ يا "سارة" ، لكن من النادر أن يكون هنالك شخصٌ ثالث يتناول معنا الطعام ، أسعد كثيراً بالضيوف ، لا تخجلي وتناولي الطعام .

قالت "سارة" بصوتٍ خجول

- لا تهتم ، شكراً لك .


تناولنا العشاء ، كان عشاءً جميلاً بصحبة صديقتي ، ولم يكن يخلو من الضحك والمرح .. حتى انتهينا وغادرتنا "سارة" ، ودعتها وأغلقت الباب خلفها .. ثم ذهبت إلى أخي في المطبخ ، الذي انهمك في غسل الصحون ، اقتربت منه قائلة بسرور

- كان عشاءً طيباً ولذيذاً ، سلمت يداك .

التفت إليَّ والبسمة على ثغره

- شكراً لكِ عزيزتي ، وجود صديقتكِ جعل العشاء مميزاً ، لم أكن أعرف أنها ظريفة لهذا الحد!

ضحكت وقلت

- إنها ظريفة أكثر مما تظن أيضاً ، سعدت كثيراً بدعوتكَ لها على العشاء .
- لن تكون الدعوة الأخيرة ، أبلغيها ذلك .
- حسناً ، أنا ذاهبة لغرفتي .

قلت ذلك وذهبت لغرفتي ، جلست على طاولتي وسحبت ورقةً و التقطت قلما ، وتوقفت قليلاً استجمع أفكاري ، ثم كتبت

(( إلى المعجب المجهول ، أنتَ حقاً بالنسبة لي علامة استفهامٍ كبيرة ، ستكون رسالتي قد وصلتك .. أتمنى أن تلبي رغبتي وتعرفني على نفسك ، لكن الآن .. أريد أن أقول لكَ آسفة .. عندما انقطعت عني رسائلكَ نقمت عليك .. ولكن بعدما عرفت السبب ، حزنت لأجلك .. سعيدة لتعافيك ، وإني أرجوك .. أن لا تتوقف عن الكتابة إلي ، سأصغي إليك و أجيبك .. لست أبرع في الكتابة كثيراً ، لكنني أحاول .. المخلصة "آماندا" ))

و ضعت القلم و قرأت ما كتبت من جديد ، تبدو مغتضبة هذه أيضاً!
لا يهم ، طويتها و وضعتها في الظرف .. وكتبت عليه


من " آماندا"
إليكَ

وحملتها إلى حقيبتي و أطبقت عليها بإحكام ، ثم استلقيت على فراشي و أغمضت عيناي ، لأروح في سباتٍ عميق .

=============

في اليوم التالي وفي المعهد ، وفي القاعة بالتحديد .. جلست على مقعدي ووضعت حقيبتي ، ثم ألقيت نظرة في درج طاولتي لأتأكد إن كانت رسالتي التي وضعتها بالأمس قد صارت بين يديه .. ولقد شعرت بالراحة كثيراً! ، فرسالتي ليست هنا! .. لم أجد سوى رسالة منه ، لقد أخذ رسالتي وسيسعد بالتأكيد منها .. أرجو أن يعرفني غداً عن نفسه

ألتقطت رسالته وفتحتها ، قرأتها بهدوء وسكينة .. إنها رائعة وتبعث السعادة في نفسي كالعادة .

وانقضى هذا اليوم هادئاً دون أحداثٍ تذكر ، وبحماسٍ شديد للغد .. كنت أنتظره لأقرأ رداً له على رسالتي .. رسالة الغد ستكون مختلفة كثيراً .. فهي جوابٌ على تساؤلاتي ، قلبي يرتعش كلما فكرت بالغد ، وكلما فكرت برسالته وجوابه .. هل سأعرف اسمه غداً ؟ ..

وحل الغد ، فقت من نومي بحماسٍ شديد ممزوجٍ بارتباك .. وقفت عند نافذتي وأخذت شهيقاً عميقاً .. شعرت باحتياجي لذلك لعل ارتباكي يزول ، بعدها استعددت للمعهد ، تناولت طعام الفطور وغادرت بسرعة المنزل ، مشيت بخطىً حثيثة للمعهد ، و وصلت سريعاً ، اتجهت بسرعةٍ إلى القاعة وألقيت التحية على الجميع .. ثم جلست في مقعدي والربكة ارجفت أطرافي ، مددت يدي للدرج ، وأمسكت بالظرف!


سحبته ونظرت إليه

إلى الجميلة "آماندا"
رسالة من عاشقك

أحسست بالمزيد من الإرتباك ، ترددت في فتح الرسالة ، نظرت من حولي .. إلى زملائي .. كان الجميع مشغولاً بنفسه لا يأبه بي ، فعزمت على قراءتها ، فشوقي لمعرفة اسمه و معرفة من هو منعني من الإنتظار ، لا طاقة لي على الصبر أكثر .

فتحتها بهدوء .. سحبت الرسالة وشرعت في قراءتها بتمعن

(( إلى الحبيبة ، والجميلة ، والعزيزة "آماندا"
سعادتي لا توصف حينما وجدت رسالةً لي منكِ ، كم كنتِ كريمةً معي ، مَنَحتِنِي حروفكِ ، كلماتكِ أضحت سطوراً بين يدي ! .. كم أنا محظوظ ، وما أسعدني أكثر هو اعتيادكِ على رسائلي ، أخبرتني أنَّ انقطاع رسائلي أزعجكِ ، ترى .. هل بدأ قلبكِ بالنبض لي؟! .. عللتُ لكِ سبب انقطاعي ، والآن فقط أدركتُ أن مرضي كانَ نعمةً عظيمة ، حيث انقطعت رسائلي ، فجعلكِ ذلكَ تسألين عني وتكتبين إلي ، باتت لرسائلي فائدة وقيمة عندما أجد لها جواباً منكِ ، المتعة الحقيقية بدأت منذ الأمس ، حينما انزويت في فراشي أحدق في حروفك الرقيقة ، "آماندا" الجميلة ، طلبتي معرفتي!؟ .. أليسَ كذلك؟ .. أحبكِ يا "آماندا" ، و يسرني أن أجدَ منكِ رغبةً في التعرف إلي .. لكن امنحيني قليلاً من الوقت ، لأتلذذَ كفايةً برسائلك، فلم يحن بعد الوقت لأبوح لكِ عن نفسي ، لكنني أعدكِ بأن أعرفكِ على نفسي قريباً ، شكراً "أماندا" ، ولدتُ بالأمس من جديد من رحم رسالتك ، أنفاسي لم تكن كأنفاسي سابقاً ، وعيناي لمعتا بشكلٍ أدهشني ، أشعر أني حييت ، فلا تحرميني تلك الحياة بعد أن وهبتيها إلي ، عاشقكِ المخلص ))

بقدر ما أنشتني كلماته ، احزنتني .. كنتُ أتأمل منه أن يفصح لي عن نفسه ، على الأقل عن اسمه ، كيف يعقل أن أتعلق بشخصٍ مجهول لا أعرف عنه شيئاً؟! .. كيف سأستمر معه ؟ .

أغلقت الرسالة وشردت قليلاً ، و لم انتبه إلا على صوت "إليزا" من خلفي


- أنتِ! .. يا فتاة ، ما بالكِ شاردة؟ .. ما تلكَ الورقة التي بيدك؟

التفت إليها وقلت بانزعاج

- لا علاقة لكِ ، هل أردتِ شيء؟

ضمت ذراعيها لصدرها ورفعت أنفها بغرور

- لا ، لا أريد شيئاً ، لكنكِ أثرتِ فضولي وأنتِ منكسة رأسكِ على تلكَ الورقة ، ظننتكِ تقرأين كتاباً ، لكن يبدو أني مخطئة .. ما بتلكَ الورقة أخذكِ للبعيد!

نظرت إليها بغضب

- ما شأنكِ أنتِ ؟ .. لا تتطفلي علي لأن ذلكَ يغضبني ، سأبعثر شعركِ فوق كتفيك لو تدخلتي بشؤوني ثانيةً يا "إليزا" !

اتسعت عيناها ، ثم قالت متسائلة

- ما بكِ؟! ، الأمر لا يستحق كل هذا الغضب ، كنتُ قلقةً عليكِ فقط ، رغم أنكِ لا تستحقين .. فالتبتلعكِ المصائب و تَتُوهي ، ما شأني أنا .

قالت هذا واستدارت لتعود من حيث أتت .

أما أنا فانكست رأسي ، وعاد الحزن لقلبي .. أدخلت الرسالة في الظرف و وضعتها في حقيبتي ، ورأسي مزدحمٌ بالأفكار ، بما أجيبه؟



 


رد مع اقتباس