مّما يشغل فكر كثيرٍ من الناس بل مُعظم
الناس ما يخصّ مسألة الرزق وتحصيله
بل ربما تَنميته وتكثيره حتى يصل المرء
إلى حد الكفاية أو الغنى، لكن المُؤمن يثق
أنّ رزقه سيأتيه لا محالة، فقد كفل الله
تأمين قوته وقوت من يعول بشرط
أن يسعى لذلك بالعمل الدؤوب
ثم يتوكّل على الله فيما بعد
ذلك بخصوص ما يأتيه من رزق
وهو ما يُعرف بالتوكّل، وقد فرّق العلماء
بين التوكّل والتواكل؛ فإذا سعى الإنسان
بكل قوّته وقام بما يجب عليه القيام به
من العمل والجهد المطلوب منه، ثم جاء
رزقه شحيحاً أو حتى لم يأته شيءٌ من الرزق
حتى افتقر، فإن عليه أن يقوم ببعض الأمور
لجلب رزقه الذي توقّف ربما لعلةٍ مجهولة
أو معلومة لم يتبه لها
فما هي وسائل جلب الرزق؟
وماذا ينبغي على الإنسان
أن يعمل في حال عُسره؟
معنى الرزق
الرِّزقُ يعني جميع ما ينتَفِعُ بهِ العبد
من الأموال أو الزروع أو التجارة أو غير
ذلك، وكلُّ إنسانٍ له رزقٌ مقسوم مُحدّد
هيّأه الله له بمجرد أن نُفِخت فيه الروح
وحتماً سيدرك ذلك الرزق شاء أم أبى
وقد صحَّ من حديث جابر بن عبد الله
-رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصّلاة
والسّلام- قال: (يا أيُّها النَّاسُ اتَّقوا اللهَ
وأجمِلوا في الطَّلبِ فإنَّ نفسًا لن تموتَ
حتَّى تستوفيَ رزقَها وإن أبطأ عنها فاتَّقوا
اللهَ وأجمِلوا في الطَّلبِ خذوا
ما حلَّ ودَعوا ما حرُم)
فالرزق مقسومٌ لكل عبد، ويبقى
على المرء من العمل أن يسعى
في طلب رزقه وتحصيله.
كيفية جلب الرّزق
لا بد للمرء أن يسعى في تحصيل
ما قدّره الله له من الرزق حتى لا يكون
مُتواكلاً وإن عُسر عليه رزقه وضاق
به الحال فيجب أن يقوم ببعض
الأمور ويتوكل بعدها على الله
وينتظر أن يأتيه ما قسمه الله
من الرزق وممّا يجب
على العبد فعله لجلب الرزق
ما يأتي
•يجب أن يدرك المرء أن رزقه مقسومٌ
وأنه آتيه لا محالة، وأنّ الله لم يؤخر
الرزق عنه إلا لسبب؛ فإنّ المسلم إذا
ما سعى لتحصيل رزقه ثم أبطأ الله
عليه فإنّه يثق أنّ ذلك بأمره وحده
وأنّ الله لم يكتب له الرزق في تلك
الفترةوأنّ ما كتبه الله من الرزق
سيأتيه في وقته الذي حدّده الله
له فإنّ لكل امرئٍ رزقاً استقرّ
باستقراره في رحم أمه يقول رسول
الله -عليه الصّلاة والسّلام-
بهذا الشأن: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد وَكَّلَ
بالرَّحمِ ملَكًا، فيقولُ: أي ربِّ، نُطفةٌ،
أي ربِّ، علقةٌ، أي ربِّ، مضغةٌ، فإذا
أرادَ اللَّهُ أن يقضيَ خلقًا، قالَ: قال الملكُ
أي ربِّ ذَكَرٌ أم أنثى؟ شقيٌّ أم سعيدٌ؟
فما الرِّزقُ؟ فما الأجلُ؟ فيُكْتبُ كذلِكَ
في بَطنِ أمِّهِ)،
كما ثبت في الصّحيح أنّ النبي -عليه الصّلاة
والسّلام- قال: (يا أيُّها النَّاسُ اتَّقوا اللهَ
وأجمِلوا في الطَّلبِ فإنَّ نفسًا لن تموتَ
حتَّى تستوفيَ رزقَها، وإن أبطأ عنها فاتَّقوا
اللهَ وأجمِلوا في الطَّلبِ، خذوا ما حلَّ
ودَعوا ما حرُم).
•البعد عن الذنوب: فإنّ الذنوب من أهمّ
ما يُؤخّر الرزق، والبعد عنها يُسرّع في الرزق
ويجلبه لأهله، وقَد يُحرَمُ العبدُ الرزق الذي
كُتب له بسبب معصيةٍ أو ذنب أصابه
ودليل ذلك ما روى ثوبانَ مولى رسولِ
الله عن الرَّسولِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام
أنَّه قال:
(إنَّ الرَّجلَ ليُحرمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه)
فإن ارتكاب المعاصي والذُّنوبِ من أسباب
منع الرزق، وبالتّالي فإنّ البعد عن الذنوب
طريقٌ لجلب الرزق، ويمكن أن يأتي الرزق
للعبد مع أنه مُذنبٌ عاصٍ لله ولكن ذلك
الرزق يأتي منزوع البركة فلا يجد المرء
في رزقه الخير، بل أنه يبقى بحاجة لغيره
مع كثرة ما يأتيه من المال بسبب الذّنوب
ومن المعاصي التي تمنع الرزق وتُؤخّره
الزّنا، فعَن عبد الله بن عمر -رضِيَ اللهُ
عنهُ عن رَسولِ اللهِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام
أنَّه قال: (الزِّنا يورِثُ الفقرَ)
ويدخل في الحديث جميع ما يُؤدّي إلى الزّنا
من الوسائل التي تُفضي إليه، كالنظر وغيره