#1
|
|||||||||
|
|||||||||
رجع إيلول ..
مساء سعيد أتمناه لكم
في أيلول تنتهي مظم الأشياء الجميلة .. تنحسر الأعراس و مناسبات النجاح ، تهدم معرشات البطيخ، تتهاوى جلسات آخر النهار أمام البيوت ، يلملم المغتربون الثواني الأخيرة من إجازاتهم ... يسحبون خيط الفرح من سجادة الليل ، يغلقون جيداً نواف شققهم ، يغذون غرف جلوسهم يبحثون عن أوانيهم .. أحذية صغارهم .. صورهم ... عن بقاياهم التي أرخوها ذيلة إجازة الصيف هنا و هناك .. يلملمون كل شيء و يرحلون ... سيارات تستثقل هذا الرحيل .. تسير ببطء و حزن كل نحو وجهته ... محملة بحقائب مشدودة محشوة برائحة البلد .. رائحة الأحبة ... أكياس من المؤنة .. ميرمية .. و زعتر .. .. تمر و هال .. علم الوطن الذي أصر الأولاد على حمله معهم بين أوراقهم و دفاتر رسمهم .. و الهدايا التي تبضعوها .. أنها تفاصيل الصيف الدقيقة ... نحملها معنا في ذاكرتنا تلك السهرات التي لامست الفجر، ضحكات عشعشت في حناجرنا رقصات و أهازيج ... كلها ستكون لنا رفقة نحو غربة .. غربة وطن و غربة جسد مع انطلاق صوت المحرك و ندى الفجر يترقرق على زجاج النافذة ، كما تترقرق دموع الوداع على زجاج العين .. تمضي السيارة و يمضي معها الأوقات الجميلة ... و يبدأ عام جديد من الألو و المسجات و المكالمات .. تمضي على الطريق كل حين تقفز لافتة مكتوب عليها الحدود 80 كلم ... 60 كلم و هكذا كلما قرأها ذاك المغترب سأل نفسه ذات السؤال كم بقي من حدود العمر حتى أصل؟ أي وقت سيكفي لأعود ؟ في مبنى المغادرين أدير ظهري متأثرة كلما رأيت معانقة بين أم و ابنها أو ابنتها بين زوج و زوجته ... بين حبيب و حبيبته ... أرى بعيني وجه العالم .. أرى حرقة الغياب بادية على الوجوه مثقل هذا القلب بالوجع .. بالغياب و الألم ... أيها العائدون لغربتكم هلا أعطيتم قلبي إجازة ! ملكة زماني قلمي المتواضع
|
|
|