ننتظر تسجيلك هـنـا


جديد المواضيع



القصص والروايات مينا الروايات وامواج من القصص القصيرة -للمنقــول-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-05-2017, 04:41 PM
منى غير متواجد حالياً
Syria     Female
اوسمتي
وسام المشرفة المتميزة 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 516
 تاريخ التسجيل : Jul 2016
 فترة الأقامة : 2813 يوم
 أخر زيارة : 06-24-2019 (05:11 PM)
 الإقامة : في قلب من أحب
 المشاركات : 28,202 [ + ]
 التقييم : 115704
 معدل التقييم : منى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond reputeمنى has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

اوسمتي

Icon23 قصص من التاريخ الإسلامي



مساء الورد
موضوعي اليوم سيكون عبارة عن قصص من التاريخ الإسلامي حتى نتعرف على تاريخ ديننا العظيم ..
كل محتوى هذا الموضوع سيكون عن قصص التاريخ الإسلامي فقط
لمن يحب المشاركة ..
أتمنى تفاعلكم و مشاركتكم
لسموكم باقات الورد
اليوم سأبدأ بقصة سيف الله المسلول ( خالد بن الوليد )




طفولة خالد بن الوليد
ولد خالد بن الوليد في مكة المكرمة بين ستة إخوة، وأرسل كسائر إخوته إلى الصحراء ليعيش مع مرضعته ويعتاد على جو الصحراء الصعب الذي يشد من عوده ويقوي عضله، وعندما بلغ الخامسة من العمر عاد ليعيش مع والديه في مكة، حيث تعلم فيها الفروسية وركوب الخيل في سن مبكرة، وتميّز عن أقرانه بفطنته وحسن تدبيره وسرعة بديهته وذكائه.

الصفات الشكلية لخالد بن الوليد
كان خالد بن الوليد طويل القامة وضخم الجسم وعريض الأكتاف أبيض اللون ذو لحية كثيفة، وكان يشبه بشكله عمر بن الخطاب كثيراً حيث كان ضعاف النظر لا يفرقون بينهما،، وأصيب خلال صغره بمرض الجدري الذي خلف بعض الآثار على خده الأيسر.

خالد بن الوليد قبل إسلامه
لم يرد الكثير في كتب التاريخ عنه قبل إسلامه، ومن المعروف أنّه لم يخض معركة بدر مع المشركين ضد الرسول عليه الصلاة والسلام والمسلمين، على العكس من أخيه الوليد بن الوليد الذي تعرض للأسر في هذه المعركة وقام خالد بن الوليد بالتوجه إلى يثرب لفدية أخاه، وبعد عودتهما إلى مكة بفترة قصيرة هرب الوليد إلى يثرب معلناً إسلامه.

شارك خالد بن الوليد في غزوة أحد وكان قائد ميمنة جيش المشركين، واستطاع بفطنته الحربية ودهائه وسرعة بديهته على تحويل هزيمة المشركين إلى نصرٍ حاسم، كما خاض معركة الخندق ضد المسلمين وكان تحت إمرته 200 جندي لتأمين مؤخرة جيش المشركين من المسلمين، وكان ممّن عارضوا دخول المسلمين إلى مكة في صلح الحديبية.

إسلام خالد بن الوليد
عندما توجه المسلمون إلى مكة في عام 7 من الهجرة أرسل الوليد بن الوليد رسالةً إلى أخيه خالد بن الوليد يدعوه فيها إلى الإسلام وترك الجهل والضلال الذي يعيش فيه، وتحرك فؤاد خالد إلى هذا الكلام وتوجه مع عثمان بن طلحة إلى يثرب لإعلان إسلامهما، والتقيا في الطريق إلى يثرب بعمرو بن العاص الذي كان متوجهاً لإعلان إسلامه أيضاً.

سيف الله المسلول
أطلق الرسول عليه الصلاة والسلام لقب سيف الله المسلول على خالد بن الوليد بعد إظهاره للفطنة، واليقظة، والذكاء، والمكر، في معركة مؤتة، الذي استطاع من خلالها تحويل مجريات معركة مؤتة بين الروم والمسلمين بشكل سريع، وجلب النصر للمسلمين بعد استشهاد قادة جيش المسلمين الثلاثة وتوليه زمام أمور الجيش. شارك خالد بن الوليد في حروب الردة في عهد أبي بكر الصديق، وكان له دور فعال في الفتوحات الإسلامية في العراق وبلاد الشام.

إسلام خالد بن الوليد
في عمرة القضاء قال النبي للوليد بن الوليد أخيه: "لو جاء خالد بن الوليد لقدّمناه". فكتب "الوليد" إلى "خالد" يرغِّبه في الإسلام، ويخبره بما قاله رسول الله فيه، فجاء الكلام عل هوى خالد بن الوليد و أعلن إسلامه، وقد سُرَّ النبي بإسلام خالد بن الوليد، وقال له حينما أقبل عليه: "الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألاَّ يسلمك إلا إلى خير".
أسلم خالد بن الوليد في (صفر 8هـ/ يونيو 629م)، أي قبل فتح مكة بستة أشهر فقط، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين.
وشارك بعدها في الفتوحات الإسلامية ، والمشاركة في حملات المسلمين إلى جانب الرسول الكريم ، كـغزوة مؤتة وفتح مكة ، قام الخليفة عمر بن الخطاب بعزله عن قيادة الجيوش ، خوفاً من إفتتان الناس به ، فأصبح تابعاً لجيش الصحابي إبن الجراح ، ومن ثم إنتقل للإقامة في حمص إلى أن وافته المنية على فراش المرض .

شجاعة خالد بن الوليد
في غزوة مؤتة
أرسل النبي سرية الأمراء إلى "مؤتة" للقصاص من قتلة "الحارث بن عمير رسولِهِ إلى صاحب بُصْرَى. وجعل النبي على هذا الجيش زيد بن حارثة، ومن بعده جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة رضي الله عنهم جميعًا، فلما التقى المسلمون بجموع الروم، استشهد القادة الثلاثة الذين عيَّنهم النبي ، وأصبح المسلمون بلا قائد، فاختاروا خالد بن الوليد لأن موقفهم أصبح حرجًا.
أعاد خالد بن الوليد تنظيم صفوف المسلمين بحنكته ومهارته ، كما أعاد الثقة إلى نفوسهم. اندفع خالد بن الوليد إلى صفوف العدو يُقاتل فيهم حتى تكسرت في يده تسعة أسياف، و عند حلول الليل غيَّر خالد بن الوليد نظام جيشه، فجعل مقدمته مؤخرته، ووضع من بالمؤخرة في المقدمة، وكذلك فعل بالميمنة والميسرة، وأمرهم يثيروا الغبار حتى يتَوّهم جيش الروم أن هناك مدد قدم، ولهذا قد تسهّل على خالد بن الوليد مهمة الانسحاب بأمان لأن الروم لم يجرؤوا على مطاردة المسلمين؛، وقد اعتبر رسول الله ذلك فتحًا من الله على يد خالد بن الوليد.

في قتال أعداء الله
ولّى الرسول صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على إمارة عدد كبير من السرايا وذلك بسبب حظيه بثقة النبي كما وجعله على مقدمة جيش المسلمين في العديد من الغزوات ؛ ففي "غزوة حنين" كان خالد بن الوليد على مقدمة خيل "بني سليم" في نحو مائة فارس، خرجوا لقتال قبيلة "هوازن" في شوال 8هـ ، قاتل بشجاعة، وبقي ثابتاً في المعركة بعد أن فرَّ من كان معه من بني سليم، وبقي يقاتل ببسالة وبطولة حتى أثخنته الجراح البليغة،و هذه الجراح البليغة لم تمنع خالدًا أن يكون على رأس جيش المسلمين حينما خرج إلى الطائف لحرب "ثقيف" و"هوازن". و في السنة 9هـ بعث النبي خالد بن الوليد إلى "بني المصطلق" ؛ بعدما بلغه أنهم ارتدوا عن الإسلام، ليقف على حقيقة أمرهم، فأتاهم خالد بن الوليد ليلاً، وبعث عيونه إليهم، فعلم أنهم على إسلامهم، فعاد إلى النبي ، فأخبره بخبرهم.

في قتال المرتدين
بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- هناك منهم من ادَّعى النبوة، ومنهم هناك من تمرد على الإسلام ومنع الزكاة، وهناك من ارتدَّ عن الإسلام، وقد وقع اضطراب كبير، واشتعلت الفتنة وزكّى نيرانها كثير من أعداء الإسلام . فشارك في قتال المرتدين بكل شجاعة و حزم وبنصيب وافر في التصدي لهذه الفتنة والقضاء عليها وكان ذلك في عهد أبي بكر الصديق.
ازدادت فتنة و خطر طليحة بن خويلد الأسدي بعد وفاة النبي والتف الكثير من القبائل حوله،فاستطاع خالد أن يُلحِق بطليحة وجيشه هزيمة منكرة، وبعد ذلك فرَّ "طليحة" على إثرها إلى الشام، ثم أسلم وحسن إسلامه.

في القضاء على فتنة مسيلمة الكذاب
أرسل أبو بكرالصديق عكرمة بن أبي جهل لقتال مسيلمة، ولكنه هزم، فأرسل بعده شرحبيل بن حسنة و هزموا مرةً ثانية؛ مما وزاد المصيبة ثقلاً على المسلمين و رفع من الروح المعنوية لأتباع "مُسَيْلمة الكذَّاب"، وتعاظمت ثقتهم بالنصر، فقام أبو بكر الصديق بإرسال خالد بن الوليد إليهم.
التقى الجمعان بـ"عقرباء"، ودارت معركة عنيفة بين الجانبين، قاد مسيلمة جيشه الذي يزيد على الأربعين ألف مقاتل لمجابهة خالد الذي لم يكن جيشه يزيد على ثلاثة عشر ألف مجاهد في سبيل الله، دارت معركة عنيفة، وازدادت أعداد القتلى، وثبت "مسيلمة" رغم كثرة أعداد القتلى من جيشه، وأدرك خالد بن الوليد أنه لن ينتهي القتال إلا بقتل " مسيلمة "، فدنا من "مسيلمة" فأرهقه بالقتال وأدبر، ونادى مسيلمة في قومه: الحديقةَ الحديقةَ؛ فدخلوا (حديقة الموت) وأغلقوها عليهم، وأحاط المسلمون بهم، فصرخ البراء بن مالك قائلاً:" يا معشر المسلمين، احملوني على الجدار اقتحم عليهم". فحملوه، وقاتلهم على الباب حتى تمكن من فتحه للمسلمين، فدخلوا، وقاتلوا قتالاً شديدًا، وأتى وحشيّ بن حرب فهجم على مسيلمة بحربته، وضربه رجل من الأنصار بسيفه، فقُتل. وهكذا انتهت المعركة بهزيمة "بني حنيفة" ومقتل "مسيلمة"، وقد استشهد في تلك الحرب عدد كبير من المسلمين بلغ أكثر من ثلاثمائة وستين من المهاجرين والأنصار.

في فتوحات العراق
بعد أن قضى أبو بكر الصديق على فتنة الردة ، توجه أبو بكرالصّدّيق مع بدايات عام 12هــ إلى العراق لتأمين حدود الدولة الإسلامية، وكسر شوكة الفرس المتربصين بالإسلام.
كان المثنى بن حارثة يقاتل في العراق عندما كانت جيوش المسلمين تحارب المرتدين، وبعد الانتهاء من قتال المرتدين بقيادة خالد بن الوليد ، أصدرأبو بكر الصديق أوامره لخالد بن الوليد وعياض بن غنم -رضي الله عنهما- بالتوجه إلى العراق، فتوجه خالد بن الوليد إلى العراق، وحقق عددًا من الانتصارات على الفرس في "الأُبُلَّة" و"المذار" و"الولجة" و"أُلَّيْس"، وواصل تقدمه نحو "الحيرة" ففتحها بعد أن صالحه أهلها على الجزية.
واصل خالد بن الوليد في فتوحاته حتى فتح جانبًا كبيرًا من العراق، ثم قصد "الأنبار" ليفتحها، لكن تفاجأ بأن أهلها قاموا بتحصينها ، فقد قاموا بحفر خندق عظيم حولها يصعب اجتيازه، فأمر خالد بن الوليد جنوده برمي جنود الأنبار المتحصنين بالسهام في عيونهم،ثم نحرالإبل الضعاف والهزيلة و رمى بها في أضيق جانب من الخندق، حتى صنع جسرًا استطاع العبور عليه هو وفرسان المسلمين تحت عدد كبير جدا من السهام الذين أطلقهم رماة جيشه لحمايتهم من الأعداء المتربصين بهم من فوق أسوار الحصن العالية المنيعة. فلما رأى قائد الفرس ما صنع خالد بن الوليد وجنوده، استسلم و طلب الصلح، وأصبحت الأنباربعد ذلك في قبضة المسلمين.

في الغيرة على دين الله
عن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها. قال:" فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل، والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل؛ فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء. قال: فبلغ ذلك النبي ، فقال: "ألا تأمنونني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحًا ومساء".
قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كثّ اللحية، محلوق الرأس مشمر الإزار فقال: يا رسول الله، اتقِ الله. قال: "ويلك! أوَ لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟!"
قال: ثم ولَّى الرجل، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: "لا، لعله أن يكون يصلي". فقال خالد بن الوليد*: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه. قال رسول الله*: "إني لم أُومَرْ أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم". قال: ثم نظر إليه وهو مُقَفٍّ فقال: "إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".

وفاة خالد بن الوليد
كان خالد يتمنى بأن يموت شهيداً في ساحة المعركة ، وفي أيامه الأخيرة وبعد أن شعر بدنو أجله قال كلماته الشهيرة*: " لقد شهدت مائة زحفٍ أو زهاءها ، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربةً بسيف ، أو رميةً بسهم ، أو طعنةً برمح ، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي ، كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء " .
و لما حضرته الوفاة قال: "لقد طلبت القتل فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي، وما من عمل أرجى من لا إله إلا الله وأنا متتَرِّس بها". ثم قال: "إذا أنا مت فانظروا سلاحي وفرسي، فاجعلوه عُدَّة في سبيل الله".
وقد تُوفِّي خالد بن الوليد بحمص في 18 من رمضان 21هـ. وعندما تلقى المسلمين نبأ وفاة خالد حزنوا لفراقه حزناً شديداً وكان الخليفة عمر بن الخطاب من أشد المسلمين حزناً لوفاته ، حتى أنه لم يستطع أن يمنع الناس من بكائهم عليه ، وردد ( على مثل أبا سليمان تبكي البواكي ) .



 توقيع :
دمشقية و في عروقي يجري الياسمين


رد مع اقتباس
قديم 10-07-2017, 12:03 AM   #2


الصورة الرمزية واثـــ الخطوة ـــــق
واثـــ الخطوة ـــــق غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Sep 2015
 أخر زيارة : 03-27-2024 (09:14 PM)
 المشاركات : 81,634 [ + ]
 التقييم :  455574
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Blue

اوسمتي

افتراضي



تم الختم

تم التثبيت

متابع


 
 توقيع :




رد مع اقتباس
قديم 10-07-2017, 05:21 PM   #3


الصورة الرمزية منى
منى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 516
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 أخر زيارة : 06-24-2019 (05:11 PM)
 المشاركات : 28,202 [ + ]
 التقييم :  115704
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



شكري و امتناني لتواجدكَ و كرمكَ
وردي و ودي

منى


 


رد مع اقتباس
قديم 10-07-2017, 05:27 PM   #4


الصورة الرمزية منى
منى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 516
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 أخر زيارة : 06-24-2019 (05:11 PM)
 المشاركات : 28,202 [ + ]
 التقييم :  115704
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي





اليوم سنكون مع

( صلاح الدين الأيوبي )

صلاح الدين الأيوبي هو الملك الناصر يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني التكريتي المولود عام 1138م في تكريت العراقيّة، والملقّب بصلاح الدين الأيوبي، وهو القائد العسكري الذي أسس الدولة الأيوبيّة التي تمّ من خلالها توحيد مصر والشام والحجاز واليمن وتهامة.

قاد صلاح الدين الأيوبي العديد من الحملات والمعارك ضد الفرنجيين والصليبيين الأوروبيين من أجل استعادة أراضي بيت المقدس التي استولوا عليها في القرن الحادي عشر، ولهذا القائد العظيم مكانة رفيعة في العالمين العربي والغربي بسبب حسن تعامله ورقي أخلاقه.

بماذا اشتهر صلاح الدين الأيوبي
كان صلاح الدين الأيوبي من أتباع المذهب السني والطريقة القادريّة، وهو مسلم متصوف أشعري، ويقال بأنّه كان يأخذ المشورة من المتصوفين الأشعريين للوصول إلى الحكمة والرأي السديد، واشتهر صلاح الدين بتسامحه ورحابة صدره، ومعاملته الإنسانيّة للأعداء، بالإضافة إلى شجاعته مقطوعة النظير، حيث إنّه من أكثر الشخصيّات التي مرّت عبر التاريخ التي يحترمها الناس سواء من الديانة المسيحيّة أو الإسلاميّة.
أبرز ما اشتهر به صلاح الدين الأيوبي
اتّصف صلاح الدين الأيوبي بالأخلاق الحميدة والصفات المميّزة التي جعلت منه شخصيّةً محبوبةً ومهابة، ومن هذه الصفات:
نقاء السريرة لديه وحسن العقيدة: لقد كان صلاح الدين كثير الذكر لله تعالى، وشديد المواظبة على الصلاة في أوقاتها وفي أغلب الأحيان جماعة حتى عُرِف عنه أنه كان 4لسنين طويلة يُصلّي جماعة، وإذا مرِض يُحضِر الإمام عنده ويكلّف نفسه القيام ويصلي جماعة، كما أنه كان مواظباً على السنن والرواتب وقيام الليل، وقد كان ملتزماً بإخراج الزكاة وصوم رمضان وصوم أيامٍ زائدة لتعويض ما قد يصيب صيامه من نقص، حتى في أيام مرضه كان مواظباً على الصوم.
كان أيضاً ممن يحبون سماع القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة بشغف، حتى إنّه كان يشترط في إمامه أن يكون عالماً بالقرآن الكريم ومتقناً لحفظه، وكان كثير التعظيم لشعائر الدين، وحسن الظن بالله تعالى متوكلاً عليه.
العدل: من أبرز صفاته رحمه الله تعالى إقامته للعدل، فقد كان يؤمن أنّ العدل أحد نواميس الله في كونه وبأنه ثمرة من ثمرات الإيمان.
الشجاعة: الشجاعة صفة ضروري تواجدها في الملك القائد حتى يبث الرعب لدى الأعداء وتسكن هيبته القلوب، وكذلك كان صلاح الدين بل من أعظم الشجعان، شديد البأس لا يخاف في الحق لومة لائم.
الكرم: تعتبر صفة الكرم من أبرز الأخلاق الكريمة التي يتصف بها أشراف الناس، وقد كان صلاح الدين من أكرم الناس، حتى إنّه عند وفاته لم يجدوا في خزانته إلّا سبعة وأربعسن درهماً ناصرية من الفضة، ومن الذهب إلا جرام واحد صوري.
الجهاد: كان صلاح الدين عظيم الاهتمام بالجهاد والمواظبة عليه، لقد كان شغوفاً ومحباً له؛ حيث لم يكن يسيطر على عقله وحديثه إلا الجهاد والحث عليه، وترَك الدنيا وما فيها من أهل وأولاد ووطن، وكان همّه هو الجهاد والفتوحات الإسلامية.

كتب العديد من المؤرخين الغربيين الصليبيين عن بسالة صلاح الدين، وخاصةً عندما حاصر قلعة الكرك في مؤاب، وبذلك كسب احترام جميع خصومه أمثال ملك إنجلترا الملك ريتشارد الأول المعروف بقلب الأسد، وبذلك تحوّل الكره والعداء له في الدول الأوروبيّة الغربيّة إلى رمز للفروسيّة والشجاعة، كما أنه ذُكر في العديد من القصص والأشعار التي انتشرت في تلك الفترة.

إنجازات صلاح الدين الأيوبي
تعمير المساجد والمدارس، وبناء الأحصنة والقلاع، والتي من أشهرها قلعة الجبل التي شيّدت في القاهرة.
القضاء على الخلافة الفاطميّة التي استمرّ حكمها لمدّة مئتين واثنين وستين عاماً.
برم صلح الرملة مع قادة الحملات الصليبيّة.
الاستعداد والتحضير لمواجهة الصليبيين لمدّة لا تقل عن عشر سنوات.
الانتصار على الصليبيين في معارك عديدة؛ ومنها: معركة حطين التي استعاد فيها بيت المقدس من سيطرة الصليبيين.
التصدي للحملات الصليبيّة مرة أخرى، والتي جاءت لإعادة السيطرة على بيت المقدس.
تولى الحكم على مصر، وجعل مناصب الدولة تحت حكم أنصاره وأقربائه، وعاش المصريون حينها حالة من الرخاء الاقتصادي والأمان، وخاصةً الفلاحين.
فتح العديد من مناطق الشام، ودمشق، وضمها إلى ملكه وسيطرته.

وفاة صلاح الدين الأيوبي
أصيب صلاح الدين الأيوبي بمرض الحمى الصفراويّة، وهذا ما أدى إلى إصابته بالأرق والضعف، وعدم قدرته على النوم أثناء الليل، واشتدّ عليه المرض شيئاً فشيئاً حتى توفي بتاريخ 4 آذار من عام 1193م، وكان موته فاجعة للمسلمين بشكلٍ عام، ولأهل دمشق بشكلٍ خاص، وعند تشييعه بكاه الكثير من الأشخاص، وتأثر الناس بوفاته كثيراً، ولا سيما الفرنج، وذلك لصدقه ووفائه وحسن عشرته.


 


رد مع اقتباس
قديم 10-09-2017, 05:24 PM   #5


الصورة الرمزية منى
منى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 516
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 أخر زيارة : 06-24-2019 (05:11 PM)
 المشاركات : 28,202 [ + ]
 التقييم :  115704
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



اليوم قصتنا عن
( سيدنا عمر بن الخطاب )



عمر بن الخطّاب
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبدالله، كنيته عمر أبو حفص، أنجبت له زوجاته ثلاثة عشر ولداً تسعة منهم ذكور وأربع إناث الذكور هم: زيد الأكبر، وزيد الأصغر، وعبد الرحمن الأكبر، وعبد الرحمن الأوسط، وعبد الرحمن الأصغر، وعبد الله، وعياض، وعبيد الله، وعاصم، والإناث هنّ: فاطمة، وحفصة، ورقية، وزينب، ذكور، لقّبه رسول الله عليه الصلاة والسّلام بالفاروق لتحريره الحقّ والصّدع به دون أن تأخذه في الله لومة لائم.

كان عمر بن الخطّاب من أشرف رجال قريش، وإليه كانت السّفارة في الجاهليّة، فقد كانت قريش إذا ما وقعت حرب بينها وبين غيرها ، تبعث عمر سفيراً.

اسلام عمر بن الخطاب

كان عمر بن الخطاب في الجاهلية شديداً على المسلمين و المسلمات ، يتعدى عليهم و يتفنن في تعذيبهم ، و قد فقد المسلمون الأمل في إسلامه لما رأوا منه من قسوة على الإسلام و المسلمين ، إلا أن هذا كله لم يجعل النبي عليه الصلاة و السلام يفقد الامل من إسلامه ، و قد كان عليه السلام يقول*: اللهم اعز الإسلام بعمر ، و استجاب الله نعالى دعاء رسوله و أسلم عنر بن الخطاب، و آذوه و تنكروا له حتى من كانوا رفاقه في الجاهلية

قال عمر بن الخطاب*: لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أي أهل مكةأشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت ؛ قال*: قلت*: أبو جهل - وكان عمر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة - قال*: فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه .

قال*: فخرج إلي أبو جهل ، فقال*: مرحبا وأهلا بابن أختي ، ما جاء بك ؟ قال*: جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد ، وصدقت بما جاء به ؛ قال*: فضرب الباب في وجهي وقال*: قبحك الله ، وقبح ما جئت به

إضافة لذلك ، فقد شعر الكفار بقوة المسلمين التي تتنامى و تزداد و ان قوتهم تتراجع

أما أثر إسلام عمر بن الخطاب على المسلمين فقد كان كبيراً ، فقد فرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً و قويت شوكتهم و ارتفعت معنوياتهم قال البكائي ، قال*: حدثني مسعر بن كدام ، عن سعد بن إبراهيم ، قال*: قال عبد الله بن مسعود*: إن إسلام عمر كان فتحا ، وإن هجرته كانت نصرا ، وإن إمارته كانت رحمة ، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه


و قال ابن مسعود أيضاً*: ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة ، حتى أسلم عمر ( بن الخطاب ) ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلىالحبشة .
و هكذا ، بلغ بلغ عدد المسلمين بإسلام عمر أربعين رجلاً مسلماً و إحدى عشرة إمرأة

زهد عمر بن الخطاب
كانَ عمر بنُ الخطّاب إماماً في الزُّهدِ، فَقَد رَغِبَ عن الدّنيا، وَرَكَلَها و هي رَاغِبَةٌ فيه ابْتغاءَ ما عندِ الله من نَعيمٍ مُقيم، وَلَقَد شَهِد لَهُ صحابةُ رسولِ الله الّذينَ عاشروهُ وَعَمِلوا مَعَهُ و رافقوه، وَمِن ذَلكَ عن مُعاوِيَة رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ: ( أرَادَت الدُّنيا عُمَرَ بنَ الخطّاب فَلَم يُرِدْها) وَقَالَ طَلْحَةُ بن الزُّبَيْر: ( مَا كان عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بأوّلِنا إسلامَاً ولا أَقْدَمِنا هِجْرَة، ولكنَّهُ كان أزهَدَنا في الدُّنيا وأرغَبَنا في الآخِرَة ).

وَرَوى ثابت أَنَّ عُمَرَ استَسقَى، فأُتِيَ بإِناءٍ مِنْ عَسَل فَوَضَعَهُ عَلى كَفِّه، قَال: فَجَعَلَ يَقولُ: "أََشرَبُها فَتَذهَبُ حَلاوَتُها، وَتَبقى نِقْمَتُها"، قَالَها ثلاثًا، ثمّ دَفَعَهُ إِلى رَجُلٍ مِنَ القَومِ فَشَرِبَهُ.

وَقَد جَاءَ أيضاً أنّه قَدمَ علَى أَميرِ الْمؤْمنِينَ عُمَرَ وَفدٌ مِن أَهل الْبصْرةِ مَعَ أَبِي مُوسَى الأشعَريِّ، قَالَ*: فَكُنَّا نَدْخل علَيه، وَله كلَّ يَوْمٍ خُبْزٌ يلَتُّ، وَرُبَّمَا وَافَيْنَاهُ مَا دَوَّمَ بِسَمْنٍ، وَأَحْيَانًا بِزَيْتٍ، وَأَحْيَانًا بِاللَّبَنِ، وَرُبَّمَا وَافَقْنَا الْقَدَائِدَ الْيَابِسَةَ قَدْ دُقَّتْ، ثُمَّ أُغْلِيَ بِمَاءٍ، وَرُبَّمَا وَافَقْنَا اللَّحْمَ الْغَرِيضَ وَهُوَ قَلِيلٌ، فَقَالَ لَنَا يَوْمًا: " إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ أَرَى تَعْذِيرَكُمْ ، وَكَرَاهِيَّتَكُمْ طَعَامِي، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَكُنْتُ أَطْيَبَكُمْ طَعَامًا ، وَأَرَقَّكُمْ عَيْشًا، أَمَا وَاللَّهِ مَا أَجْهَلُ عَنْ كَرَاكِرَ وَأَسْنِمَةٍ، وَعَنْ صِلاءٍ، وَعَنْ صَلائِقَ، وَصِنَابٍ، قَالَ جَرِيرٌ: الصِّلاءُ الشِّوَاءُ، وَالصِّنَابُ الْخَرْدَلُ، وَالصَّلائِقُ الْخُبْزُ الرِّقَاقُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَيَّرَ قَوْمًا بِأَمْرٍ فَعَلُوهُ، فَقَالَ: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا. سورة الأحقاف آية 20 " ، قَالَ*: فَكَلَّمَنَا أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ ، فَقَالَ: لَوْ كَلَّمْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَفَرَضَ لَكُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ طَعَامًا تَأْكُلُونَهُ، قَالَ: فَكَلَّمْنَاهُ، فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الأمَرَاءِ، أَمَا تَرْضَوْنَ لِأَنْفُسِكُمْ مَا أَرْضَى لِنَفْسِي " ، قَالَ*: فَقُلْنَا*: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الْمَدِينَةَ أَرْضٌ الْعَيْشُ بِهَا شَدِيدٌ، وَلا نَرَى طَعَامَكَ يُغْشَى، وَلا يُؤْكَلُ، وَإِنَّا بِأَرْضٍ ذَاتِ رِيفٍ، وَإِنَّ أَمِيرَنَا يُغْشَى، وَإِنَّ طَعَامَهُ يُؤْكَلُ ، قَالَ*: فَنَكَّسَ عُمَرُ سَاعَةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: " قَدْ فَرَضْتُ لَكُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَاتَيْنِ ، وَجَرِيبَيْنِ، فَإِذَا كَانَ بِالْغَدَاةِ فَضَعْ إِحْدَى الشَّاتَيْنِ عَلَى أَحَدِ الْجَرِيبَيْنِ، فَكُلْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ، ثُمَّ ادْعُ بِشَرَابٍ فَاشْرَبْ، قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: يَعْنِي الشَّرَابَ الْحَلالَ، ثُمَّ اسْقِ الَّذِي عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ قُمْ لِحَاجَتِكَ، فَإِذَا كَانَ بِالْعَشِيِّ فَضَعِ الشَّاةَ الْغَابِرَةَ عَلَى الْجَرِيبِ الْغَابِرِ، فَكُلْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ، أَلا وَأَشْبِعُوا النَّاسَ فِي بُيُوتِهِمْ، وَأَطْعِمُوا عِيَالَهُمْ، فَإِنَّ تَجْفِينَكُمْ لِلنَّاسِ لا يُحْسِنُ أَخْلاقَهُمْ، وَلا يُشْبِعُ جَائِعَهُمْ، وَاللَّهِ مَعَ ذَلِكَ مَا أَظُنُّ رُسْتَاقًا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ شَاتَانِ وَجَرِيبَانِ إِلّا يُسْرِعُ ذَلِكَ فِي خَرَابِهِ "

وَقَد كانَ زُهْدُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حتّى في ثيابه، فَقَد كَانَ يَلبَسُ الخَشِنَ منَ الثّيابِ وَقَد كانت ثيابُهُ مُرقّعَةً، فَقَد قيلَ أنَّهُ فَتَحَ القُدسَ وَعَليهِ ثوبَهُ المُرَقَّع، وَكانَ يَخْطُب بالنّاسِ وَهُوَ خليفة وَعَليهِ إزارٌ فيه اثنَتَا عَشَرَةَ رُقْعَةً.

تواضع عمر بن الخطّاب
لو بحثنا في سيرة حياة سيّدنا عمر بن الخطاب لوجدنا أنّ أبغض شيءٍ إلى نفسه الكبر والتكبّر، فقد كان يمقت استعلاء الناس؛ ذلك لأنّ الكبرياء لله وحده، وقد كان يراقب نفسه مراقبةً شديدةً، ويقف لها بالمرصاد، ويذلّها حتّى لا تطمع أو يركبها الغرور.

صعد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يوماً إلى المنبر، وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيّها النّاس لقد رأيتني ومالي من أكال بأكله الناس إلا أن خالات من بني مخزوم، فكنت استعذب لهنّ الماء فيقبضن لي القبضات من الزّبيب، ثم نزل عن المنبر، فقيل له: ماذا أردت إلى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إنّي وجدت في نفسي شيئاً فأردت أن أطأطئ منه.

وممّا جاء في تواضعه أيضاً ما روي عن الحسن قال: خرج عمر بن الخطاب في يوم حارٍ واضعاً رداءه على رأسه، فمرّ به غلام فقال: يا غلام، احملني معك، فوثب الغلام عن الحمار، وقال: اركب يا أمير المؤمنين، قال: لا أركب وأنا أركب خلفك تريد أن تحملني على المكان الواطىء، وتركب أنت على الموضع الخشن، فركب خلف الغلام، فدخل المدينة وهو خلفه والنّاس ينظرون إليه.

وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يجد شيئاً في نفسه إذا ما قام بخدمة أحدٍ من الناس و مساعدتهم، وكان يهمّ إلى الخدمة والمساعدة كلّما وجد وقتاً لذلك، ومن ذلك أنّه كان يتسابق مع سيدنا أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه في خدمة عجوز عمياء، فكان يهيّئ لها الطعام ويكنس لها المنزل.

وممّا جاء في تواضعه رضي الله عنه أنّه كان لِلْعبَّاس ميزابٌ علَى طَريق عُمَرَ بن الْخطَاب ، فلبسَ عمرُ ثيابه يوم الجمعةِ، وقد كَانَ ذبح لِلعبَاسِ فرخينِ، فلمّا وَافَى الْميزَاب صبَّ ماءً بدمِ الْفرخيْنِ، فَأصاب عُمَرَ وفيه دم الْفرخيْنِ، فَأمر عمر بِقلعهِ، ثُمَّ رجع، فطرح ثيابهُ وَلبسَ ثِيابهُ، ثُمَّ جَاءَ فصلَّى بالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ، فقالَ: واللَّه إِنَّه لِلْموْضع الَّذِي وضعه النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ، فقالَ عمر للعبَّاسِ: وأنَا أَعْزِمُ عليْك لَمَا صعدْت على ظَهْرِي حتَّى تضَعه في الموْضعِ الَّذي وضعَ رَسولُ اللَّهِ، ففعلَ ذلكَ الْعبَّاس.

شجاعة عمر بن الخطاب

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً شجاعاً لا يخشى الموت أو يهابه ، و كان أول من يتقدم الصفوف في ساحات المعارك و الوغى ، و قد تحدى عمر بن الخطاب قريشاً بإسلامه دون أن يخشى في ذلك بطش أحد ، و قد ناله ما ناله من الأذى و التنكيل إلا أنه ما نالت منه قناة أو وهنت له عزيمة

و عندما أذن الرسول صلى الله عليه و سلم بالهجرة إلى المدينة المنورة ، هاجر كل المسلمين سراً إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقد أعلن عن هجرته و جهر بها و هاجر جهاراً في النهار

عن علي بن أبي طالب*:ما علمت أن أحدا من المهاجرين هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى في يده أسهما واختصر عنزته ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها فطاف بالبيت سبعا متمكنا ثم أتى المقام فصلى متمكنا ثم وقف على الحلق واحدة واحدة وقال لهم*: شاهت الوجوه لا يرغم الله إلا هذه المعاطس من أراد أن تثكله أمه ويوتم ولده ويرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي . قال علي*: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه.

بعد الهجرة إلى المدينة المنورة ، صحب عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في كل غزواته ، و لم يتخلف أو يتوانى عن غزوة واحدة ، و قد أرسله رسول الله صلى الله عليه و سلم اميراً على بعض السرايا و سلمه الراية في غزوة خيبر ، و قد قاتل قتال الأبطال هو و كل من معه ، إلا ان حكمة الله تعالى لم تشأ أن يفتح ذلك الحصن على يده

عدل عمر بن الخطاب

إن الذي له اطلاع على كتب السنة و السير يدرك حقيقة العدل الذي ساد المسلمين في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقد أقام عمر العدل على نفسه و على أهلهو على الرعية و الأمراء بلا استثناء ، فكان لا يحابي محباً أو يظلم شانئاً أو عدواً أو كافراً يعيش في ذمة المسلمين ، و قد كثرت القصص و الشواهد على ذلك نذكر للكم بعضاً منها

عن ابن عمر قال*:شرب أخي - عبد الرحمن بن عمر - وشرب أبو سروعة عقبة بن الحارث ، وهما بمصر في خلافة عمر فسكرا فلمَّا أصبحا انطلقا إلى عمرو بن العاص وهو أمير مصر ، فقالا*: طهرنا فإنَّا سكرنا من شراب شربناه فقال عبد الله*: فذكر لي أخي أنَّه سكر ، فقلت له ادخل الدار أطهرك ، ولم أشعر أنَّهما أتيا عمرواً ، فأخبرني أنَّه أخبر الأمير بذلك فدخل الدار ، فقال عبد الله*: لا يحلق القوم على رؤوس عامة النّاس ، ادخل الدار احلقك - وكانوا إذ ذاك يحلقون مع الحدود - فدخل الدار ، فقال عبد الله*: فحلقت أخي بيدي ثم جلدهم عمرو ، فسمع بذلك عمر ، فكتب إلى عمرو أن أبعث إليَّ بعبد الرحمن على قتب ، ففعل ذلك فلمَّا قدم على عمر جلده وعاقبه لمكانه منه - أي ضرب عمر رضي الله عنه ليس من باب الحد بل من باب التأديب - ثم أرسله ، فلبث شهراً صحيحاً ثمَّ أصابه قدره فمات ، فيحسب عامة النَّاس إنَّما مات من جلد عمر ، ولم يمت من جلد عمر"

و من عدله أيضاً انه كان إذا تخاصم مع أحد أبناء المسلمين في حق من الحقوق تحاكم إلى القاضي و خضع له ، فقد روى البيهقي في سننه أنه كان بين عمر بن الخطاب و بين أبي ابن كعب رضي الله عنهما خصومة في حائط ، فقال عمر*: بيني و بينك زيد ابن ثابت / فأتياه فخرج زيد و حكم بينهما

و قد تخاصم ذات مرة رجل يهودي مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في فرس كان عمر بن الخطاب قد أخذها على سوم شراء ، فحمل عليه فغضب ، فخاطبه اليهودي فقال عمر*: اجعل رجلاً بيني و بينك ، فقال*: إني أرضى بشريح العراقي / فقبل عمر و حكم شريح بينهما ،فقال شريح لعمر*: أخذته صحيحاً سليماً فأنت له ضامن حتى ترجه صحيحاً سليماً

مآثر عمر بن الخطاب و أقواله

لقد كان عمر بن الخطاب مبتكراً و سباقاً في كثير من الأمور ، فهو أول من سمي بأمير المؤمنين ، فهو اول من كتب التاريخ في شهر ربيع الأول سنة ست عشرة ، فكتبه من هجرة النبي صلى الله عليه و سلم و كان عمر بن الخطاب أول من جمع القرآن في الصحف ، و أول من سن قيام شهر رمضان و جمع الناس على ذلك و كتب به إلى البلدان حيث كان ذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ، و جعل للناس بالمدينة قارئين

و هو أول من ضرب في الخمر ثمانين جلدة و اشتد على اهل الريب و التهم ، و أحرق بيت رويشد الثقفي و كان حانوتاً ، و غرب ربيعة بن أمية بن خلف إلى خيبر و كان اول من عس في عمله و حمل الدرة و أدب بها

و أول من فتح الفتوح و هي الأرضون التي فيها الخراج و الفيء كالعراق و أذربيجان و البصرة و فارس و الاهواز و أول من مسح السواد و أرض الجبل ووضع الخراج على الأرضين ، و أول من مصر الامصار*: البصرة و الكوفة و الجزيرة و الشام و مصر و الموصل و أنزلها العرب

و اول من دون الديوان و كتب الناس على قبائلهم و فرض لهم الأعطية من الفيء و قسم القسوم في الناس ، و اول من حمل الطعام في السفن من مصر في البحر و من أدعية عمر بن الخطاب اللهم إني أعوذ بك أن تأخذني في غرة أو تذرني في غفلة أو تجعلني من الغافلين و عند الإمام أحمد في الزهد عن الحسن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول *: اللهم اجعل عملي صالحاً و اجعله لك خالصاً و لا تجعل لأحد فيه شيئاً و عند ابن سعد و البخاري في الأدب عن عمرو بن ميمون أن عمر بن الخطاب كان يقول في دعائه الذي يدعو به*: اللهم توفني مع الأبرار و لا تجعلني في الأشرار ، و قني عذاب النار و ألحقني في الأخيار

و قد كان عمر بن الخطاب يرغب الناس في الذكر ، حيث كان يقول*: عليكم بذكر الله فإنه شفاء ، و إياكم و ذكر الناس فإنه داء

من اقوال عمر بن الخطاب
-إنّ الله إذا أحَبّ عبداً حبّبه إلى خلقِه ، فاعتبر مَنزلتك مِن الله بِمنزلتك من النّاس ،واعلم أن ما لك عند الله مثل ما لله عندك

- لا تصاحب الفجار فتتعلم من فجورهم ، وإعتزل عدوك ، وإحذر صديقك إلا الأمين ،ولا أمين إلا من خشي ربه ، وتخشع عند القبور ، وذل عند الطاعة ، واستعصم عند المعصية ، واستشر الذين يخشون الله .

-إن الدين ليس بالطنطنة من آخر الليل ، ولكن الدين الورع ..

- لا تنظروا إلى صيام أحد ولا الى صلاته ، ولكن انظروا إلى صدق حديثه إذا حدث .. والى أمانته إذا ائتمن ، وورعه إذا أشفى .

- إذا سمعت الكلمة تؤذيك ، فطأطئ لها حتى تتخطاك .

- من كثر ضحكه قلت هيبته .... ومن مزح استخف به .... ومن أكثر من شيء عرف به .

- ومن كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه قل حياؤه .... ومن قل حياؤه قل ورعه ، ومن قل ورعه مات قلبه

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمنى من ربه دائماً أن يرزقه الشهادة ، لما علم ما للشهداء من أجر و منزلة عند الله تعالى ، و عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب قال لأخيه يوم أحد*: خذ درعي يا أخي ، فأجابه اخوه*: أريد من الشهادة مثل الذي تريد ، فتركها جميعاً


و قد علم الله تبارك و تعالى اخلاص عمر و رغبته في الشهادة رغبة صادقة ، فبشره بها عن طريق نبيه عليه الصلاة و السلام ، و أكرمه بالشهادة على يد شر الخلق أبي لؤلؤة المجوسي الفارسي ، غلام المغيرة بن شعبة

و قد رأى عمر بن الخطاب في منامه أنه يقتل ، فجاءت رؤياه كفلق الصبح ، فقام و خطب بالناس في يوم جمعة حامداً الله و أثنى عليه بما هو اهله ، ثم قال*: أما بعد أيها الناس ، إني رأيت رؤيا لا أراها إلا حضور أجلي ، رأيت ان ديكاً أحمر نقرني نقرتين ، فحدثتها أسماء بن عميس فحدثتني أنه يقتلني

كان لاستشهاد عمر و موته أثراً كبيراً في نفوس المسلمين ،فقد روى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن مسعود رضي الله عنه قال*: إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر ، إن عمر كان حائطاً حصيناً يدخله الإسلام و لا يخرج منه ، فلما قتل انثلم الْحَائِطُ ( أي انهدم ) ، فَالإِسْلامُ يَخْرُجُ مِنْهُ وَلا يَدْخُلُ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي خَادِمٌ لِمِثْلِ عُمَرَ حَتَّى أَمُوتَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مَنْ فِي الأَرْضِ الْيَوْمَ وُضِعُوا فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ ، وَوُضِعَ عُمَرُ فِي الْكِفَّةِ الأُخْرَى ، لَرَجَحَ شِقُّ عُمَرَ ، إِنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْجَزُورِ فَتُنْحَرُ فَتَكُونُ الْكَبِدُ وَالسَّنَامُ وَأَطَايِبُهَا لابْنِ السَّبِيلِ ، وَيَكُونُ الْعُنُقُ لآلِعُمَرَ ، إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّ هَلا بِعُمَرَ " .

دمتم
منى


 


رد مع اقتباس
قديم 10-17-2017, 03:54 PM   #6


الصورة الرمزية منى
منى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 516
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 أخر زيارة : 06-24-2019 (05:11 PM)
 المشاركات : 28,202 [ + ]
 التقييم :  115704
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



قصة قتيبة بن مسلم و عمر بن عبد العزيز

حينما أتى الجيش الإسلامي بقيادة قائد محنك خبير شديد على الكافرين رحيم على المسلمين
هو قتيبة بن مسلم - يرحمه الله رحمه واسعة - أتوا على مشارف سمرقند أمر الجيش بأن يتجه للجبل خلف المدينة لكي لا يرى أهل سمرقند جيش المسلمين فيتحصنوا وهجم على المدينة بكتائب الجيش من خلف الجبال، وكأنهم إعصار من شدتهم وسرعتهم وإذا بهم وسط سمرقند فاتحين لها ومهللين بذكر الله لم يملك أهل المدينة إلى الاستسلام التام ، هرب الرهبان إلى المعبد الكبير وسط الجبال واختبأ أهل سمرقند في بيوتهم لا يخرجون خوفاً من المسلمين
واستقر الوضع للمسلمين.
فبدأ بعض السمرقنديين الخروج من منازلهم لجلب الماء والطعام وكانوا يرسلون أطفالهم الصغار للقيام بهذه المهام وكان المسلمين لا يتعرضون لهم بل كانوا يساعدونهم بنقل وكان الأطفال يدخلوا على أهلهم بكل بشاشه وسعادة محملين بالطعام والماء فبدأ الاطمئنان والسكينة يدخل قلبهم وما هي إلى مده قصيرة إلا ورجع الناس لمحلاتهم ومزارعهم وممتلكاتهم فوجودها كما هي لم ينقص منها شيء وبدأت الحياة الطبيعية تسير بين المسلمين وأهل سمرقند بالتجارة ، ووجدوا المسلمين أمناء في تجارتهم لا يكذبون ولا يغشون ولا يظلمون، وزاد هذا الإعجاب بأن تشاجر اثنان واحد من أهل سمرقند والأخر من المسلمين ذهبوا للقاضي فحكم القاضي لسمرقندي.

فوصل الخبر لرهبان الهاربين في المعبد الذي بالجبل فقالوا إذا كان هذا قضائهم عادل
فلابد من وجود حاكم عادل فأمروا أحد رجالهم بأن يذهب لحاكم المسلمين ويخبره بما حدث
فذهب هذا الشاب حتى وصل إلى دمشق وكان ممتلئ بالخوف و رأى قصر كبير وقال في نفسه إن هذا هو قصر أميرهم، ولكن رأى الناس تدخل وتخرج بدون حاجب ولا رقيب تشجع ودخل وكان هذا هو المسجد الأموي المرصع بالأحجار الكريمة والزخارف الإسلامية والمآذن الشامخة والناس ركع سجود وأخذ يتأمل هذا المكان الرائع ورأى المسلمين يصفون
صفوف متساوية مرتبه وهو مندهش كيف هذه الإعداد تصطف بهذا السرعة.

فقام بعد الصلاة وخروج المسلمين من المسجد و توجه إلى أحد المسلمين وسأل عن قصر الخليفة. فقال له: أين أميركم. فقال له : هو الذي صلى بنا أما رأيته!!! قال: لا. قال له المسلم: ألم تصلي معنا؟ قال: وما الصلاة ؟ قال المسلم: هي طاعة وعبادة لله عز وجل وحده لا شريك له وترك الفحشاء والمنكر. قال له المسلم: ألست بمسلم ؟ قال: لا. فتبسم المسلم وقال له: ما دينك؟ قال : على دين كهنة سمرقند. قال: وما دينهم ؟ قال: يعبدون الأصنام. قال له المسلم: نحن مسلمون نعبد الله عز وجل ولا نشرك معه أحدا.
فوصف له منزل أمير المؤمنين ذهب الشاب على الوصف فوجد منزل من طين قديم ووجد رجل بجوار الجدار يصلح الجدار وثوبه مليء بالطين فرجع للمسلم بالمسجد وقال له أتهزئ بي أسألك عن أميركم ترسلني لشخص فقير يصلح الجدار.
فقام المسلم مع الشاب حتى وصل إلى بيت عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين و أشار له هذا هو الأمير الذي يصلح الجدار، فقال الشاب يا رجل لا تهزئ بي ثانيا.
قال المسلم والله هذا هو فصعق الشاب وهو يتذكر كهنتهم المتكبرين على الناس
وبينما هو مندهش يتأمل.
أتت امرأة مع ابنها وكانت تطلب من أمير المؤمنين أن يزيد عطائها من بين مال المسلمين لأن أبنائها كثر، فجأة يقوم ابن المرأة ويضرب أبن أمير المؤمنين، تخاصما على لعبة صغيرة. وشق رأسه وأخذ الدم ينزف فهرعت زوجة عمر للولد حملته وصرخة على المرأة،
فخافت المرأة وارتعبت بما فعل ولدها الصغير بابن أمير المؤمنين ، ثم دخل عمر البيت ولف رأس ابنه، وخرج للمرأة وهدأ من روعها وطمأنها وأخذ اللعبة من ابنه وأعطاها لولد المرأة
ثم قال لها اذهبي للخازن وقولي له أن يرفع عطائك فقالت زوجة أمير المؤمنين يضرب ابنك ثم ترفع لها المال وتهدي لأبنها اللعبة.
قال عمر لقد أرعبتيها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من روع مسلماً روعه الله يوم القيامة ......) ثم أكمل إصلاح الجدار.
وكان الشاب السمرقندي ينظر إلى ما يراه بتعجب شديد وهنا اجترأ وقدم بخطى بطيئة إلى عمر بن عبد العزيز وقال: أنت أمير المسلمين؟
فقال الأمير نعم و ما شأنك ؟ . فقال يا أمير المؤمنين إني صاحب مظلمة فرد عليه الخليفة على من تشتكي ....فقال الفارس :على قتيبة بن مسلم، فعلم الخليفة إنها ليست شكوى بين اثنين.
فأكمل الفارس شكواه: أرسلني كهنة سمرقند فأخبروني أنه من عادتكم أنكم عندما تفتحون أي بلد تخيرونهم بين ثلاثة أمور ،أنت دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب....

قال الخليفة: نعم ،هذه عاداتنا قال ومن حق تلك البلاد أن تختار بين الثلاثة ....

قال الشاب وليس من حقكم أن تقرروا تفاجئوا وتهجموا،
قال الخليفة: نعم ،فليس من عادتنا أن نفعل ذلك والله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك ،ورسولنا الكريم نهانا عن الظلم.
فقال الشاب أما قتيبة بن مسلم لم يفعل ذلك ،بل فاجئونا المسلمون بجيوشهم ...
لما سمع الخليفة ذلك لم يصدر أمر فليس من عادته أن يسمع لطرف واحد....فلابد أن يتأكد.
فأخرج ورقة صغيرة وكتب فيها جملة من سطرين...فأغلقها وختم عليها...وقال الخليفة أرسلها لوالي سمرقند وهو سيرفع عنكم المظلمة.
انطلق هذا الشاب من دمشق إلى سمرقند قاطع هذا المسافة في الصحاري والجبال
وهو يقول ورقه ماذا ستفعل ورقه أمام سيوف قتيبة بن مسلم المقاتل الشرس
حتى وصل إلى سمرقند و وأعطاها للكهنة فقالوا له أعطها للوالي ليقضي ما في الورقة
ذهب الشاب وأعطاها للوالي،

استغرب والي سمرقند وتعجب من الرسالة ولكنه يعرف ختم أمير المؤمنين....فتأكد إنها منه...فتحها...و أذبها. فكان فيها الآتي:
" من أمير المؤمنين إلى والى سمرقند السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نصب قاضياً يحتكم بين كهنة سمر قند وقتيبة بن مسلم ..وكن أنت مكان قتيبة". لم يشأ الخليفة أن يرجع قتيبة ويشغله عن فتوحاته...
وإن رأى القاضي غير هذا الآمر فنفذوه ...

لم يستطع الوالي فعل شيء إلا أن يفعل كما كتب في ذلك السطرين. فعين القاضي سريعا.
لكن أمر القاضي أن يرجع قتيبة....لحرصه على العدل وخاف أن تخفى أمورا على الوالي لا يعرفها إلأقتيبة ،.فحدد لهم يوم غد في المسجد يجتمع الكهنة ثم أمر القاضي بجمع الناس و بحضور قتيبة بن مسلم قائد أقوى جيش يصول الأرض، كان قتيبة بن مسلم قد أكمل المسير لصين في فتوحاته الإسلامية فأتاه أمر القاضي بالرجوع حينما رجع بعد مسيرة يومين متواصلة قالوا خاف الكهنة عندما علموا بوصول قتيبة وأخذوا يتصببون عرقاً.
دخل قتيبة المسجد وضع سيفه وخلع نعله... ثم أمتثل أمام القاضي قال له القاضي أجلس بجوار خصمك.

هنا بدأت المحكمة
فقام الكاهن وقال: قتيبة بن مسلم دخل بلادنا بدون إنذار كل البلاد أعطاها إنذار وخيارات دعوة للإسلام أو الجزية أو الحرب....إلا نحن هجم علينا بدون إنذار...

التفت القاضي للقائد الفاتح قتيبة بن مسلم ....ما تقول هذه شكوى عليك.
فقال قتيبة :أصلح الله شأن القاضي فالحرب خدعة …هذا بلد عظيم عقبة أمامنا و كل الذين كانوا مثله كانوا يقاومون ولم يرضوا بالجزية ....ولم يرضوا بالإسلام و هؤلاء لو قاتلناهم بعد الإنذار سيقتلون فينا أكثر مما نقتل فيهم ...
وبحمد الله بهذه المفاجأة حمينا المسلمين من أذى عظيم والتاريخ يشهد... تاريخ من قبلهم ولما فتحنا بلادهم العظيمة ما ورائهم كان سهل... نعم فاجأنهم لكن أنقذناهم وأدخلناهم الإسلام ....
فقال القاضي: يا قتيبة! هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب؟؟فرد قتيبة لا فاجأنهم لما حدثتك به من خطرهم....

فقال القاضي : يا قتيبة لقد أقررت ..وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ...يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين ...واجتناب الغدر وإقامة العدل والله ما خرجنا من بيوتنا إلا جهادا في سبيل الله...ما خرجنا لنملك الأرض ونحتل البلاد ونعلو فيها بغير حق...
ثم أصدر هذا القاضي حكمه: حكمت أن يخرج جيوش المسلمين جميعا من هذا البلد ويردوه لأهله ويعطوهم الفرصة ليستعدوا للقتال، ثم يخيروهم بين الإسلام أو الجزية أو الحرب..فإن اختاروا الحرب كان القتال ...وأن يخرج جميع المسلمين كافه من سمرقند خفافاً كما دخلوها ( أي بلا مكاسب تجاريه ) وتسلم المدينة لأهلها، وذلك تطبيقا لشرع الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

بدأ المسلمون يخرجون من المدينة حتى القاضي قام وخرج من أمام الكهنة، لم يصدقوا الكهنة هذا وأخذ أهل سمرقند ينظرون للمسلمين حتى خرجوا وخلت المدينة من المسلمين... ثم قال الشاب للكهنة والله أن دينهم لهو الحق "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله".
ونطق الكهنة الشهادة ودخلوا الإسلام.

تلك هي قصة أعظم محاكمة عرفها التاريخ ....جعلت من أهالي سمرقند يرضوا بحكم المسلمين عليهم ودخل الناس للإسلام أفواجا ...حتى كبير كهنة الكنيسة دخل الإسلام.
و هذه كانت صفحة أخرى من صفحات تاريخنا الإسلامي الذي يبرهن في كل موقف على عدل الإسلام مع المسلمين ومع غير المسلمين...


 


رد مع اقتباس
قديم 10-23-2017, 08:00 AM   #7


الصورة الرمزية منى
منى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 516
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 أخر زيارة : 06-24-2019 (05:11 PM)
 المشاركات : 28,202 [ + ]
 التقييم :  115704
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



قصتنا اليوم عن أبو حنيفة النعمان

أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفيّ (80-150 هـ/ 699-767م) فقيه وعالم مسلم، وأول الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنفي في الفقه الإسلامي. اشتهر بعلمه الغزير وأخلاقه الحسنة، حتى قال فيه الإمام الشافعي: «من أراد أن يتبحَّر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة»، ويُعد أبو حنيفة من التابعين، فقد لقي عدداً من الصحابة منهم أنس بن مالك، وكان معروفاً بالورع وكثرة العبادة والوقار والإخلاص وقوة الشخصية. كان أبو حنيفة يعتمد في فقهه على ستة مصادر هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعُرف والعادة.
وُلد أبو حنيفة بالكوفة ونشأ فيها، وقد كانت الكوفة إحدى مدن العراق العظيمة، ينتشر فيها العلماء أصحاب المذاهب والديانات المختلفة، وقد نشأ أبو حنيفة في هذه البيئة الغنية بالعلم والعلماء، فابتدأ منذ الصبا يجادل مع المجادلين، ولكنه كان منصرفاً إلى مهنة التجارة، فأبوه وجده كانا تاجرين، ثم انصرف إلى طلب العلم، وصار يختلف إلى حلقات العلماء، واتجه إلى دراسة الفقه بعد أن استعرض العلوم المعروفة في ذلك العصر، ولزم شيخه حماد بن أبي سليمان يتعلم منه الفقه حتى مات حماد سنة 120 هـ، فتولى أبو حنيفة رئاسة حلقة شيخه حماد بمسجد الكوفة، وأخذ يدارس تلاميذه ما يُعرض له من فتاوى، حتى وَضع تلك الطريقةَ الفقهيةَ التي اشتُق منها المذهب الحنفي.
وقعت بالإمام أبي حنيفة محنتان، المحنة الأولى في عصر الدولة الأموية، وسببها أنه وقف مع ثورة الإمام زيد بن علي، ورفض أن يعمل عند والي الكوفة يزيد بن عمر بن هبيرة، فحبسه الوالي وضربه، وانتهت المحنة بهروبه إلى مكة عام 130 هـ، وظل مقيماً بها حتى صارت الخلافة للعباسيين، فقدم الكوفة في زمن الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور. أما المحنة الثانية فكانت في عصر الدولة العباسية، وسببها أنه وقف مع ثورة الإمام محمد النفس الزكية، وكان يجهر بمخالفة المنصور في غاياته عندما يستفتيه، وعندما دعاه أبو جعفر المنصور ليتولى القضاء امتنع، فطلب منه أن يكون قاضي القضاة فامتنع، فحبسه إلى أن توفي في بغداد سنة 150 هـ، ودُفن في مقبرة الخيزران في بغداد، وبني بجوار قبره جامع الإمام الأعظم عام 375 هـ.
رُوي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: «آخذ بكتاب الله تعالى، فإن لم أجد فبسنة رسول الله ، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيب -وعدَّد رجالاً- فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا».[23]
وقال سهل بن مزاحم: «كلام أبي حنيفة أخذٌ بالثقة وفرارٌ من القبح، والنظر في معاملات الناس وما استقاموا عليه وصلح عليه أمورهم، يمضي الأمور على القياس، فإذا قبح القياس أمضاها على الاستحسان، ما دام يمضي له، فإذا لم يمض له رجع إلى ما يتعامل المسلمون به، وكان يؤصل الحديث المعروف الذي قد أجمع عليه، ثم يقيس عليه ما دام القياس سائغاً، ثم يرجع إلى الاستحسان أيهما كان أوفق رجع إليه».[24]
هذه النقول وغيرها تدل على مجموع المصادر الفقهية عند الإمام أبي حنيفة، فهي: القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعُرف والعادة.[25]
ولقد ألف الإمام المرتضى الزبيدي كتابا في أدلة المذهب الحنفي أسماه*: (عقود الجواهر الحنيفة في أدلة مذهب الإمام أبي حنيفة).
القرآن الكريم[عدل]
القرآن الكريم عند الإمام أبي حنيفة هو المصدر الأول والأعلى في مسائل الفقه، لأنه الكتاب القطعي الثبوت، لا يُشك في حرف منه، وأنه ليس يوازيه ولا يصل إلى رتبته في الثبوت إلا الحديث المتواتر، لذلك لا يرى نسخ القرآن الكريم بخبر الآحاد من السنة، وإنما يعمل بها ما أمكن، وإلا ترك السنة الظنية للكتاب القطعي.[26]
السنة النبوية[عدل]
لا يجعل الإمام أبو حنيفة السنة النبوية في رتبة واحدة، بل يُقدم مثلاً السنة القولية على الفعلية، لجواز أن يكون الفعل خصوصية للنبي، ويُقدم السنة المتواترة على خبر الآحاد عند التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما، بل إنه يترك العمل بخبر الآحاد إذا خالف قاعدة شرعية مأخوذة من نص القرآن أو السنة.[27]

محنته الأولى

عاش أبو حنيفة 52 سنة من حياته في العصر الأموي، و18 سنة في العصر العباسي، فهو قد أدرك دولتين من دول الإسلام. ويُروى أنه لما خرج زيد بن علي زين العابدين على هشام بن عبد الملك سنة 121هـ كان أبو حنيفة من المؤيدين للإمام زيد، قال أبو حنيفة: «ضاهى خروجه خروج رسول الله يوم بدر»، ويُروى أنه قال في الاعتذار عن عدم الخروج معه: «لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما خذلوا أباه لجاهدت معه لأنه إمام حق، ولكن أعينه بمالي، فبعث إليه بعشرة آلاف درهم».[42] وانتهت ثورة الإمام زيد بقتله سنة 132هـ، كما قتل ابنه يحيى في خراسان، وابنه عبد الله بن يحيى في اليمن. ولقد كان لزيد بن علي منزلة في نفس أبي حنيفة، وكان يُقدِّره في علمه وخلقه ودينه، وعدَّه الإمام بحق، وأمده بالمال، ثم رآه يُقتل بسيف الأمويين، ثم يُقتل من بعده ابنه، ثم من بعده حفيده، فأحنقه كل ذلك.
كان يزيد بن عمر بن هبيرة والي الكوفة آنذاك، فأرسل إلى أبي حنيفة يريد أن يجعل الخاتم في يده، ولا ينفذ كتاب إلا من تحت يد أبي حنيفة، فامتنع أبو حنيفة عن ذلك، فحلف الوالي أن يضربه إن لم يقبل، فنصح الناسُ أبا حنيفة أن يقبل ذلك المنصب، فقال أبو حنيفة: «لو أرادني أن أعد له أبواب مسجد واسط لم أدخل في ذلك، فكيف وهو يريد مني أن يُكتب دمُ رجل يُضرب عنقُه وأختم أنا على ذلك الكتاب، فوالله لا أدخل في ذلك أبداً»، فحبسه صاحب الشرطة، وضربه أياماً متتالية، فجاء الضارب إلى الوالي وقال له: «إن الرجل ميت»، فقال الوالي: «قل له: تخرجنا من يميننا؟»، فسأله فقال أبو حنيفة: «لو سألني أن أعد له أبواب المسجد ما فعلت»، ثم أمر الوالي بتخلية سبيله، فركب دوابه وهرب إلى مكة بعد أن مكَّن له الجلاد من أسباب الفرار، وكان هذا في سنة 130هـ. ولقد وجد في الحرم المكي أمناً، فعكف على الحديث والفقه يطلبهما بمكة التي ورثت علم ابن عباس، والتقى أبو حنيفة بتلاميذه فيها، وذاكرهم علمه وذاكروه ما عندهم، وظل مقيماً بمكة حتى صارت الخلافة للعباسيين، فقدم الكوفة في زمن أبي جعفر المنصور

محنته الثانية

استقبل أبو حنيفة عهد العباسيين بارتياح، فقد رأى اضطهاد الأمويين لبني علي بن أبي طالب وأهل بيت النبي محمد، واستمر على ولائه للدولة العباسية لمحبته لآل البيت جميعاً، ولقد كان الخليفة أبو جعفر المنصور يدنيه ويعليه ويرفع قدره ويعطيه العطايا الجزيلة، ولكنه كان يردها ولا يقبل العطاء، ولم يُعرف عن أبي حنيفة أنه تكلم في حكم العباسيين حتى نقم عليهم أبناء علي بن أبي طالب، واشتدت الخصومة بينهم، وقد كان ولاء أبي حنيفة لبني علي، فكان طبيعياً أن يغضب لغضبهم، وخصوصاً أن من ثارا على حكومة أبي جعفر هما محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن، وأخوه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، وكان أبوهما عبد الله ممن اتصل به أبو حنيفة اتصالاً علمياً، وقد كان عبد الله وقت خروج ولديه في سجن أبي جعفر، ومات فيه بعد مقتل ولديه.[44]
كان موقف أبي حنيفة من خروج محمد النفس الزكية على المنصور شديداً، فقد كان يجهر بمناصرته في درسه، بل وصل الأمر إلى أن ثبط بعض قواد المنصور عن الخروج لحربه.[45] وكان هذا العمل في نظر المنصور من أخطر الأعمال على دولته، لأن أبا حنيفة تجاوز فيه حد النقد المجرد والولاء القلبي إلى العمل الإيجابي، فأراد المنصور أن يختبر طاعة أبي حنيفة وولاءه له، وقد كان يبني بغداد آنذاك، فأراد أن يجعله قاضياً، فامتنع أبو حنيفة، فأصر المنصور على أن يتولى له عملاً أياً كان، فقبل أبو حنيفة أن يقوم ببعض أعمال البناء من إعداد اللِّبن وما شابه ذلك، فاستطاع بذلك أن يغمض عنه عين المنصور.[46]
كان أبو حنيفة بعد مناوأة بني علي للمنصور وإيذائه لهم وقتله لرؤوسهم لا يرتاح إلى حكومته، وقد استطاع أن يدرأ عنه أذاه، وانصرف إلى العلم، ولكن كان من وقت لآخر يقول بعض الأقوال، أو تكون منه أمور تكشف عن رأيه فيه وفي حكومته، ومن ذلك أن أهل الموصل كانوا قد انتفضوا على المنصور، وقد اشترط المنصور عليهم أنهم إذا انتفضوا تحل دماؤهم له، فجمع المنصور الفقهاء وفيهم أبو حنيفة، فقال: «أليس صح أنه عليه السلام قال: «المؤمنون عند شروطهم»، وأهل الموصل قد شرطوا ألا يخرجوا علي، وقد خرجوا على عاملي، وقد حلت لي دماؤهم»، فقال رجل: «يدك مبسوطة عليهم، وقولك مقبول فيهم، فإن عفوت فأنت أهل العفو، وإن عاقبت فبما يستحقون»، فقال لأبي حنيفة: «ما تقول أنت يا شيخ؟ ألسنا في خلافة نبوة وبيت أمان؟»، قال: «إنهم شرطوا لك ما لا يملكونه، وشرطت عليهم ما ليس لك، لأن دم المسلم لا يحل إلا بأحد معان ثلاثة، فإن أخذتهم أخذت بما لا يحل، وشرط الله أحق أن توفي به»، فأمرهم المنصور بالقيام فتفرقوا ثم دعاه وقال: «يا شيخ، القول ما قلت، انصرف إلى بلادك ولا تُفتِ الناس بما هو شين على إمامك فتبسط أيدي الخوارج».[47]
لقد كان أبو حنيفة يميل إلى أبناء علي بن أبي طالب، وكان ذلك يبدو على لسانه في حلقة درسه وبين تلاميذه، وكان يجهر بمخالفة المنصور في غاياته عندما يستفتيه، كما كان يمتنع عن قبول العطاء من المنصور، وكان ينقد القضاء نقداً مراً إذا وجد فيه ما يخالف الحق في نظره، من غير أن يلتفت إلى ما يجره ذلك النقد من ضياع روعة الأحكام.[48]
وعندما دعا أبو جعفر المنصور أبا حنيفة ليتولى القضاء امتنع، فطلب منه أن يَرجع إليه القضاة فيما يشكل عليهم ليفتيهم فامتنع، فأنزل به العذاب بالضرب والحبس، أو الحبس وحده على اختلاف الروايات،[49] ويروى أن أبا جعفر حبس أبا حنيفة على أن يتولى القضاء ويصير قاضي القضاة، فأبى حتى ضُرب مئة وعشرة أسواط، وأخرج من السجن على أن يلزم الباب، وطلب منه أن يفتي فيما يرفع إليه من الأحكام، وكان يرسل إليه المسائل، وكان لا يفتي، فأمر أن يعاد إلى السجن، فأُعيد وغُلظ عليه وضُيق تضييقاً شديداً.[50] وقد اتفق الرواة على أنه حُبس، وأنه لم يجلس للإفتاء والتدريس بعد ذلك، إذ إنه مات بعد هذه المحنة أو معها، ولكن اختلفت الرواية: أمات محبوساً بعد الضرب الذي تكاد الروايات تتفق عليه أيضاً؟ أم مات محبوساً بالسم فلم يُكتف بضربه بل سقي السم ليعجل موته؟ أم أُطلق من حبسه قبل موته فمات في منزله بعد المحنة ومُنع من التدريس والاتصال بالناس؟ كل هذه الروايات رُويت.[51]
توفي أبو حنيفة في رجب وقيل في شعبان وقيل لإحدى عشرة ليلةً خلت من جمادى الأولى سنة 150هـ، وقيل سنة 151هـ، وقيل سنة 153هـ، وقيل توفي في اليوم الذي وُلد فيه الإمام الشافعي، وكانت وفاته في بغداد، ودفن في مقبرة الخيزران، وقبره هناك مشهور يُزار، وصحَّ أن الإمام لما أحس بالموت سجد، فمات وهو ساجد.[52] وقد أوصى أبو حنيفة أن يُدفن في أرض طيبة لم يجر عليها غصب، وألا يدفن في أرض قد اتُّهم الأميرُ بأنه غصبها، حتى يُروى أن أبا جعفر عندما علم ذلك قال: «من يعذرني من أبي حنيفة حياً وميتاً»، وشيعت بغداد كلها جنازة فقيه العراق، والإمام الأعظم، ولقد قُدِّر عدد من صلوا عليه بخمسين ألفاً، حتى لقد صلى أبو جعفر نفسه على قبره بعد دفنه

تبشير النبي محمد به[عدل]
قال الإمام جلال الدين السيوطي: «قد بشر بالإمام أبي حنيفة في الحديث الذي أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «لو كان العلم بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس»».[81] وأخرج الشيرازي في الألقاب عن قيس بن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله : «لو كان العلم مُعلَّقاً بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس».[82]
ثناء بعض العلماء عليه[عدل]


قال وكيع بن الجراح وهو شيخ الإمام الشافعي: «كان أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان يؤثر رضا الله تعالى على كل شيء، ولو أخذته السيوف في الله تعالى لاحتملها».[83]
وقال الإمام الشافعي: سئل مالك بن أنس: «هل رأيت أبا حنيفة وناظرته؟»، فقال: «نعم، رأيت رجلاً لو نظر إلى هذه السارية وهي من حجارة، فقال إنها من ذهب لقام بحجته».[84][85]
وقال الإمام الشافعي: «من أراد الحديث الصحيح فعليه بمالك، ومن أراد الجدل فعليه بأبي حنيفة، ومن أراد التفسير فعليه بمقاتل بن سليمان».[84] وقال: «من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة، كان أبو حنيفة ممن وُفق له الفقه».[86]
وقال الإمام أحمد بن حنبل: «إن أبا حنيفة من العلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضُرب بالسياط لِيَليَ للمنصور فلم يفعل، فرحمة الله عليه ورضوانه».[83] كما كان الإمام أحمد كثيراً ما يذكره ويترحم عليه، ويبكي في زمن محنته، ويتسلى بضِرَب أبي حنيفة على القضاء.[87] وقال أبو بكر المروزي: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: «لم يصح عندنا أن أبا حنيفة رحمه الله قال: القرآن مخلوق»، فقلت: «الحمد لله يا أبا عبد الله، هو من العلم بمنزلة»، فقال: «سبحان الله! هو من العلم والورع والزهد وإيثار الدار الآخرة بمحل لا يدركه فيه أحد، ولقد ضُرب بالسياط على أن يلي القضاء لأبي جعفر فلم يفعل».[88]
وقال عبد الله بن المبارك: «رأيت أعبد الناس، ورأيت أورع الناس، ورأيت أعلم الناس، ورأيت أفقه الناس، فأما أعبد الناس فعبد العزيز بن أبي روّاد، وأما أورع الناس فالفضيل بن عياض، وأما أعلم الناس فسفيان الثوري، وأما أفقه الناس فأبو حنيفة»، ثم قال: «ما رأيت في الفقه مثله».[89] وعن محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثني جدي قال: أملى علي بعض أصحابنا أبياتاً مدح بها عبد الله بن المبارك أبا حنيفة:[90]


رأيت أبا حنيفة كل يوم

يزيد نبالة ويزيد خيراً
وينطق بالصواب ويصطفيه

إذا ما قال أهل الجور جوراً
يقائس من يقايسه بلب

فمن ذا تجعلون له نظيراً
كفانا فقهُ حماد وكانت

مصيبتنا به أمراً كبيراً
فردَّ شماتة الأعداء عنا

وأبدى بعده علماً كثيراً
رأيت أبا حنيفة حين يؤتى

ويُطلب علمه بحراً غزيراً
إذا ما المشكلات تدافعتها

رجال العلم كان بها بصيراً

وقال الإمام أبو يوسف: «كانوا يقولون: أبو حنيفة زينة الله بالفقه والعلم، والسخاء والبذل، وأخلاق القرآن التي كانت فيه». وقال الإمام سفيان الثوري: «ما مقلت عيناي مثل أبي حنيفة». وقال يحيى بن سعيد القطان (إمام الجرح والتعديل): «إن أبا حنيفة -والله- لأعلم هذه الأمة بما جاء عن الله ورسوله».[92]
وقال إسحاق بن أبي إسرائيل: ذَكر قومٌ أبا حنيفة عند ابن عيينة فتنقَّصه بعضُهم، فقال سفيان: «مه! كان أبو حنيفة أكثر الناس صلاة، وأعظمهم أمانة، وأحسنهم مروءة».[93]
وقال صدقة المقابري: لمَّا دُفن أبو حنيفة في مقابر الخيزران سمعت صوتاً في الليل ثلاث ليال:[94]


لقد زان البلاد ومن عليها

إمام المسلمين أبو حنيفة
فما بالمشرقين له نظير

ولا بالمغربين ولا بكوفة
ويأتيكم بإسناد صحيح

كآيات الزبور على الصحيفة

تم


 


رد مع اقتباس
قديم 10-29-2017, 02:44 PM   #8


الصورة الرمزية منى
منى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 516
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 أخر زيارة : 06-24-2019 (05:11 PM)
 المشاركات : 28,202 [ + ]
 التقييم :  115704
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



قصة بئر زمزم :

نبع ماء زمزم
بئر ماء زمزم موجودٌ منذ القدم أي منذ عَهد النبيّ إسماعيل عليه الصّلاة والسّلام، وما زال موجوداً حتى اللّحظة وسيبقى إلى أن يشاء الله؛ فهو نبعٌ فوّارٌ لا ينضب، عذبٌ زلالٌ، ذو طعمٍ خاصٍّ مختلفٍ عن ماء الشرب العاديّ. ماء زمزم منّةٌ عظيمةٌ من الله عزّ وجلّ؛ فهو سُقيا الحُجّاج في حجّهم وزادهم إذا رجعوا إلى بيوتهم، وهو خير ماءٍ على وجه الأرض؛ إذ إنّه شفاء سقمٍ أي يشفي من الأمراض والعِلل، وطعام طُعمٍ أي يُشبِع من شربه.

قصة نبع ماء زمزم
تزوّج سيّدنا إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام من السيّدة سارة، ومضت السّنون ولم تنجب له الولد؛ فقد كانت عقيماً، وذات يوم وهبت له جاريتَها هاجر، فصارت ملكاً له، وبعد مدّةٍ ولدت له إسماعيل عليه الصّلاة والسّلام وفي أحد الأيام ذهب سيدنا إبراهيم عليه السلام بهاجر وولده إسماعيل إلى وادٍ لا زرع فيه ولا ماء ولا بشر عند بيت الله الحرام، ثمّ همّ بالذهاب وتركهما، فقالت له هاجر: يا إبراهيم اللهُ أمرك بهذا؟ فقال: نعم. فقالت: إذن لن يُضيّعنا الله، فمضى إبراهيم عليه السلام مخلّفاً وراءه هاجر وابنها، ثمّ التفت إلى البيت الحرام وقال: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [سورة إبراهيم:37].

بقيت السيّدة هاجر وابنها وحيدَين في الصحراء القاحلة، ومرّت بضعة أيّام ونفد ما معهما من الزّاد والماء، فبكى الطفل الرّضيع وتألّم من شدة الجوع والعطش، فراحت هاجر تبحث هنا وهناك وتسعى بين الصفا والمروة عدّة مراتٍ لعلّها تجد ماءً أو طعاماً أو بشراً، ولكن لا جدوى من ذلك، حتّى بلغ سعيها بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ، وعند المروة سمعت صوتاً، فقالت له: صه، ثمّ سمعته مرّةً أخرى، فقالت: أغث إن كان عندك خير، فإذا بجبريل عليه الصلاة والسلام عند موضع ماء زمزم، فضرب بجناحه الأرض حتى نَبَع ماء زمزم المبارك.

من شدّة فرح السيّدة هاجر أخذت تحبس ماء زمزم وتزمّه وتجمعه بيديها؛ خوفاً من نفاده، وراحت تغرف منه في سقائها، فشربت منه ودرّ لبنها وأرضعت ولدها، وقال لها المَلَك: لا تخافي أن ينفد الماء. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يرحمُ اللهُ أمّ إسماعيلَ، لو كانت تركت زمزمَ-أو قال: لو لم تغرف من الماءِ-لكانت زمزمُ عيناً معيناً). [إسناده صحيح]
لبئر زمزم ومائها أسماء عديدة، فقد نقل ابن منظور في لسان العرب عن ابن بري اثني عشر اسمًا لزمزم، فقال: «زَمْزَمُ، مَكْتُومَةُ، مَضْنُونَةُ، شُباعَةُ، سُقْيا الرَّواءُ، رَكْضَةُ جبريل، هَزْمَةُ جبريل، شِفاء سُقْمٍ، طَعامُ طُعْمٍ، حَفيرة عبد المطلب».
وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان: «*ولها أسماء وهي: زمزم، وزَمَمُ، وزُمّزْمُ، وزُمازمُ، وركضة جبرائيل، وهزمة جبرائيل، وهزمة الملك، والهزمة، والركضة - بمعنى وهو المنخفض من الأرض، والغمزة بالعقب في الأرض يقال لها: هزمة - وهي سُقيا الله لإسماعيل عليه السلام، والشباعة، وشُبَاعةُ، وبرَة، ومضنونة، وتكتمُ، وشفاءُ سُقم، وطعامُ طعم، وشراب الأبرار، وطعام الأبرار، وطيبة».
وذكر الفاسي في فصل ذكر أسماء زمزم؛ أسماء أخرى كثيرة، ترجع إلى الصفات المتعلقة بماء زمزم أو بئرها
لماء زمزم مكانة وفضائل كثيرة عند المسلمين، منها: أنه أولى الثمرات التي أعطاها الله لخليله النبي إبراهيم عندما رفع يديه وقال: *رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ**،(سورة إبراهيم: آية 37). وأن ماء زمزم من الآيات البينات في حرم الله، قال ابن الديبع في حدائق الأنوار، «ومن الآيات البينات في حرم الله: الحجر الأسود والحطيم وانفجار ماء زمزم بعقب جبريل عليه السلام وأن شربه شفاء للسقام وغذاء للأجسام بحيث يغني عن الماء والطعام».
كما أنه يعد من أعظم النعم والمنافع المشهودة التي ذكرت في القرآن: ﴿ليشهدوا منافع لهم﴾ ، (سورة الحج: آية 28). ومن الفضائل لماء زمزم خاصية الاستشفاء به، كما جاء في الحديث النبوي «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» وزاد غير مسلم «وَشِفَاءُ سُقْمٍ»،[20] قال الثعالبي في ثمار القلوب: «فكم من مبتلى قد عوفي بالمقام عليه والشرب منه و الاغتسال به بعد أن لم يدع في الأرض ينبوعا إلاّ أتاه واستنفع فيه».[21]
ثبت أن رسول الله محمد شرب ماء زمزم وهو قائم، روى البخاري ‏عن العباس بن عبد المطلب، أنه قال: «سقيت رسول الله ‏من زمزم وهو قائم»، كما ورد عنه أن ماء زمزم لما شرب له، ‏وقد نص علماء المسلمين على أن الدعاء بعد الفراغ من شربه مما ترجى إجابته. روى أحمد ‏والحاكم والدارقطني عن ابن عباس، وأحمد عن جابر عن رسول الله محمد، أنه ‏قال:
* *

ماء زمزم لما شرب له
*
تم .. تمنياتي لكم بقراءة ممتعة

منى


 


رد مع اقتباس
قديم 11-08-2017, 01:14 PM   #9


الصورة الرمزية منى
منى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 516
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 أخر زيارة : 06-24-2019 (05:11 PM)
 المشاركات : 28,202 [ + ]
 التقييم :  115704
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



بيعة العقبة الأولى

بيعة العقبة الأولى كانت بعد أعوام صعبة جداً عاشها الرّسول محمد صلى الله عليه وسلّم وهو يدعوا أهل مكّة للإسلام ، فأجتمع بمجموعة من أهل يثرب( المدينة المنورة ) ليخبرهم عن الإسلام ، وقد كان اليهود في يثرب ( المدينة المنورة ) قد نشروا فيها أن نبياً سيبعث في آخر الزّمن وحين يظهر سيابعونه كلّهم ويقضون على العرب وهم تحت لوائه ، وحين جاء وقت الحج حضر وفد من أهل يثرب وقد ثبتو على عدّهم بلقائه ، وقد روى البخاري في صحيحه نص هذه البيعة وبنودها ، فعن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفّارة، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله، فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه ) ، وكان عددهم 12 رجلاً ، 10 من الخزرج و 2 من الأوس ، وهم *:

1. أسعد بن زرارة
2. عويم بن ساعدة
3. مالك بن الهتيان
4. عوف بن العفراء
5. معاذ بن العفراء
6. ذكور بن عبد قيس
7. عبادة بن الصامت
8. عامر بن حديدة
9. عقبة بن عامر
10. العباس بن عبادة
11. يزيد بن ثعلبة
12. رافع بن مالك

وهذه كانت المرّة الأولى التي تجتمع بها القبيلتين على مشورة واحدة منذ عقود وقد تمت في مكان يدعى العقبة قريب من مكة لذلك أطلق عليها بيعة العقبة الأولى ، وقد تضمّنت بنود البيعة على وضع حجر الأساس للأمة الإسلاميّة .
أرسل الرّسول صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير ليعلمهم ويقرئهم القرآن الكريم ويعلّمهم ويفقّهم بأمور الإسلام فكان رضي الله عنه أوّل سفير في الإسلام ، وقد نجح بشكل مبهر في نشر الدّعوة بين أفراد القبيلتين وأهل المدينة المنوّرة ، حيث انقضى العام وكان أغلب سكّان يثرب قد دخلو في دين الإسلام ، فرجع مصعب إلى المدينة قبل موسم الحج للعام الثالث عشر من البعثة وشرح للرسول صلى الله عليه وسلم عن أحوال أهل يثرب ( المدينة المنورة ) وكيف تغلغل الدّين فيهم . فمهّدت هذه البيعة للبيعة الثانية الكبيرة وأحداث تاريخيّة هامّة ستغيّر معالم البشريّة مستقبلاً .

بيعة العقبة الثانية

عندما أمر الله تعالى رسوله الأعظم محمّد – صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الرسالة الخاتمة، مرّت الدعوة المحمّدية بالعديد من المراحل، فكانت في البداية دعوة سرية، وقد استمرّت لمدّة ثلاث سنوات، مرّ خلالها المؤمنون بدورة تدريبيّة ربّانية قرآنية محمّدية، استطاعوا من خلالها شحن قواهم ليستطيعوا المضيّ قدماً في المرحلة القادمة التي ستأتيهم، وهي المرحلة الأصعب، فهم سوف يتعرّضون خلالها لأمور لم يكونوا يتصوّرنوها؛ فحجم هذه الدعوة وحجم هذه الأمانة كبير جداً، لهذا فإنّه ينبغي عليهم أن يصبروا ويحتسبوا أجرهم عند الله تعالى.

بعد الفترة التمهيديّة هذه، جهر الرّسول والمؤمنون بالدعوة، وفعلاً بدأ الإيذاء تشتد وطأته عليهم وعلى الرّسول الكريم، فقد تعرّضت جماعة المؤمنين بمن فيهم رسول الله لأشد أنواع الأذى، مع أخذ الكفّار بعين الاعتبار طبيعة الشّخص الذي أمامهم، فمثلاً لم يستطع أحد منهم أن ينبس ببنت شفة مع أكابر قريش وأعلاهم نسباً ممّن آمنوا بالرسالة الوليدة، ومع هذا فقد أوذي الجميع، ولكن كلٌّ حسب مرتبته، ولعلّ أكثر من ذاق وبال كفار قريش وحنقهم على دعوة الرسول، هم ممّن كانوا يعتبرون عند قريش من صغار الناس وأدناهم حسباً، إلّا أنّ الإسلام عندما جاء رفع من قيمتهم وجعل الناس جميعهم سواسية، وربما يكون هذا الأمر هو الّذي أظهر مقدار الغضب هذا كلّه من قريش. ولعلّ قصّة آل ياسر وكيف قتلت أوّل شهيدة في الإسلام سميّة بنت الخياط والدة عمار بن ياسر هي خير دليل على مقدار العذاب الذي لاقاه المسلمون آنذاك.
بعد هذا العذاب كلّه مرّ المسلمون في مراحل أخرى منها: الهجرة إلى الحبشة، ومقاطعة بني هاشم، والمحاصرة في الشعب، ووفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد التي كانت تدعم الدعوة الإسلامية بالمال، ووفاة عمّ الرسول أبو طالب الّذي كان يدافع عن الرسول، وطرد الرسول الأعظم من الطائف وإيذاؤه هناك، والعديد من الأحداث الأخرى، كانت الأحداث كلّها تتسلسل وتقود المسلمين إلى حلٍّ أخير لا بدّ منه وهو هجرة مكة المكرمة.

بيعة العقبة الأولى
بدأ الرسول بعرض نفسه على كافّة القبائل مستثمراً مواسم الحج، وكان يهدف من هذه الخطوة إلى اللجوء إلى قبيلة أخرى غير مكّة المكرمة، فبعد عدة محاولات لم تتم مع قبائل عربيّة متعدّدة، وافق أهل يثرب على استضافة الرسول والدفاع عنه ونصرته؛ ففي العام 11 من البعثة، قدم على مكّة وفد من قبيلتي الأوس والخزرج فسمعوا من الرسول الأعظم وعادوا إلى مدينتهم مؤمنين، وفي العام 12 من البعثة عادوا ومعهم جماعة أكبر من قومهم كانوا قد دخلوا في الدين الجديد معهم، وبايعوا الرسول الأعظم بيعة العقبة الأولى، وأرسل الرسول معهم مصعب بن عمير ليعلم إخوانه الدين، ويقوم بواجب الدعوة في يثرب، وقد انتشر الإسلام في ذلك الوقت انتشاراً كبيراً جداً غير متوقع.

بيعة العقبة الثانية
هي بيعة أهل يثرب للرّسول الأعظم في العام التالي الّذي ولى عام بيعة العقبة الأولى، فقد بايع وفد يثرب الرسول الأعظم بيعة العقبة الثانية في العام 13 من البعثة. وكان وفد المبايعين يتكوّن من 73 رجلاً وامرأتان، وكانت بيعتهم له على حمايته والدفاع عنه وعن الإسلام، كما يحمون عائلاتهم وأنفسهم، مقابل أن تكون الجنّة لهم. وقد كانت هذه البيعة فاتحة عهدٍ جديد بين الطرفين، وفاتحة عهد جديدٍ لدين الله تعالى.

لماذا سميت هكذا
سُمِّيَت بيعة العقبة بهذا الاسم نسبةً إلى المكان الذي بايع فيه الأنصار رسول الله في مكة، حيث حدثت فيها بيعتان الأولى والثانية، وسميت بيعة العقبة الثانية كي تتميز عن البيعة الأولى، والتي عقدت قبلها بعامٍ كاملٍ؛[١] حيث بدأت البيعة الأولى في العقبة بعد عام من مقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم مجموعة من أهل يثرب في السنة الثانية عشرة من البعثة عندما جاء إلى الحج عشرة من رجال الخزرج ورجلان من الأوس ومن بينهم ستة اسلموا في العام السابق، وعندما لقوا الرسول بايعوه عند العقبة فكانت تلك بيعة العقبة الأولى.[٢]


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

مركز تحميل Top4toP


الامتدادات المسموحة: PMB | JPG | JPEG | GIF | PNG | ZIP

الساعة الآن 02:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.