10-26-2018, 05:26 PM | #29 |
• رونق التـ🌷ـوليب •
|
•• الجزء السابع ••🥀
حينَ حانت الساعة الرابعة .. غادرتُ المنزل ، أعرف أنه اقتربَ موعد مجيء ( إدوارد ) من عيادته .. هذه المرة لن أنزلَ عندَ رغبته ، لن أحضرَ العشاء معه .. فلتتأبط ( جوليا ) ذراعه .. أليسَ هذا ما يريدانه ؟! ابتعدتُ كثيراً عن المنزل .. نزلتُ في أحد المجمعات ، مضيتُ بعض الوقت ثم غادرتُ المكان إلى أحدِ المطاعم .. لأولِ مرةٍ أدخل هذا المطعم .. يبدو قديماً و متهالكاً مقارنةً بالمطاعمِ الحديثة .. سأتناول أي شيءٍ نيابةً عن وجبةِ العشاء .. فقد بدأتُ أشعر بالجوع . جلست على أحدى الطاولات الفارغة ، فجاء إلي النادل ليأخذ طلبي .. بعد دقائق ، سمعتُ صوتَ انكسارِ زجاج .. كان قادماً من الداخل .. لفتَ انتباهي ذلك الصوت ، و لكن ما شد مسامعي أكثر هو صوت الصراخ و الصياح بعده .. أغلب الظن أن أحد العاملين قد كسرَ شيئاً ! تذكرتُ حياتي السابقة كيفَ كانت ، تذكرتُ العناء و الشقاء الذي كنت أمر به كل يوم !.. لكن سرعان ما توقفت عن التذكر !.. فقد ظهرَ الشاب المتسبب في كسر الزجاج حزيناً و متألماً و ربّ العمل يشده من كمه يشتمه قائلاً : - غادر الآن فوراً .. لا أريد أن أراك هنا ثانيةً أيها اللعين . أمسكَ الشاب بيد الرجل و قال يرجوه : - صدقني لن أكررَ ذلكَ ثانيةً يا سيدي . صرخَ به : - بل تقصد رابعةً أيها الغبي ، غادر المكان .. و راتبكَ هذا الشهر لن تنال منه فلساً واحداً .. سيكون عوضاً لي عن زجاجاتِ الشراب التي حطمتها . بكى الشاب !.. و قد هزني ذلك و أثار غضبي .. فوقفتُ أنظر بغضبٍ و داخلي يعصف من الغيظ ! قال الفتى يتوسل للرجل : - لا تفعل سيدي أرجوك ، أنا و أخوتي بحاجةٍ للمال ! - قلت انصرف . تقدمتُ نحوهما بانفعال .. و قلت للرجل الغاضب : - كم ثمن زجاجات الشراب ؟..سأدفع ثمنها لكن لا تحرم الفتى حقه . نظرَ الإثنان إليّ بدهشة .. فأخرجت كل المال الذي في محفظتي و أعطيتها للرجل قائلة : - هل هذا يكفي ؟ ابتسم الرجل و أخذ المال من يدي ، ثم قال : - نعم ، يكفي .. ثم رمى القليل من المال على الفتى و قال له : - خذ هذا المال و انصرف عن وجهي . شعرت بداخلي يحترق من تصرفه السيء .. فنظرتُ للفتى المكسور كيفَ ينظر للمال الذي وقعَ على الأرض .. و ما إن همّ ليلتقطه .. مددتُ يدي إليهِ أمنعه .. نظرَ الفتى إليّ مستغرباً ، فانحنيتُ أنا و التقطتها .. و أعطيتها له و قلت : - تعالَ معي الآن . أجابني مرتبكاً : - إلى أين ؟! شددتُ على كفه و قدته إلى الخارج .. و وقفت به عند باب المطعم و قلت له : - لا تهتم لما حدث ، سنبحث لكَ عن عملٍ الآن . قال الشاب مبتسماً : - ممتنٌ جداً يا آنسة ، لكن لا تشغلي بالكِ بي .. سأبحث غداً عن عمل ، أنا شاكرٌ لكِ . حدقتُ به .. أشعر بالمسؤولية التجاهه ، ربما لأنه يذكرني بنفسي !.. أفهم جيداً ألمه و انكساره هذه اللحظة . قال لي : - سأذهب الآن لأشتري طعاماً لأخي و أختي ، لا أريد أن أتأخر عليهما .. شكراً ثانيةً . - انتظر .. أريد المساعدةَ حقاً ! حدقّ بعيني باستغراب ، و قال متعجباً : - لستِ مضطرة يا آنسة .. قلتُ بإصرار : - لكني أرغب بذلك . بدأ الثلج بالتساقط هذه اللحظة .. فقال الشاب : - شكراً .. لكن كيف ؟ - ما أسمك ؟ - ( كارلوس ) . - أنا ( كريستينا ) .. هل معكَ هاتف ؟ - أجل . - جيد .. سأعطيكَ رقمي ، و غداً سنلتقي في هذا المكانِ في الساعةِ الرابعة . قال متردداً : - حسناً ، إن كان ذلكَ يهمك ! ابتسمت و قلت بامتنان : - شكراً . أعطيته رقم هاتفي و حصلت على رقم هاتفه ، و وعدني أن يهاتفني غداً .. افترقنا بعدها .. و أنا أشعر بالكثير من السعادة تغمر قلبي . و الآن .. بعد أن حلت الساعة السابعة .. سأعود للمنزل ، لاشك أنّ ( إدوارد ) غادر للعشاء .. سأعود لأتناول عشائي في المنزل فأنا أتضور جوعاً . عدت إلى المنزل .. و فور دخولي ذهبتُ إلى المطبخ لأسألَ عن العشاء ، أخبرتني الخادمة أن العشاء سيكون جاهزاً بعدَ نصفِ ساعة .. فقررتُ أن أصعدَ إلى غرفتي للإستحمام إلى حين العشاء . ذهبتُ إلى غرفتي .. و حينَ دخلتها تفاجأت !.. كانَ بها ( إدوارد ) ! وقفتُ مشدوهةً مكاني عند الباب .. حينَ رأيته جالساً على الأريكة ينظر إلي .. بدأ قلبي يخفق بشدة ، و أنفاسي تتلاحق خوفاً مما سيحدث . قال بهدوء : - أغلقي الباب و تقدّمي . أغلقت الباب بسكونٍ شديد .. ثم تقدمتُ نحوهُ و أنا أحبس أنفاسي في صدري ، أشعر و كأنّ قلبي سيخرج من بينِ أضلعي ! وقفَ هو الآخر و تقدم نحوي .. فشلت حركتي . كان وجهه بارداً كما هو دائماً ، لكن الشرر يتطاير من عينيه .. أشعر و كأنه يتوهجُ ناراً ! توقفَ قبالتي .. فقلتُ بصوتٍ ضئيل : - أنتَ .. لم تذهب ! مدّ يده نحوي و شدّ على ذراعي بقوةٍ و هو يقول بهدوء : - هل تجرؤينَ على عصياني يا ( كريستينا ) ؟! أحسستُ بالألم من قبضته .. فوضعت يدي على يده التي تضغط بقوةٍ على ذراعي و قلت متألمة : - أتركني ! لم يتركني ، بل استمر في الكلام و هو يعقد حاجبيه بغضب : - حذرتكِ من أحراجي مع أصدقائي و لكنكِ .. لا تأخذينَ تحذيري على محمل الجد . نظرتُ إلى عينيه بتوسل .. فأرخى قبضته ، و أنزلَ يده عني و قال و قد هدأ قليلاً : - لمَ تغضبيني يا جميلتي ؟ شددت على ذراعي المتألمة بقهر ، و قلت بانفعال : - لا ترغمني على مالا تطيقهُ نفسي يا ( إدوارد ) .. لا أستطيع .. - بل تستطيعين .. إنه أمرٌ في غايةِ السهولة ! أغرورقت عيناي .. لا أريد الذهاب مرغمةً معه ! تنهد و قال آمراً : - استبدلي ثيابكِ فوراً لنذهب ، ما زال هناك متسعٌ من الوقت .. أسرعي . - سآخذ حماماً أولاً . - استعجلي إذاً ، عشر دقائق و نذهب .. سأخرج فستاناً لكِ و حذاءً .. لا تتباطئي . تحركتُ بغضبٍ و ذهبت إلى الحمام ، أخذت حماماً سريعاً جداً ، و حينَ خرجتُ من الحمام وجدتُ فستاناً أسوداً جميلاً و حذاءً أنيقاً ملقيانِ على السرير .. هما أيضاً من اختياره ! ارتديتُهما و جففتُ شعري بالمنشفةِ و سرحته على عجل .. ألتقطتُ حقيبتي و معطفي و غادرتُ إليه .. كانَ ينتظرني في الأسفل .. حينما رآني سكنت تقاسيم وجهه ، فقلتُ و أنا أقترب منه : - أنا جاهزه . - لم تضعي شيئاً من الزينة على وجهك ! - هل أعود لغرفتي ؟! - لا ، أنتِ جميلةٌ هكذا أيضاً .. هيا بنا . ========== وصلنا إلى القاعة قبل موعد العشاء ، دخلتُ و أنا متشبثة بذراعِ ( إدوارد ) كما هو متوجبٌ علي .. لكنّ ( إدوارد ) لم يلزمني بالبقاءِ ملتصقةً به ! ربما لأن ( جوليا ) لم تكن هنا .. قضيتُ العشاء بصداعٍ شديد .. كنتُ صامتةً للغاية و هادئة ، لم يكن ليعجبني أي شيءٍ هنا و لا ليثير اهتمامي !.. جئتُ مرغمةً و ذلكَ قد بدا علي .. و ربما اعتقدَ البعض أني مغرورةً أو متعجرفة ، لا يهم فاليظنوا ما يشاؤون .. إني غير مهتمةً بهم . مضى الوقتُ أخيراً .. و حينَ عدنا إلى المنزل دلفنا إلى الداخل .. فقال ( إدوارد ) و هو يتقدمني و دونَ أن ينظرَ إلي : - تصبحينَ على خير . لم أجبه ، بل ظللتُ أحدق به حتى غابَ عن عيني .. ثم صعدتُ لغرفتي . ======== كان الجو صحواً في اليوم التالي ، و الشمس قد بانت أشعتها من خلف الغيم .. خرجتُ إلى الجامعةِ في الساعةِ السادسةِ و النصف .. أمضيتُ وقتي في الجامعة حتى الظهر ، ثم ذهبت للغداءِ في أحدِ المطاعم ، بعدَ ذلك عدتُ لمكتبةِ الجامعة و أمضيت الوقتَ فيها حتى حانت الثالثة .. غادرتها و أنا متذكرةً ( كارلوس ) ، لقد وعدتُ أن التقيهِ في الرابعة عندَ ذاك المطعم . وصلتُ هناك قبلَ الرابعةِ بعشرين دقيقة ، و بعدَ عشرِ دقائق من الإنتظار ، وجدت ( كارلوس ) مقبلاً إليّ ! حينَ رآني ابتسم ، فأسرع خطاه حتى اقتربَ مني قائلاً : - أهلاً يا آنسة . صافحتهُ بوجهٍ مبتهج : - مرحباً ، كيفَ حالك يا ( كارلوس ) ؟ - بخير .. ماذا عنكِ ؟ - جيدة جداً . قال لي بسعادة : - لقد ذهبتُ هذا الصباح للبحث عن عمل ، و من حسن الحظ أني عثرتُ على عملٍ جيد . قلتُ بحماسٍ و سعادة : - رائع ، و ما هو عملك ؟ - سأعمل رجل أمنٍ في أحد الفنادق .. لم يتم إبلاغي بموافقتهم على العمل لكنهم وعدوني بارسال الجواب قريباً . - هذا جيد .. إلى حين ذلك ، هل ستكون أنتَ و أخوتكَ بخير ؟! - نعم .. شكراً لاهتمامك . دعوته بعدَ ذلك للجلوس في أحد الأماكن العامة و شرب القهوة .. و حينَ كنا جالسين .. سألته عن نفسه : - كم عمرك ؟.. و هل تدرس ؟ قالَ و هو ينظر في كوبه بخجل : - أنا في الثالثةِ و العشرين من عمري ، لكني لا أدرس .. في الواقع .. و رفعَ عينيه عن كوبه إليّ و قال : - لم أكمل دراستي العامة بسببِ ظروفي السيئة ، والداي متوفان .. و أنا أكبر أخوتي و أحاول الاهتمام بهما و مساعدتهما في العيش . تعاطفت معه كثيراً ، و قلت باهتمام : - كم عمرهما ؟ قال و قد ارتسمت السعادة على وجهه : - أختي تصغرني بسنتين ، و هي ستتزوج في فصل الصيف .. أي أنها ستعيش حياتها مع رجلٍ يحبها و يهتم بها و هذا يشعرني بالراحة و الإطمئنان .. كذلك سيقل عبئي يا ( كريستينا ) . ابتسمت بسعادةٍ أنا الأخرى و قلت : - رائع ، رائعٌ جداً !.. أرجو أن تعيشَ حياةً رائعة مع زوجها . - أنا واثقٌ من ذلك .. فهو يحبها كثيراً كما أن له منزلاً جميلاً و عمل جيد .. سيوفر لها حياةً رائعة . - حسناً !.. و ماذا عن أخيك ؟ أخذَ نفساً و قال : - أخي بعمر السادسة عشر ، تبقى القليل لينهي دراسته العامة .. أنا و شقيقتي نساعده على ذلك بما نستطيع . - جيدٌ جداً ، و اعلم يا ( كارلوس ) أني مستعدةٌ للمساعدة في أي وقت . ابتسم و قال : - شكراً لكِ ، لكن .. يتملكني الفضول لأعرف .. ما سبب حماسكِ للمساعدة يا ( كريستينا ) ؟ ابتسمت على مضض ، و قلت بهدوء : - حينَ رأيتك ، تذكرتُ نفسي .. كنتُ أعملُ نادلةً في أحدِ المطاعم ، و اقترفت ذات الخطأ .. كدتُ أن أطرد !.. لذلكَ شعرتُ بالغضب من تعاملِ ذاك الرجل معك . - آه !.. فهمت ، و ماذا تعملينَ الآن ؟! ضحكتُ و قلت : - أنا لا أعمل الآن ، لقد تزوجت و تركت العمل ، لكني أدرس في الجامعة .. أنا في مثل عمرك يا ( كارلوس ) . - جميل . قلتُ له باهتمام : - يجب عليكَ أن تكملَ دراستكَ أنتَ الآخر ، سأساعدكَ على ذلك ، ما رأيك ؟ اتسعت عيناه دهشةً .. و قال : - ذلكَ صعب !.. ثم أنّ العمل لا يمنحني الوقت . قلتُ معترضة : - ليسَ صعباً ، بإمكانكَ تنسيق عملكَ بما يتناسب مع دراستك ، أعتقد أنّ ذلكَ ممكناً .. و المال .. سأساعدكَ أنا في أمره . صمتَ و هو يحدق بي ، فقلتُ اشجعه على ذلك : - لكَ الحق يا ( كارلوس ) في أن تدرسَ و تكونَ ما تطمح إليه .. لقد بذلتَ الكثير لأجل أخوتك .. حان الوقت ، لأن تلتفتَ لنفسك و تؤتيها حقها . صمتَ مفكراً ، ثم ارتشفَ من كوبه .. و نظرَ إليّ و قال بهدوء : - سأرى ذلك ، لكن بعدَ زواج أختي . ابتسمت و قلت : - حسناً .. لكن لا تلغي الفكرة ، هذا هو المهم . - أعدكِ أن لا أفعل . خلعتُ معطفي و وضعته على الكرسي ، ثم أمسكت بكوبي لأشربَ القهوة .. لكن سرعان ما توقفت حينَ رأيتُ ( كارلوس ) ينظر إلى ذراعي بارتياب ! نظرتُ إلى ذراعي ، فرأيتُ كدمةً زرقاء .. إنها أثر قبضةِ ( إدوارد ) ! نظرتُ لـ ( كارلوس ) ، فسألني : - هل أنتِ بخير ؟.. ماذا حلّ بذراعك ؟ قلتُ دونَ اكتراث : - أحدهم قد شدّ قبضته علي ّ ، لا تهتم .. |
|
10-26-2018, 09:35 PM | #30 | |
|
متابع كارلوس دخل على الخط
الاحداث تعيد نفسها ومازال ادواردو يريد من كريستينا التمثيل كريستينا تورطت لاتبي ترجع للفقر و لا هي راضيه بتعامل ادواردو معها متابع |
|
|
10-26-2018, 11:29 PM | #31 | |
|
راح تصعب الموقف كريستينا كذا
وادوارد يبي له ذبح تصرفاته ترفع الضغط استمري بجد رائعة |
|
|
10-27-2018, 11:51 AM | #32 |
• رونق التـ🌷ـوليب •
|
اقتباس:
شاكرة جداً لمتابعتك يا أخي واثق ممتنة جداً أتمنى ينال إعجابك الجزء الجاي اقتباس:
الروعة منكم و فيكم حبيبتي شاكرة و ممنونة على حسن المتابعة و اتمنى الجزء الجاي يعجبك |
|
10-27-2018, 11:55 AM | #33 |
• رونق التـ🌷ـوليب •
|
•• الجزء الثامن ••🥀
مضى أسبوعان منذ معرفتي بـ ( كارلوس ) .. كنت فيهما ألتقي به كل يومٍ في العصر ، و أحياناً أخرى ألتقيهِ في المساء .. أي أني أقضي معظم وقتي خارج المنزل .. بالكاد أرى ( إدوارد ) ، و هو لا يهتم بي أبداً .. كنتُ آخذ منه المال فقط .. و هو يعطيني دونَ سؤال ، إنه شديد الكرم حقاً . في يوم الإجازة و في العصر ، كنتُ أستعد للخروج للقاء ( كارلوس ) .. في هذا الحين فاجأني ( إدوارد ) بدخوله الغرفة ! نظرتُ إليه و أنا أرفع حاجباي .. بينما تقدمَ حتى وقفَ قبالتي قائلاً : - كيفَ حالكِ يا ( كريستي ) ؟ - جيدة !.. ماذا عنك ؟ - بحالٍ جيد . عدتُ إلى مرآتي أصلحُ شعري قائلة : - ماذا عن ( جوليا ) ؟ لم يجبني ، فحانت مني التفاتةً إليه .. فقال : - إنها بخير .. طلبتُ منها أن تعرضَ نفسها على طبيب ، ربما تجد حلاً لمشكلتها . انقبضَ قلبي حينما سمعته يقول ذلك .. فتوقفتُ عن العبث بشعري ، و سألته بهدوء : - ستتزوجها إن تعافت ؟ قال ببرود و هو ينظر في عيني : - سأتزوجها حتى إن لم تتعافى .. أخذتُ نفساً و عدتُ بنظري للمرآة ، لا أعرف لما شعرتُ بالإنكسار .. رغمَ إدراكي بحقيقةِ زواجنا و الغايةَ منه ، رغمَ معرفتي أنّ ( إدوارد ) لا يحبني بل يحب امرأةً أخرى .. رغمَ استيعابي أني سأغادر هذا المكان يوماً .. ما زلتُ أتأثر ! قال سائلاً : - ستخرجين ؟ نظرتُ إليه و أجبت : - أجل . - هل نقضي وقتاً معاً ؟.. أشعر بالضجر . ابتسمتُ قائلةً متعجبة : - أقلتَ معي ؟! ابتسمَ و قال و هو يضع يديه على كتفي : - زوجتي الجميلة .. زوجكِ وحيدٌ هذه الليلة ، ما رأيكِ أن نتصاحبَ هذا المساء و نعود إلى حينِ انتصافِ الليل ؟.. ربما نذهب إلى السينما !.. - آسفة ، سألتقي بصديقٍ بعدَ قليل . ارتفعَ حاجباه ، و ابعدَ يديه عني و وضعهما في وسطه و قال : - أ لديكِ أصدقاء ؟! ابتسمت و أجبت : - بالتأكيد . - لم تخبريني بذلك .. و لم تحدثيني عنهم ! قلتُ و أنا أعيد ترتيبَ مستحضرات الزينة في الأدراج : - متى رأيتكَ أساساً ؟.. و متى كنتَ مهتماً بي أصلاً ؟ - كنا نتكلم عن أصدقائي ، و لم تذكري لي أصدقاءك ! نظرتُ إليه و قلت : - حينَ تحصل فرصة كهذه ، سأحدثك .. الآن أنا أستأذنك . و التقطت حقيبتي و اتجهت نحو الباب .. فتبعني .. استدرتُ إليه و قلت مقترحةً : - يجب عليكَ أن تذهبَ لأصدقائك أو .. لـ ( جوليا ) .. أخشى أن يقتلكَ الملل ! - ( جوليا ) ليستْ هنا ، و إلا لما كنتُ واقفاً أمامكِ الآن ! تجمدت تقاسيم وجهي ، فقال و هو يفتح الباب : - اقضي وقتاً ممتعاً و لا تقلقي علي يا جميلتي . و سبقني للخارج .. فعضضتُ على شفتي بضيق ، و أخرجتُ تنهيدةً و غادرتُ أنا الأخرى . ======== خرجت من المنزل ، و صدري ضاقَ بهمه .. قد استحوذ الأمر على تفكيري .. ( إدوارد ) سيتزوج قريباً ! لا أعرف لما حملتُ هماً .. لكني خائفة من النهاية ، خائفةٌ أن أكونَ مطلقةً و أنا مازلتُ في عمرٍ صغير . أفكر كيفَ ستكون حياتي بعدَ ( إدوارد ) ! أحسستُ برأسي مشوشاً مما زاد بؤسي . وصلتُ أخيراً حيثُ سألتقي بـ ( كارلوس ) ، لم يأتي ( كارلوس ) بعد ، فجلستُ أنتظره على أحد المقاعد و الطاولات .. إنما ما زلتُ مثقلةً بكلامِ ( إدوارد ) ..! وضعتُ رأسي على الطاولةِ و أنا أشعر بالإعياء و الضيق .. لن أستطيعَ مساعدةَ نفسي من هذه المصيبة ، و الأمر محتوم .. سأتطلق عاجلاً أو آجلاً .. سأعيش بمفردي و ستستحوذ ( جوليا ) على ( إدوارد ) .. أنا سأعود وحيدة .. و هو سيعشُ كما خطط له .. لقد استغلني .. و كم أحسنَ استغلالي !.. قطعَ أفكاري طرقٌ على الطاولة .. فاعتدلتُ على كرسيّ قائلةً و أنا أنظر لـ ( كارلوس ) : - جئت !؟ ابتسم و قال و هو يجلس على مقعده : - كنتِ نائمة ؟! - لا .. سكنت تقاسيم وجهه و هو يحدق بي ، ثم قال بهدوء : - خيراً يا ( كريستي ) ؟.. تبدينَ شاحبة و متعبة ! أنزلتُ نظري .. و بان الحزن على وجهيي .. و غرورقت عيناي .. قد فاض بي ألمي و حزني و ما استطعت تمالكَ نفسي ! فزعَ ( كارلوس ) حينَ رأى دموعي تجمعت بأحداقي ، و قال قلقاً : - ( كريستينا ) !.. هل هناك ما يضايقك يا عزيزتي ؟ لم أستطع حقاً تمالك نفسي .. فدفنت وجهي بينَ ذراعي على الطاولة و أنا أجهش بالبكاء .. جاءني ( كارلوس ) و جلس على ركبته على الأرض و يده على كتفي محاولاً تهدئتي : - أرجوكِ كفي عن البكاء و اخبريني ، ماذا أصابكِ يا عزيزتي ؟.. ( كريستينا ) توقفي عن البكاء .. اهدئي ! بعدَ لحظاتٍ من البكاءِ الشديد ، رفعتُ رأسي و مسحت بكمي دموعي التي عبثت بوجهي .. و أنا أحاول التوقف عن البكاء .. كنت أصدر شهقاتٍ كالطفلة .. كنتُ أحسبني سأصمد ، لكني بدأتُ بالانهيار ! وضعَ ( كارلوس ) يده على وجنتي يمسح دمعي و هو يقول : - هوني عليكِ أرجوكِ ، هل أنتِ أفضل الآن يا عزيزتي ؟ هززتُ رأسي و قلت : - نعم ، شكراً لك . - سأحضر ماءً و أعود . ذهبَ و أحضرَ ماءً .. شكرته و شربتُ قليلاً ، ثم عاد إلى مقعده و قال و هو يحدق بي بقلق : - ما بكِ يا ( كريستي ) ؟.. لما كل هذا البكاء ؟.. أنا قلقٌ عليكِ ، قد أفزعني بكاؤك! قلتُ له بقهر : - أشعر بتعاسةٍ كبيرة ، أرى أفقاً مظلماً لا حدود له .. أشعر بالكثير من الخيبة ! عقدَ ( كارلوس ) حاجبيه و قال باهتمام : - آه يا إلهى !.. لمَ كل هذا ؟ سردتُ لـ ( كارلوس ) كل الحكاية ، منذ لقائي بـ ( إدوارد ) ثم اكتشافي حبه و استغلاله لي و من ثم جفاءه و اهماله لي !.. و أخيراً .. برغبته من الزواج بـ ( جوليا )..! قال ( كارلوس ) لائماً إياي : - ما كان عليكِ الزواج به .. ثم أنه يكبركِ كثيراً يا ( كريستي ) !.. ألم يكن ذلكَ كافٍ لترفضيه ؟! قلتُ حزينة : - لم أفكر بفارق العمر ، كنتُ أفكر في الراحةِ فقط .. في المال و الحياة الهانئة . قال ( كارلوس ) و هو يقطب جبينه : - رأيتُ أثراً على ذراعكِ ذات يوم .. هل يضربكِ ؟ اتسعت عيناي و أنا أجيبه : - لا أبداً .. و أضفت قائلة بصدق : - إنّ ( إدوارد ) رائع !.. رائعٌ جداً .. ربما كنتُ أحببته لولا .. لولا صدوده و خديعته . نظرَ إليّ بإشفاق ، و قال بصوتٍ هادئ : - إنّ اللوم في الحقيقةِ يقعُ على ( إدوارد ) ، فهو من غشكِ .. هو لم يكشف نواياه من هذا الزواج قبل أن تتزوجا . قلتُ بغضب : - بالضبط ، لذلكَ أنا ناقمةٌ منه .. و هو يستفزني ببروده و عدم مبالاته .. بتُّ أعيش لنفسي .. أستمتع لوحدي و بوقتي .. لكنّ الخوفَ يغلبني الآن !.. أشعرُ و أنّ الأمرَ باتَ قريب !.. سأتطلق و لا أعرف كيفَ سأمضي حياتي ! ابتسمَ ( كارلوس ) و قال مطمئناً : - مخاوفكِ ليستْ بالغريبة ، من الطبيعي أنْ تخافي من كل هذا .. لكن حينما تتطلقين ، ستقبلينَ على الحياةِ بشكلٍ عاديٍ و مريح .. ستحبين الحياةَ و أنتِ حرة ، بعيدة عن زوجكِ اللئيم . قلتُ متألمةً : - بل سأعاني الإنكسار يا ( كارلوس ) .. أنا جداً محبطة ! - لا يا عزيزتي .. لا تفكري بهذه الطريقة حتى لا تري الأفقَ أسوداً .. إنّ الحياة مشرقة .. و انفصالكِ سيكون خيراً . ثم قال و قد اتسعت ابتسامته : - بالإضافةِ .. لديكِ صديقٌ يحبكِ و لن يترككِ للإنكسار و الخيبة .. و قال هامساً و هو ينظر في عيني : - سأكون بجانبك .. ابتسمتُ و قلتُ و أنا أشعر بالقليل من الإرتياح : - ممتنةٌ جداً .. شكراً لوجودك يا ( كارلوس ) . كان الشعور بالإرتياح مؤقتاً فقط !.. ما زلتُ خائفة أضع يدي على قلبي خشيةَ أنْ تباغتني اللحظة المشؤومة !.. ========= في صباح أحدِ الأيام .. هاتفني ( كارلوس ) ، كان يريد رؤيتي و تناول الفطور معي . أستعددتُ للخروج ، و غادرت الغرفة .. و بينما كنتُ أسيرُ لأنزل ، و جدتُ ( إدوارد ) مقبلاً .. فتوقفت . كان يمشي ببطءٍ و تكاسل .. يبدو عليه الإرهاق و كأنه لم ينم طيلةَ الليل . قلتُ و أنا أنظر إليه : - صباح الخير . توقفَ و أجاب : - صباح الخير ، ستخرجين ؟ - نعم ، سأتناول الإفطار خارجاً مع صديقي . ضاقت عينيه و هو ينظر إلي .. ثم قال بهدوء : - تخرجينَ كثيراً هذهِ الأيام يا ( كريستينا ) ، و دوماً تلتقينَ بصديقكِ الذي ظهرَ فجأةً .. من هو هذا الصديق ؟ حدقتُ في عينيه ، يتملكه الفضول !.. لماذا ؟!.. قطعاً ليسَ غيرةً عليّ من هذا الصديق . قلتُ ساخرة : - سأدعوه غداً على العشاء لتتعرفَ عليه ، ما رأيك ؟ فاجأني بجوابه : - سيكون ذلكَ جيداً .. سأنتظره غداً . و تقدمَ ليعبرَ من جانبي .. فشممتُ منه عطراً جميلاً ، رائحته مألوفةً لدي .. حاولتُ التذكر .. فاتسعت عيناي حينَ تذكرتُ أينَ شممته ! استدرتُ إليه و سألته بقلبٍ منقبض : - عادت ( جوليا ) ؟! توقفَ حينما سمعَ سؤالي .. ثمَ استدار إليّ و قال و هو يرفع حاجبيه : - نعم .. ما أدراكِ !؟ أحسستُ بالدمِ يغلي في عروقي ، لكني تصنعت الهدوء .. و أخذتُ نفساً و أجبت : - رائحة عطرها الأخاذ ملتصقةٌ بك . ارتسمت على شفتيه ابتسامةً لطيفة ، وضعَ يديه في جيبي معطفهِ و قال : - نعم .. قد قضينا الليلَ معاً ، هل أعجبكِ العطر ؟!.. سأهديكِ واحداً . عضضتُ على شفتي بقهر .. و أعتقدُ أنّ الغضبَ قد وضح على ملامحي هذه المرة ! سكنت تقاسيمه ، و قال و هو يقترب مني : - أنا آسف .. لم أقصد .. أنزلتُ رأسي إلى الأرض ، حاولت استجماع هدوئي .. ثم نظرتُ إليه و قلت : - هل استطاعت العلاج ؟ هز رأسه و قال : - لا .. أخبرها الطبيب أنّ ذلكَ مستحيل . هززتُ رأسي .. في الحقيقة لا يهم إن كانت وجدت حلاً لمشكلةِ عدمِ الإنجاب ، و لا أعرفُ لما أطلقتُ هذا السؤال ! الأمر سيان .. إن كانت تستطيع الإنجاب أو لا ، هو سيتزوجها ! قلتُ له : - عن إذنك . و استدرت للمغادرة .. و قلبي يرتجف . أشعر بالإنهزام !.. بالإهانة .. زواجي لم يكن حقيقياً ، جاء بي ( إدوارد ) لأكونَ أداةً نافعةً له لا أكثر .. سيرميها خارجاً بعدَ أن ينتهي منها .. ذلكَ يقتلني قهراً و غيظاً .. يقتلني خوفاً مما سيعقب ذلك ! |
|
10-28-2018, 10:01 AM | #35 | |
|
لو تعيش حياتها احسن لها طالما وضح لها السبب من الزواج صحيح تصرفاته ترفع الضغط لكن هذه نهاية الاستعجال وعدم التفكير السليم منذ البداية استمري متابعة لك ي مبدعه
|
|
|
|
|