ننتظر تسجيلك هـنـا


جديد المواضيع



مقتطفات عآمة بحر الموضيع العامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-26-2020, 08:29 AM
سلطان الزين غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
لوني المفضل Blue
 رقم العضوية : 1246
 تاريخ التسجيل : Nov 2018
 فترة الأقامة : 1975 يوم
 أخر زيارة : 10-03-2023 (02:16 PM)
 العمر : 48
 الإقامة : المدينة المنورة
 المشاركات : 11,105 [ + ]
 التقييم : 88705
 معدل التقييم : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الصعاليك في المجتمع الجاهلي (1)



الصعاليك في المجتمع الجاهلي (1)


حين نرجع إلى أخبار هؤلاء الصعاليك نجدها حافلة بالحديث عن فقرهم، فكلُّ الصعاليك فقراء، لا نستثني منهم أحدًا، حتى عروة بن الورد سيد الصعاليك الذي كانوا يلجئون إليه كلما قست عليهم الحياة، ليجدوا عنده مأوى لهم حتى يستغنوا، فالرواة يذكرون أنَّه «كان صعلوكًا فقيرًا مثلهم»[1]، وأخوه وابن عمه يقولان له -حين عرض عليه أهل امرأته التي أصابها في بعض غزواته أن يفتدوها -: «والله لئن قبلت ما أعطوك لا تفتقر أبدًا»[2]، بل أكثر من هذا يذكر الرواة أنه جاء بامرأته إلى بني النضير «ولا شيء معه إلا هي، فرهنها، ولم يزل يشرب حتى غَلِقَتْ»[3]. وتكثر في شعره أحاديث فقره، وما يعانيه من حرمان، وما يتكبده في سبيل الغنى من جهد ومشقة، وما يشعر به من ثقل التبعة التي يتحمَّلها إزاء أهله، وإزاء أصحابه الصعاليك أيضًا:

ذَريني للغنى أَسعى، فإِنِّي
رأَيت الناس شرُّهم الفقير[4]
فَسِرْ في بلادِ الله والتمس الغنَى
تعشْ ذا يسارٍ أو تموتَ فتُعْذَرا[5]
ومَن يك مثلي ذا عيال ومُقْتِرًا
من المال يطرحْ نفسه كلَّ مَطْرحِ[6]


وهذا الفقر الذي استبد بحياة الصعاليك حمل لهم في ركابه الجوع، نتيجة طبيعية له، ولعل الجوع أقسى ما يحمله الفقر إلى جسد الفقير، وقد سُئل أعرابي: ما أشد الأشياء؟ فقال: كبد جائعة تؤدي إلى أمعاء ضيقة[7].



وليس من شكٍّ في أنَّ هذه العبارة الساذجة التي صور فيها هذا الأعرابي إحساسه إنما تشير إلى قصة الحياة الأساسية، قصة الصراع بين الحياة والموت. وذلك لأن المسألة تتصل بحاجات الجسم الحيوية الأولى، فالجوع -كما يقرر علماء الاجتماع - أول الدوافع المسيطرة على حياة الإنسان[8]. وقد كان من العرب من يغير من أجل الحصول على الطعام[9]، بل إنَّ كثيرًا من الصراع الداخلي بين القبائل الجاهلية إنما يرجع - من بعض جوانبه - إلى الفقر والجوع[10]، وما أكل ضباب الصحراء ويرابيعه وأورالها سوى مظهر من مظاهر هذا الجوع القاتل الذي كان يعانيه عرب البادية حين يجدبون وتتتابع عليهم السنين، وما كان قتل بعض العرب أولادهم خشية إملاق سوى مظهر آخر من مظاهر هذا الجوع القاتل[11].



ويكثر الحديث عن الجوع في أخبار الصعاليك وشعرهم، ففي أخبار عروة أن ناسًا من بني عبس أجدبوا «في سنة أصابتهم، فأهلكت أموالهم، وأصابهم جوع شديد وبؤس»، فأتوا عروة يستنجدون به، فخرج «ليغزو بهم ويصيب معاشًا»[12]. وتنتشر في شعره وأخباره مناقشات بينه وبين صعاليكه حول الجوع الذي كان يجهدهم في غزواتهم[13]. ويذكر الرواة أن أبا خراش الهذلي أقفر من الزاد أيَّامًا[14]. ويحدثنا السُّليك بنُ السُّلَكة في بعض شعره كيف كان يغمى عليه من الجوع في شهور الصيف حتى ليشرف على الموتِ والهلاك:

وما نلتُها حتَّى تصعلكتُ حِقبةً
وكدتُ لأسباب المنيَّة أَعرفُ
وحتى رأيت الجوع بالصيف ضَرَّني
إذا قمت تَغْشاني ظلال فأُسْدِف[15]


ويتحدَّث الأعلم الهذلي عن أولاده الشُّعث الصغار الذين ينظرون إلى من يأتيهم من أقاربهم بشيءٍ يأكلونه:

وذكرتُ أهليَ بالعرا
ءِ وحاجة الشُّعْثِ التَّوالبْ
المصْرِمينَ من التِّلا
د اللامحين إلى الأَقاربْ[16]


بل إن الجوع ليشتد بعروة فيهتف بأصحابه الصعاليك هتفه من لا يطيق عليه صبرًا أن هلموا إلى الغزو، فللموت خير من حياة الجوع والهزال:

أقيموا بني لبنى صُدُورَ ركابكمْ *** فإنَّ منايا القومِ خيرٌ من الهزْل[17]



وفي لامية العرب التي تُعد صورة دقيقة كاملة لحياة الصعاليك في العصر الجاهلي حتى على فرض انتحالها وعدم صِحَّةِ نسبتها إلى الشَّنْفرَى، يرسم الشاعر صورة رائعةً لذلك الجوع النبيل الذي يشعر به الصعلوك، ولكن نفسه الأبية تأبى عليه أن يهينها من أجله، فلا يجد أمامه سوى الصبر والقناعة:

أَديمُ مِطالَ الجوع حتى أميته
وأضربُ عنه الذِّكرَ صفحًا فأُذْهلُ
وأَستفُّ تُرْبَ الأَرضِ كي لا يرى له
عليَّ منَ الطَّوْل امرُؤٌ متطولُ
ولولا اجتنابُ الذام لم يبقَ مشرَبٌ
يعاشُ به إِلا لَديَّ ومَأْكلُ
ولكنَّ نفسًا حرَّةً لا تُقيمُ بي
على الضيم إلا ريثما أَتحوَّلُ
وأطوي على الخُمْصِ الحوايا كما انطوت
خيوطه مارى تُغارُ وتفتلُ
وأغدو على القوت الزهيد كما غدا
أَزَلُّ تهاداهُ التنائفُ أَطحلُ[18]


وإذا كان الجوع أقسى ما يصبه الفقر من سياط على جسد الفقير فإنَّ هناك سياطًا أخرى لا تقل قسوة عن سياط الجوع، ولكنَّها سياط نفسية يصيبها الفقر على نفس الفقير.



والحديث عن هذه السياط النفسية يطول؛ لأنها تختلف باختلاف النفسيات ووقع الفقر عليها. وقد حاول صاحب "الفلاكة والمفلوكين"[19] أن يحصرها، فعقد في كتابه فصلًا طويلًا «في الآفات التي تنشأ من الفلاكة، وتستلزمها الفلاكة وتقتضيها»[20]، وعدَّ منها الآلام العقلية، وهو تعبير يرادف ما نعبر عنه بالآثار النفسية، وحصرها في ثلاثة أنواع، وحاول أن يدلل على هذا التقسيم الثلاثي تدليلًا عقليًّا منطقيًّا تكثر فيه الحدود والأقسام والمقدمات والنتائج. ولكن هذه المحاولة -من وجهة النظر العلمية الحديثة - غير دقيقة، فإنَّ هذه الآثار النفسية ليس من اليسير حصرها، فليست المسألة مسألة منطقية تقبل القسمة العقلية، ولكنها مسألة نفسية تتصل بالنفس البشرية، تلك النفس الغامضة الممعنة في الغموض ذات السراديب العميقة، والأسرار الدفينة المكبوتة.



ويحاول علماء النفس المحدثون دراسة هذه المسألة وأشباهها على أساس ما يسمونه "بالعقد النفسية"، ومن بين هذه العقد عقدة يسمونها "عقدة الفقر"، وهي تلك التي تتكون نتيجة للإحساس بالفقر، وتدفع صاحبها في محاولة التعويض عن الشعور بالنقص إلى العمل على أن يصير غنيًّا[21]. فهذه العقدة هي المحور الذي تدور حوله تلك الآثار النفسية التي يخلفها الفقر في نفس الفقير.



والمتأمل في أخبار الصعاليك وأشعارهم يلفت نظره شعور حاد بالفقر، وإحساس مرير بوقعه على نفوسهم، وشكوى صارخة من هوان منزلتهم الاجتماعية وعدم تقدير المجتمع لهم، وعجزهم عن الأخذ بنصيبهم من الحياة كما يأخذ سائر أفراد مجتمعهم، أو الوقوف معهم على قدم المساواة في معترك الحياة، لا لأنهم هم أنفسهم عاجزون، وإنما لأن مجتمعهم ظلمهم، وحرمهم من تلك العدالة الاجتماعية التي يطمح إليها كل فرد في مجتمعه، وجرّدهم من كل الوسائل المشروعة التي يواجهون بها الحياة كما يواجهها غيرهم ممن توافرت لهم هذه الوسائل.



فقيس بن الحدَاديَّة[22] يرى أنه لا يساوي عند قومه «عنزًا جرْباء جذْماء»[23]. وفي أخبار الشنفرى أن قومه قتلوا رجلًا في خفرة بعض الفهميين، «فرهنوهم الشنفرى وأمه وأخاه، وأسلموهم، ولم يفدوهم»[24]، وخبر تلك اللطمة التي لطمتها الفتاة السَّلاميَّة للشَّنْفرى، والتي كانت السبب المباشر في تصعلكه؛ لأنها أنكرتْ عليه أن يتسامى إلى مقامها الاجتماعي، ويرفع الحواجز الاحتماعية التي تفصل بين طبقتيهما، ويناديها بأخته، خبر كبير الدلالة على ما كان يعانية هؤلاء الصعاليك من مجتمعهم[25].



وينظر هؤلاء الفقراء الجياع، المحتقرون من مجتمعهم، المنبوذون من إخوانهم في الإنسانية، إلى الحياة ليشقوا لهم طريقًا في زحمتها، وقد جُرِّدوا من كل وسائلها المشروعة، فلا يجدون أمامهم إلا أمرين: إما أن يقبلوا هذه الحياة الذليلة المهينة التي يحيونها على هامش المجتمع، في أطرافه البعيدة، خلف أدبار البيوت، يخدمون الأغنياء، أو ينتظرون فضل ثرائهم، أو يستجدونهم في ذلة واستكانة، وإما أن يشقوا طريقهم بالقوة نحو حياة كريمة أبية، يفرضون فيها أنفسهم على مجتمعهم، وينتزعون لقمة العيش من أيدي مَنْ حرموهم منها، دون أن يبالوا في سبيل غايتهم أكانت وسائلهم مشروعة أم غير مشروعة، فالحق للقوة، والغاية تبرر الوسيلة.



وقد سلك الصعاليك السبيلين، أو -بعبارة أدق- انقسموا مع هذين السبيلين إلى طائفتين: طائفة قبلت ذلك الوضع الاجتماعي الذليل، رضيه لهم ضعف في النفس أو ضعف في الجسد أو ضعف في النفس والجسد جميعًا، وطائفة رفضت ذلك الوضع، وأبت أن تعيش تلك الحياة الساقطة التافهة المهينة، ووجدت في القوة، قوة النفس وقوة الجسد، وسيلة تشق بها طريقها في الحياة.



وفي شعر عروة موازنة طريفة بين هاتين الطائفتين، يعقدها أبو الصعاليك في دقة وبراعة، ويصور فيها اختلاف ما بينهما في الشخصية، وأسلوب الحياة والغاية التي تنتهي إليها كل منهما[26].



وتتجلى قوة نفوس هذه الطائفة الثانية من الصعاليك في استهانتهم بالحياة في سبيل الوصول إلى الغاية التي يسعون إليها. إنهم يريدون أن يحققوا لهم مكانة في هذا المجتمع الذي يحتقرهم ويستهين بهم عن طريق فرض أنفسهم بالقوة عليه، وهم في سبيل هذا لا يبالون بشيء، حتى بالحياة نفسها، فهم جميعًا مؤمنون بفكرة الفناء في سبيل المبدأ، وما قيمة الحياة إذا عاش الإنسان فقيرًا محتقرًا، منبوذًا من مجتمعه، مجفوًا من أقاربه؟ إنَّ الموت في هذه الحالة خير من الحياة:

إذا المرءُ لم يَبْعث سَوَامًا ولم يَرُحْ
عليه، ولم تعطف عليه أَقاربُهْ
فللموتُ خيرٌ للفتى مِنْ حياته
فقيرًا، ومِنْ موْلى تدبُّ عقاربه[27]
فقلت له: ألا احْيَ، وأنت حر
ستشبعُ في حياتك أَو تموتُ[28]
فسر في بلاد الله والتمس الغنى
تعش ذا يسار أَو تموتَ فتُعْذَرا[29]


وفيم الخشية من الموت؟ إن كل حي ملاقيه، سواء مَنْ خاطر بنفسه ومن أحجم، بل إن الموت قد يصيب المتخلف في أهله وينجو منه المغامر المخاطر:

أرى أمَّ حسّان الغداةَ تلومني
تخوفني الأَعداءَ والنفس أَخْوَفُ
لعلَّ الذي خوَّفتنا مِنْ أَمامنا
يصادفه في أَهله المتخلف[30]


ومهما يمدُّ الله في عمر الإنسان فالموت في انتظاره مُشْرعةً أسنَّته:

وإِني، وإن عُمِّرت، أَعلم أَنني *** سألقى سنان الموت يبرق أَصْلعا[31]



فالموت نهاية كل حي، لن ينجو منه أحد مهما يُحِط نفسَه بأبواب قويّة وحراس أشدّاء:

لو كنتُ في رَيمانَ تحرُسُ بابه
أَراجيلُ أُحبوشٌ وأغضَفُ آلِفُ
إِذن لأَتتني حيثُ كنتُ منيَّتي
يخبُّ بها هاد بأَمريَ قائفُ[32]


وهي ميتة واحدة يلقاها الإنسان ثم لا تتكرر:

دعيني، وقولي بعدُ ما شئتِ، إِنني *** سيُغْدَى بنعشي مرَّةً فأغيَّبُ[33]



ثم ما الذي يغري الصعلوك على التمسك بالحياة والحرص عليها؟ إنَّ أحدًا لا يرغب في حياته، وإن أحدًا لن يبكي عليه بعد موته. إنه يعيش وحيدًا، ويموت وحيدًا:

إذَا ما أتتني ميتتي لم أبالها *** ولم تذْرِ خالاتي الدموعَ وعمَّتي[34]



وصعاليك هذه الطائفة جميعا ذوو عزيمة قوية صادقة، لا يثنيهم شيء عن هدفهم الذي يسعون إليه إلَّا الموت، يقول تأبَّط شرًّا مصورًا صدق عزيمته وقوَّة نفسِه:

وكنتُ إذا ما هممتُ اعتزمتُ *** وَأَحْر إذا قلتُ أنْ أفعلا[35]



وإذا كانت الحياة قد قست عليهم فإنهم لن يستكينوا لها، وإذا كانت تعمل على إخضاعهم وإذلالهم فإنَّهم سيقفون في وجهها، ويتحدَّونها، ويشنون عليه حربًا لا هوادة فيها، وإذا كانت قد ألقت بهم في الرغام فإنهم سينهضون برغم كل شيء. ولعل هذا البيت الذي قاله أبو خِراشٍ الهذلي الصعلوك في رثاء أخٍ له يعبّر تعبيرًا دقيقًا عن تلك القوة النفسية التي كان يتمتع بها كل صعلوك من صعاليك هذه الطائفة:

ولكنَّه قد نازَعته مجاوعٌ *** على أنَّه ذو مِرَّة صادقُ النهض[36]

هكذا كانت نفسية هؤلاء الصعاليك، كلٌ منهم "قد نازعته مجاوع"، ولكن كلًّا منهم "ذو مِرَّة صادق النهض".



ومن عناصر قوتهم النفسية أنفتهم من القيام بتلك الأعمال التي يصح أن يطلق عليها "الأعمال الفرعية في المجتمع القبلي"، وهي تلك التي كان يقوم بها العبيد وأشباههم، ويأنف السادة من القيام بها، كخدمة الإبل والقيام بأمرها[37]. ويصرح تأبَّط شرًّا بترفعه على هذه الأعمال الفرعية وبأنَّه يأنف من القيام بها:

ولستُ بتِرعِيٍّ طويل عَشاؤُهُ *** يؤنفها مستأْنَفَ النبت مُبْهِلِ[38]



ويصرح مرَّة أخرى بأنه يخجل من الوقوف وسط قطعان الغنم، وقد حمل في يده عصا طويلة حتى أشبه ذلك الطائر المائي الطويل المنقار وقد وقف في مستنقع من مستنقعات المياة الضحلة:

ولستُ براعي ثَلَّة قام وَسطها *** طويل العصا غُرْنيق ضحل مُرَسَّل[39]



فهم لا يرتضون لأنفسهم إلا تلك الأعمال الأساسية التي يقوم عليها المجتمع البدوي كالغزو والإغارة. يقول تأبَّط شرًّا:

متى تبغني ما دمتُ حيًّا مسلَّمًا *** تجدني مع المسْتَرْعل المتَعبْهِل[40]

ولكنَّه في الطليعة المتقدمة بين القادة والأبطال.



ثمَّ هم -برغم فقرهم وما يلاقونه من مجتمعهم - كرماء، حتى ليُضرب بهم المثل في الكرم[41]، ويُقرَن عروةُ بحاتم الطائي الذي يُعدُّ في نظر العرب المثل الأعلى للجود والسخاء، وقد قال عبد الملك بن مروان: من زعم أن حاتمًا أسمح الناس فقد ظلم عُروةَ بنَ الورْدِ[42] وأبدى تعجبَّه من أن الناس ينسبون الجود والسخاء إلى حاتم ويظلمون عروة[43]، ووصفه الأصمعيُّ بأنَّه "شاعر كريم"[44]. والواقع أننا لسنا في حاجة إلى هذه الشهادات وأمثالها؛ لأنَّ أخبار عروة نفسها تفيض بأحاديث كرمه، بل إنَّ الرغبة في الكرم التي كانت تملأ عليه نفسه كانت بعضَ الدوافع التي دفعته إلى تلك الثورة الاقتصادية التي أعلنها في المجتمع الجاهلي:

يُريح على الليل أضيافَ ماجد
كريم، ومالي سارحًا مالُ مُقتِرِ[45]
أيهلك معتمٌّ وزيدٌ ولم أقم
على ندَب يومًا ولي نفس مخْطِر[46]


وهي تلك الثورة التي كانت تدفعه إلى مهاجمة الأغنياء البخلاء ليوزِّع ما يغنمه منهم على الفقراء الذين كانوا يلتفُّون حوله، ويلوذون به في سني الجدب والقحط والجفاف[47]. وهو -قبل هذا كله- صاحب هذه الأبيات الجميلة التي يصور فيها كرمه تصويرًا رائعًا على حظٍّ كبير من الإنسانية، فيراه مشاركة الفقراء له في إنائه، واكتفاءه هو بالماء الخالص في أيام الشتاء الباردة ليوفر طعامهم، بل يراه تقسيمًا لجسمه في أجسامهم حتى أصبح هزيلًا شاحبًا:

إنِّي امرؤٌ عافى إِنائي شرْكةٌ
وأنت امرؤٌ عافي إِنائك واحدُ
أتهزأ منِّي أنْ سمنتَ وقد ترى
بجمسي مسَّ الحق، والحقُّ جاهدُ
أُقسِّم جسمي في جسومٍ كثيرةٍ
وأحسو قرَاحَ الماءِ والماءُ باردُ[48]


وتنتشر أحاديث هذا الكرم في شعره انتشارًا واسعًا[49]، حتى لتكاد كل صفحة من ديوانه تنطق بهذه الأحاديث التي كان يراها:

أحاديث تبقى، والفتى غيرُ خالدٍ *** إذا هو أمْسَى هامةً فوق صَيَّرِ[50]



وهي أحاديث كان كلُّ صعلوك يحرص على أن تبقى له بعد موته. وفي قافية تأبَّط شرًّا المفضليّة المشهورة دفاعٌ قويٌّ عن كرمه وإسرافه اللذين جرَّا عليه كثيرًا من اللوم والعذل والتأنيب:

بلْ منْ لعذَّالة خذَّالة أَشِبٍ
حرَّقَ باللوْم جلدي أيَّ تَحراقِ
يقولُ أهلكتَ مالًا لو قنِعتَ به
من ثوب صدْق ومِن بَزٍّ وأَعْلاق
عاذلتي إنَّ بعض اللوْم مَعْنَفَةٌ
وهل متاعٌ، وإن إبقيته، باق[51]


أما مادة هذا الكرم فهي -بطبيعة الحال- ما يغنمونه من غزواتهم في أرجاء الجزيرة العربية، وغاراتهم على القبائل أو على القوافل التجارية أو على طبقة الأغنياء البخلاء. فقد كانت هذه الغنائم تتيح لهم فرصة - مهما تكن قصيرة - لكي يتشبهوا بالسادة الأغنياء في البذل والعطاء واكتساب المحامد.



وهكذا "كان الصعلوك، فزع البرية، ينقلب في أعقاب غزواته الناجحة سيّدًا كريمًا نبيلا، يَصُف على المواقد الإبل التي نهبها ليطعم منها التيامى والأرامل"[52]. فالغزوة والغارة والسلب والنهب ليست عندهم وسائل للغنى وجمع المال فحسب، ولكنها أيضا وسائل للبذل والعطاء، واكتساب المحامد، والتشبه بالسادة الأغنياء في الكرم والجود. وإذا كانت هاتان الغايتان تتنازعان نفوس الصعاليك، وتتجاذبانها كل إليها، على نحو ما نرى عند تأبط شرا الذي يصرح في قافيته المفضلية بأن المال وسيلة للكرم، ووسيلة "لتسديد الخلال" أيضا[53]، فإن الغاية الأخيرة وحدها كانت هي الغاية الأساسية عند عروة الذي خلصت نفسه تماما من هذا التنازع وهذه المجاذبة:

دَعيني أَطوِّفْ في البلاد لعلني
أفيد غنى فيه لذي الحق محمِلُ
أليس عظيمًا أن تلمَّ ملمَّة
وليس علينا في الحقوق معوَّل
فإن نحن لم نملك دفاعًا بحادث
تلمُّ به الأيام فالموت أَجملُ[54]


فطلب الغنى عند عروة ليس هدفًا في ذاته، ولكنه وسيلة للكرم وقضاء الحقوق والتشبه بالسادة.

وإلى جانب هذه القوة النفسية التي كان هؤلاء الصعاليك يمتازون بها كانوا يتمتعون أيضا بالشجاعة والجرأة وقوة الجسد.



وتفيض أخبارهم وأشعارهم بأحاديث هذه القوة، كما تتردد هذه الأحاديث في أخبار معاصريهم وفي شعرهم أيضا. يقول تأبَّط شرًّا مفتخرًا بقوَّته:

وما وَلدَتْ أمي من القوم عاجزًا *** ولا كان ريشي من ذُنابي ولا لَغْبِ[55]



ويصرح الشَّنْفرَى - في اعتدادٍ بنفسه - بأنَّه يقدم في شجاعة وجرأة حيث يقف الجبان هلعًا جزوعًا:

إذا خشعت نفس الجبان وخَيَّمتْ *** فلي حيث يخشى أَن يجاوز مخشَفُ[56]



ويرسم عمرو بن معديكرب الفارس المشهور صورة للسُّليك بنِ السُّلَكة يصفه فيها بأنَّه "كالليث يلحظ قائمًا"، وبأنَّه:

له هامة ما تأكل البيض أُمَّها *** وأشباح عاديٍّ طويل الرواجب[57]



ويرسم أبو كبير الهذلي في أبياته اللامية التي رواها أبو تمام في حماسته[58] صورة قوية لتأبط شرا، يصور فيها قوته وصلابته وخفته، وسرعة عَدْوه، وجرأة قلبه، وشدة مراسه، ومضاء عزيمته، وكيف أعدته الطبيعة منذ طفولته المبكِّرة، بل من قبل طفولته، ليكون قويًّا يستطيع أن ينهض بالعبء الذي ستلقيه الحياة على عاتقه فيما بعد، ذلك العبء الثقيل الذي لا يستطيع أن ينهض به إلا من أعدته الطبيعة له إعدادًا خاصًّا، وهي صورة متكاملة الجوانب، دقيقة الخطوط، واضحة الألوان، يرسمها الشاعر لتأبَّط شرًّا، ولكنها تصلح أيضا لكل صعلوك من أولئك الصعاليك الأقوياء الذين روَّعوا الجزيرة العربية في عصرها الجاهلي، وأثاروا في أرجائها الرعب والفزع.



وحقًّا لقد كان هؤلاء الصعاليك فزعًا رهيبًا في هذا المجتمع الجاهلي، حتى لنسمع أن فارسًا من فرسانه المعدودين، وهو عمرو بن معديكرب، يصرح بأنه لا يخشى أحدًا من فرسان العرب إلا أربعة، أحدهم السُّليك بن السُّلكة[59]، وأنه يستطيع وحده أن يحمي الظعينة ويخترق بها أعماق الصحراء ما لم يلقه واحدٌ من هؤلاءِ الأربعة[60]. وحسْب السُّليك أن يُقْرَن بعامر وعتيبة وعنترة، وأن يخشى بأسه عمرو بن معديكرب.



والواقع أن هذه الشجاعة الفائقة لم تكن مقصورة على صعلوك دون صعلوك، وإنما كانت صفة يمتاز بها كلُّ صعاليك هذه الطائفة، حتى أصبح الصعلوك مثلًا يُضرب في الشجاعة[61]. أما أولئك الصعاليك الذين عرفوا بالفرار فإنهم كانوا يعدونه لونًا من ألوان قوَّتهم الجسدية؛ لأنَّه المجال الذي يظهرون فيه شدة عدوهم، كما كانوا يرون فيه وسيلة للنجاة حتى يستأنفوا القتال في ظروف أشد ملاءمة لهم. يقول أبو خراش الهذلي الصعلوك:

فإن تَزْعُمي أني جبنتُ فإنني
أفرُّ وأَرمي مرّةً كل ذلك
أقاتلُ حتى لا أَرى لي مُقَاتَلًا
وأنجو إذا ما خفتُ بعض المهالكِ[62]


فهو يدافع عن فراره، ويرى أنه ليس دليلا على جبنه، وإنما هو "خطة موضوعة" يضطر إليها حين يصبح القتال "مغامرة انتحارية" لا أمل فيها، حتى ينجو من هلاك محقَّق، فيستأنف القتال حين يصبح القتال أمرًا مضمون العاقبة.



ومن أشد ما يلفت النظر من مظاهر هذه القوة الجسدية سرعة العدو الخارقة للعادة التي اشتهرت بها هذه الطائفة من الصعاليك، حتى ليطلق عليهم أحيانًا اسم "العدائين"[63]، أو"الرجليين" أو "الرجيلاء"[64]، كأنما أصبحت سرعة العدو ظاهرة مميزة لهم، وصفة ملازمة يعرفون بها. والمثل يضرب بجماعة منهم في سرعة العدو، فيقال "أعدى من الشَّنفرَى"[65]، و"أعدى من السُّليك"[66]، و"أمضى من سليك المقانب"[67]. وتصفهم مصادر الأدب العربي بأنَّهم "أشدُّ الناس عدْوًا"[68]، أو أنهم "لا يحارون عدوا"[69]، أو "يُلحقون"[70]، أو يعدون عدوا يسبقون به الخيل[71]، أو لا تعلق بهم الخيل[72]، أو لم تلحقهم الخيل[73].



وتفيض هذه المصادر بأحاديث عدوهم وأخبار سرعتهم، وتبالغ فيها مبالغة تبدو أحيانًا غير مقبولة، فتأبَّط شرًّا "كان أعدى ذي رجلين وذي ساقين وذي عينين، وكان إذا جاع لم تقم له قائمة، فكان ينظر إلى الظباء، فينتقي على نظره أسمنها، ثم يجري خلفه، فلا يفوته حتى يأخذه فيذبحه بسيفه، ثم يشويه فيأكله"[74]. وفي أخبار حاجز الأزدي أن أباه قال له: "أخبرني يا بنيَّ بأشد عَدْوك، قال: نعم، أفزعتني خثعم، فنزوت نزوات، واستفزتني الخيل، واصطف لي ظبيان، فجعلت أنهنههما بيدي عن الطريق لضيقه، ومنعاني أن أتجاوزهما في العدو لضيق الطريق، حتى اتسع واتسعت بنا فسبقتهما"[75]. وفي أخبار السليك أن بني كنانة قالوا له حين كبر: "إن رأيت أن ترينا بعض ما بقي من إحضارك، فقال: اجمعوا لي أربعين شابًا، وابغوني درعًا ثقيلة. فأخذها فلبسها، وخرج الشباب، حتى إذا كان على رأس ميل أقبل يُحضر، فلاث العدو لوثا، واهتبصوا في جنبتيه فلم يصحبوه إلا قليلا، فجاء يحضر منتبذا حيث لا يرونه، وجاءت الدرع تخفق في عنقه كأنها خرقة"[76]. وفي أخبار أبي خراش أنه دخل مكة "وللوليد بن المغيرة المخزومي فرسان يريد أن يرسلهما في الحلبة، فقال للوليد: ما تجعل لي إن سبقتهما؟ قال: إن فعلت فهما لك، فأرسلا وعدا بينهما فسبقهما، فأخذهما"[77].



ويذكر الرواة أن خطو الشنفرى ذُرع ليلة قُتل، "فوجد أول نزوة نزاها إحدى وعشرين خطوة، والثانية سبع عشرة خطوة، والثالثة خمس عشرة خطوة"[78]. ومن الطريف أن يصف تأبط شرا رفيقه في الصعلكة الشنفرى حين يعدو بأنه "قد طار"[79]، أو يصف عدو عمرو بن براقة بأنه "مثل الريح"[80]، أو نسمعه يقسم بقوله "والذي أعدو بطيره"[81]، وهو قسم يستمد طرافته من ذكر الطير فيه. وعقد صلة بينها وبين عدوه، كأنهما أصبح الصعلوك يعدو بأجنحتها.



وفي كل مناسبة يردد هؤلاء الصعاليك في شعرهم أحاديث عدوهم وسرعتهم. وهم يتحدثون عنها دائما في اعتداد وفخر كبيرين؛ إذ يرون فيهما ميزة تفردوا بها من بين سائر البشر، ووسيلة تعينهم على الحياة، وتيسر لهم سبل النجاة. يقول تأبط شرا مفتخرًا بسرعته التي أنجته من أعدائه وما أرسلوه خلفه من خيل سريعة:

ليلة صاحوا وأغرَوا بي سرَاعهم
بالعَيْكتين لدى معدَى ابن براق
كأنما حثحثوا حُصًّا قوادمه
أو أم خِشف بذي شَثٍّ وطُبَّاق
لا شيءَ مني، ليس ذا عُذَر
وذا جناح بجنب الرَّيد خفاق
حتى نجوتُ ولما ينزعوا سَلَبي
بوالهٍ من قَبِيض الشد غَيْداق[82]


إنه سريع كالظليم أو الظبية، بل إنه أسرع من كل شيء حتى الخيل الجياد والطير الجارحة فوق قمم الجبال. ويصرح أبو خراش بأن سرعة عدوه هي التي أنجته من موت محقق، فلولاها لآمت امرأته ويتم ابنه:

تقول ابنتي لما رأَتني عشيَّةً
سَلمْتَ وما إِن كدتَ بالأمس تَسْلمُ
ولولا دِراكُ الشد قاظت حليلتي
تخيَّر من خطابها وهي أَيِّمُ
فتقعد أو ترضى مكاني خليفةً
وكاد خراشٌ يومَ ذلك يَيْتَم[83]


وفي لامية العرب صورة قوية لهذه السرعة نرى فيها الصعلوك يسبق القطا الظامئة وهي تسرع إلى الماء:

وتشربُ أسآرى القطا الكُدْر بعدما
سرَتْ قربًا أحشاؤها تتصَلصَلُ
هممتُ وهمتْ، وابتدرنا، وأَسدلتْ
وشمَّر مني فارطٌ متمهِّلُ
فوليتُ عنها وهي تكبو لعُقره
يباشره منها ذُقونٌ وحَوْصَلُ[84]


إنها مباراة طريفة يقدمها لنا الشاعر بينه وبين القطا في الوصول إلى الماء، تنتهي بفوزه عليها، وإدراكه الماء قبلها، بل لقد شرب وارتوى قبل أن تصل هي، فلما وصلت لم تجد إلا سؤرًا تشربه من بعده.



ولعل أقوى صورة رسمها صعلوك لهذه السرعة هي تلك الصورة التي رسمها تأبَّط شرًّا، والتي نرى فيها الصعلوك يسبق الريح بسرعته الفائقة:

ويَسْبقُ وَفْدَ الريح مِن حيثُ يَنْتَحى *** بمنْخَرِقٍ من شَدِّهِ المتدَارِكِ[85]



بل إنَّ الأمر ليصل بحاجز الأزدي إلى أن يفدِّي رجليه بأمه وخالته، وماذا أفاد من أمه وخالته سوى تلك الحياة القاسية المحتقرة التي جرَّتاها عليه بلونهما الأسود؟ أما رجلاه فهما كل شيء في حياته، ولولاهما لفقد الحياة نفسَها، وإذا كانت أمه وخالته سبب ما يلاقيه في حياته فإن رجليه سبب إنقاذه مما يلاقيه فيها:

فدًى لكما رِجليَّ أمي وخالتي *** بسعيكما بين الصَّفا والأثائبِ[86]



وعلى ما في أحاديث هذا العدو في أخبار الصعاليك وشعرهم من مبالغات يقف المرء عندها متسائلا: أيمكن أن يكون هذا صحيحًا؟ فإنها -على كل حال- تصوِّر ظاهرة لا شك في حقيقتها المجردة، وهي أن هؤلاء الصعاليك كانوا يمتازون بسرعة في العدو خارقة للعادة، وهي سرعة لفتت أنظار الرواة فسجلوها بما فيها من مبالغات، واستقرت في أذهان الناس فضربوا بها الأمثال، ووجد فيها بعض الشعراء المتأخرين مادة يستغلونها في فنهم، ويستخدمونها في تشبياتهم وصورهم الفنية[87].



المصدر: الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، يوسف خليف، دار المعارف


[1] التبريزي: "شرح حماسة أبي تمام" (2/ 9).

[2] "الأغاني" (3/ 77).

[3] المصدر نفسه/ 38، وغلق الرهن في يد المرتهن: استحله، وذلك إذا لم يقدر الراهن على افتكاكه في الوقت المشروط.

[4] "ديوانه" / 198.

[5] "ديوانه" / 191.

[6] "ديوانه" / 99.

[7] البيهقي: "المحاسن والمساوئ" / 301.

[8] Groves; Personality And Secial Adjustment, P. 270.

[9] ابن دريد: "الاشتقاق" / 246.

[10] انظر حديث الأصمعي في "الأغاني" 14/ 39.

[11] في القرآن الكريم: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾ [سورة الإسراء آية: 31]، انظر أيضا سورة الأنعام آية: 151.

[12] "الأغاني" (3/ 81، 82).

[13] انظر على سبيل المثال "شرح ديوانه" لابن السكيت/ 103، 104.

[14] "الأغاني" (21/ 60).

[15] "الأغاني" (18/ 135) - وأسدف الرجل: أظلمت عيناه من الجوع.

[16] "شرح أشعار الهذليين" (1/ 58) - والتوالب: الجحاش، ويريد بهم أبناءه الصغار. والمصرم: الفقير.

[17] "ديوانه" / 106.

[18] القالي: "النوادر" / 204 - والمطال: المماطلة. الطول: المن. الذام: العيب. الخمص: ضمور البطن أو الجوع. الحوايا: الأمعاء. ماري: اسم رجل أو اسم للفاتل. تغار: تحكم. الأزل: خفيف الوركين، صفة للذئب. التنائف: جمع تنوقة، وهي المفازة. الأطحل: الذي لونه بين الغبرة والبياض.

[19] شهاب الدين الدلجي، وقد عقل الفصل الأول من كتابه في تحقيق معنى المفلوك، وقال فيه: "هذه اللفظة تلقيناها من أفاضل المعجم، ويريدون بها بشهادة مواقع الاستعمال الرجل الغير المحفوظ المهمل في الناس لإملاقه وفقره "ص3"، فهي تقرب من كلمة "الصعلوك" في دائرتها اللغوية.

[20] انظر الفصل الرابع، ص14 وما بعدها.

[21] Grove; Personality And Social Adjustment, P. 231.

[22] اختلفوا في ضبط اسم أمه بين كسر الحاء وضمها: أما ابن دريد فهي عنده بالضم "الاشتقاق/ 277"، وكذلك ابن عبد ربه "العقد الفريد" (3/ 383)"، ولكنها عند السمعاني في "الأنساب" بالكسر، أما المرزباني فإنه يذكر الضبطين فيقول "والحدادية أمه، وهي من بني حداد من كنانة، وقوم يجعلونها من حداد محارب، وحداد بالضم من كنانة، وحداد بالكسر من محارب" "معجم الشعراء" / 325. وهكذا يتضح أن الاختلاف في ضبط الاسم راجع إلى الاختلاف في القبيلة التي تنتسب إليها أم الشاعر، وهي عند ابن حبيب وأبي الفرج من محارب، وعند ابن الأعرابي من كنانة "من نسب إلى أمه من الشعراء" / 6، و"الأغاني" (13/ 2 – بولاق).

[23] انظر: "الأغاني" (13/ 8 - بولاق).

[24] ابن الأنباري: "شرح المفضليات" / 197، 198.

[25] انظر المصدر السابق/ 195، 196، و"الأغاني" (21/ 134 وما بعدها).

[26] انظر أبياته الرائية "لحا الله صعلوكا" في "ديوانه" / 73-82. و"جمهرة أشعار العرب" / 115. و"الأصمعيات" / 29، 30. وانظر: (ص329) من هذا البحث.

[27] عروة أيضا انظر: "ديوانه" / 150، 151 - والبيتان يرويهما أبو تمام في "حماسته" لأبي النشناش، وهو لص من تميم إسلامي، مع اختلاف في الألفاظ "انظر: "الحماسة" (1/ 166، 167).

[28] عروة: "ديوانه" / 166.

[29] عروة أيضا: "ديوانه" / 191.

[30] عروة أيضا: "ديوانه" / 91.

[31] تأبط شرا: "الأغاني" (18/ 217).

[32] أبو الطحان القيني: "الأغاني" (11/ 132 – بولاق) - ريمان: حصن باليمن، وأراجيل: جمع راجل، وأحبوش: الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة. والأغضف: الكلب المسترخي الأذن. والآلف: المستأنس بمن يحرسهم، من الإلف.

[33] الشنفرى: "الأغاني" (18/ 216)، و"ديوانه" / 32.

[34] الشنفرى أيضا: "الأغاني" (21/ 139)، و"المفضليات" / 206.

[35] ابن قتيبة: "الشعر والشعراء" /171، و"حماسة ابن الشجري" / 47. ويذكر De Goeje ناشر "الشعر والشعراء" في تعليقه على هذا البيت أن في بعض المخطوطات "فعلت" مكان "اعتزمت"، وهي عندي أدق في تأدية المعنى.

[36] "حماسة أبي تمام" (2/ 145)، و"ديوان الهذليين" (2/ 158)، وفيه "مخلص" مكان "مجذوع".

[37] "العبد لا يحس الكر، وإنما يحسن الحلاب والصر. عنترة: "الأغاني" (8/ 239)، وفي شعر السليك إشارة إلى قيام العبيد والإماء برعي الإبل "الأغاني" (18/ 134).

[38] "لسان العرب": مادة "رعى" - الترعي: الذي يجيد رعية الإبل، أو من صناعته وصناعة آبائه الرعي. ويؤنفها: أي يتتبع بها أنف المرعى أي التي لم ترع. وأبهل إبله: تركها مهملة.

[39] "لسان العرب": مادة "رسل" - الثلة: جماعة الغنم. والغرنيق: طائر مائي. ورجل مرسل: كثير الرسل أي اللبن.

[40] "لسان العرب": مادة "رعل"، ومادة "عبهل" - المسترعل: الذي ينهض في الرعيل الأول، أو الخارج في الرعيل، أو هو قائد الفرسان. والمتعبهل: الممتنع الذي لا يمنع.

[41] "كل صعلوك جواد" "الميداني: "مجمع الأمثال" (2/ 90).

[42] "الأغاني" (3/ 74).

[43] انظر ابن السكيت: "شرح ديوان عروة" / 190.

[44] الأصمعي: "فحولة الشعراء" "مخطوطة" ورقة رقم 3 - والمرزباني: "الموشح" / 80.

[45] "ديوانه" / 85 – و"الأصمعيات" /30.

[46] "ديوانه" / 83 – و"الأصمعيات" / 30.

[47] انظر: "الأغاني" (3/ 78-79).

[48] "ديوانه" / 138-141.

[49] انظر على سبيل المثال: "ديوانه" /60، 61، 62، 71، 72، 85، 95، 96، 138، 139، 140، 141، 155، 164، 165، 166، 167، 181.

[50] "ديوانه" / 64 – و"لسان العرب": مادة "صير" - والصير: القبر.

[51] "المفضليات" / 18 - عذالة وخذالة للمبالغة. والأشب: المخلط عليه المعترض. والأعلاق: الأشياء النفسية.

[52] .Lammens; Le Berceau De I'Islam, vol. I, P. 190

[53] انظر: "المفضليات" /19 - الخلال: خصاصات الفقر، جمع خلة.

[54] "ديوانه" / 206.

[55] "لسان العرب"، مادة "لغب" - الذنابي: ذنب الطائر أو منبت الذنب. واللغب: الريش الفاسد.

[56] "الأغاني" (21/ 141)، وفي "ديوانه" / 39 "وآب إذا أجرى الجبان وظنه" ولا معنى له - خيم: أقام حيث هو فلم يبرح، أو جبن ونكص. والمخشف: الجريء على هول الليل، وهو هنا صفة للقلب.

[57] ابن قتيبة: "الشعر والشعراء" / 216، 217 - أم كل شيء، أصله وعماده، وأم الرأس: الدماغ أو الجلدة الرقيقة التي عليها. والبيضة: خوذة الحديد. وعادى: كأنه من قوم عاد. والرواجب: مفاصل الأصابع.

[58] انظر: (ج1 ص82-89).

[59] "ما أبالي من لقيت من فرسان العرب ما لم يلقني حراها وهجيناها" يعني بالحرين عامر بن الطفيل، وعتيبة بن الحارث بن شهاب، وبالعبدين عنترة، والسليك بن السلكة، "الأغاني" (8/ 246).

[60] "لو سرت بظعينة وحدي على مياه معد كلها ما خفت أن أغلب عليها، ما لم يلقني حراها أو عبداها، فأما الحران فعامر بن الطفيل، وعتيبة بن الحارث بن شهاب، وأما العبدان أسود بني عبس "يعني عنترة" والسليك بن السلكة، وكلهم قد لقيت، فأما عامر بن الطفيل فسريع الطعن على الصوت، وأما عتيبة فأول الخيل إذا أغارت وآخرها إذا آبت، وأما عنترة فقليل الكبوة شديد الجلب، وأما السليك فبعيد الغارة كالليث الضاري" "الأغاني 14/ 28، فشرح ابن الأنباري على "المفضليات" / 704، 705، وانظر أيضا أسامة بن منقذ: "لباب الآداب" / 181".

[61] "كان يقاتلهم بجنده مقاتلة الصعلوك" "من حديث لرسول المهلب يصف فيه للحجاج قتاله الخوارج – انظر: المسعودي: "مروج الذهب" (2/ 148).

[62] "ديوان الهذليين" (2/ 169)، و"حماسة الخالديين" "مخطوطة" ورقة رقم 397.

[63] انظر على سبيل المثال: "الأغاني" (18/ 133، 210) - والبغدادي: "خزانة الأدب" (2/ 17) - والميداني: "مجمع الأمثال" (1/ 43)، والنيسابوري: "لطائف المعارف" مصورة (لوحة رقم 77) – و"تاج العروس": مادة "شفر" ومادة "شنفر".

[64] في "تاج العروس" "مادة رجل" "والرجيلاء كغميصاء، والرجليون محركة، قوم كانوا يعدون". وهما تسميتان تترددان كثيرا في مصادر الأدب العربي وفي كتب اللغة، انظر على سبيل المثال: ابن قتيبة: "الشعر والشعراء" / 214 - والمرزباني: "معجم الشعراء" / 468 - والآمدي: "المؤتلف والمختلف" / 67 - والمبرد: نسب عدنان وقحطان/ 9 - وابن حبيب: "المحبر" / 433 - وابن دريد: "جمهرة اللغة" (1/ 140) - وابن عبد ربه: "العقد الفريد" (3/ 347).

[65] الميداني: "مجمع الأمثال" (1/ 430) – و"تاج العروس": مادة "شفر" ومادة "شنفر".

[66] المصدران السابقان: الميداني/ 431 - والتاج: مادة "سلك".

[67] الميداني: "مجمع الأمثال" (2/ 233) - و"الأغاني" (18/ 137) - وابن عبد ربه: "العقد الفريد" (3/ 70) - وابن دريد: "جمهرة اللغة" (1/ 323).

[68] "الأغاني" (18/ 134) - والنيسابوري: "لطائف المعارف"، لوحة 77.

[69] المرزباني: "معجم الشعراء" / 468.

[70] "الأغاني" (18/ 133)، (20/ 20).

[71] "الأغاني" (12/ 49 – بولاق).

[72] "الأغاني" (18/ 133، 134) - وابن قتيبة: "الشعر والشعراء" / 214.

[73] البغدادي: "خزانة الأدب" (2/ 16).

[74] "الأغاني" (18/ 210).

[75] "الأغاني" (12/ 49، 50 – بولاق).

[76] ابن قتيبة: "الشعر والشعراء" / 214 - اهتبصوا: أسرعوا أو بالغوا في العدو.

[77] "الأغاني" (21/ 75).

[78] البغدادي: "خزانة الأدب" (2/ 18).

[79] ابن الأنباري: "شرح المفضليات" / 6.

[80] "الأغاني" (18/ 210).

[81] المصدر السابق/ 211.

[82] "المفضليات" / 7-11. والعيكتان: اسم موضع. حثحثوا: حركوا، من الحث. القوادم: ما يلي الرأس من ريش الجناحين، والحص: التي تناثر ريشها وتكسر، وهذه دلالة على السرعة والخفة، وقوله: "حصا قوادمه" يعني الظليم. الخشف: ولد الظبية. الشت والطباق: نبتان من نبت السراة. العذر: ما أقبل من شعر الناصية على الوجه، ويعني بذي عذر فرسا.

الريد: حرف الجبل الذي يشرف على الهواء. الواله: الذاهب العقل فليس يستبقي من جهده في عدوه شيئا. القبيض: السريع. الشد: العدو. الغيداق: الكثير الواسع.

[83] "ديوان الهذليين" (2/ 148). و"الأغاني" (21/ 56، 57). وحماسة الخالديين "مخطوطة" ورقة رقم 25 - قاظت: أقامت.

[84] القالي: "النوادر" / 205 - القرب: طلب الماء ليلا. الأحناء: الجوانب. تتصلصل: تصوت. الفارط: المتقدم. العقر: مقام الساق من الحوض.

[85] "حماسة أبي تمام" (1/ 48) - المنخرق: السريع. المتدارك: المتلاحق.

[86] "الأغاني" (12/ 52 – بولاق) - وحاجز من أغربة العرب سرى إليه السواد من أمه "تاج العروس، مادة "غرب"" والأثائب: شجر ينبت في بطون الأودية.

[87] انظر على سبيل المثال: وصف جران العود للقوادة "ابن قتيبة: "الشعر والشعراء" / 452"، ووصف البحتري للمفازة "ديوانه" / 73، ووصف ابن الرومي لشهر الصيام "ديوانه" (1/ 77).




رد مع اقتباس
قديم 02-26-2020, 02:18 PM   #2


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1025
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 08-13-2022 (12:26 PM)
 المشاركات : 46,177 [ + ]
 التقييم :  140354
لوني المفضل : أ‌أ‡أ‘أ›
افتراضي



كل الشكر سلطان الزين


 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 02-26-2020, 10:13 PM   #3


الصورة الرمزية رآنيا
رآنيا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1318
 تاريخ التسجيل :  Jul 2019
 أخر زيارة : 05-24-2023 (03:28 AM)
 المشاركات : 9,458 [ + ]
 التقييم :  287005
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
افتراضي



الله يعطيك العافية ع المعلومات القيمة
وبارك الله فيك

~


 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 02-27-2020, 01:42 PM   #4


الصورة الرمزية سلطان الزين
سلطان الزين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1246
 تاريخ التسجيل :  Nov 2018
 العمر : 48
 أخر زيارة : 10-03-2023 (02:16 PM)
 المشاركات : 11,105 [ + ]
 التقييم :  88705
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Blue
افتراضي



كل الشكر لمروركم العطر والجميل...


 


رد مع اقتباس
قديم 03-03-2020, 01:19 PM   #5


الصورة الرمزية واثـــ الخطوة ـــــق
واثـــ الخطوة ـــــق غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Sep 2015
 أخر زيارة : 04-16-2024 (09:04 AM)
 المشاركات : 81,634 [ + ]
 التقييم :  455574
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Blue

اوسمتي

افتراضي



بارك الله جهودك


 
 توقيع :




رد مع اقتباس
قديم 03-31-2020, 06:55 PM   #6


الصورة الرمزية شــ ッ ــوق الاماني
شــ ッ ــوق الاماني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 77
 تاريخ التسجيل :  Nov 2015
 أخر زيارة : 09-19-2020 (02:23 PM)
 المشاركات : 203,049 [ + ]
 التقييم :  468006
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


بكره تصير احلامنا تشبه الّشمس،
ونصحى على جّو الفرح و الأماني

لوني المفضل : Black

اوسمتي

افتراضي



طرح جميل
سلمت اناملك


 
 توقيع :

اللــھــم لا تكسر لي قلب ولا خاطر



حين اذهب الى السماء دون أن أودعكم فاهمسوا لي بدعوات خفيۃ دائماً




شكراً لادارة منتدى جمانۃ علے التكريم الأكثر من رائع




رد مع اقتباس
قديم 08-10-2020, 01:36 PM   #7


الصورة الرمزية الدهيمانة
الدهيمانة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1227
 تاريخ التسجيل :  Oct 2018
 أخر زيارة : 08-10-2020 (01:37 PM)
 المشاركات : 39 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : أ‌أ‡أ‘أ›
افتراضي



قصةمعبرّة ...جزاك الله خيرا


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

مركز تحميل Top4toP


الامتدادات المسموحة: PMB | JPG | JPEG | GIF | PNG | ZIP

الساعة الآن 06:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.