نحنُ دائماً مُحملين بالود فقط لمن دام وده

كنتُ أحسب أن الزوال مُرعب..
أن انقضاء الأيام.. واندثار الأشياء.. ورحيل المقربين والنائين..
أمرٌ يهز قدرتي على الحياة.. كان هذا قبل حين..
لكنني اليوم أخفف عن نفسي مرارة الحوادث بأنها زائلة..
وأمسح عن قلبي وجع الخذلان بأنه عابر..
وأواسي روحي المرهقة بأن قدر الوهن أن ينتهي..
وقدر أهوال الفقد أن تنقضي..
وأقاوم وهم التعلق بحقيقة الزوال..
فلا أحزن أكثر مما تستدعي اللحظة..
ولا أتشبث أكثر مما يستوجب الوفاء..
ولا أثق بنفسي.. بقدر ما أسلِّم زمامها لخالقي .

يوماً ما ستقف لتفكر في نفسك كيف وصلت بعد هذه السنين إلى ثورة من التناقضات ، لواقع افتراضي جعل لنفسه رقماً حقيقاً بين الأرقام .
بينما يشكل عالمك الواقعي ثمرة حياتك الحقيقة ..
ستصل إلى حنين هائم لكل تلك اللحظات الجميلة وكيف مضت مسرعة ، ومحاولة ربط هذه اللحظات بكل شيء بحياتك الواقعية وكيف اصبحت بعد سنين طويلة مجرد ترهلات لا يمكن تحسين صورتها للأسف .
ستشعر أن عمرك راح بين واقع تحاول دائماً أن يبقى أمام عيونك وبين محاولاتك المتكررة لجعل الكوكب في يدك ، وتحارب لتكون قريباً من أحدهم مها اختلفت الظروف وطالت المسافات ، لكن هذه الآمال تتبدد للأسف حينما تُفتح شرفة أحلامهم و ينطلقون إلى عالم أكثر واقعية .
أتساءل ما هذه اللهفة لهم وكيف كانت الصدفة وكيف تدهورت تلك الأوقات وانحدرت بسرعة رهيبة ، حيث أصبحت غثاء كغثاء السيل .
بينما أنت وأصحاب القلوب الهائمة لا زلت تحاول أن تُبقي في قلبك شيء مما مضى

صراعات

بينما أنت مبحر في بحر أمنياتك ستجد أن البعض ينتظر منك أن تغرق .
الكثير منهم نسي أنك تعلمت السباحة من أجلهم .

هذه الحياة مليئة بالحكايات ولكل حكاية
طعم ولون . فبعضها تتمنى لو أنك تعيش الدهر كله في كنفها وتتمنى لو أن كل لحظة فيها تبقى ثابتة لا تتحرك ولا تتبدل .. غير أن الحياة دائما تصدمك في تقلبها .. لتعود من رحله الود وتحط على جبل الفقد والغياب ..

بعضهم أتمنى لو أن السنين توقفت عند لقائهم وتعطلت حركة الزمن وتراتبت .

والذِكريات أحيَانا تَبقى أكْثر وَفاء مِن أصحَابِها.

‏رافقتكم البهجة ، والطّرُق السّعيدة ، والأحلاَم التِي تركضون خلفها ، وبقِيت أرواحكم مُضيئة إِلى الأبد

لم يكسرُنا الفراق أبداً ..
كسرَتنا المواقف .والخيبة والوعود التي اكتشَفنا مؤخراً أنها ليست سوى كلمات...
كسرتنا توقعاتنا وأحلامنا التي انهارت أمامنا وظلّت مجرد ذكريات ..
كسرتنا تلك الأحاديث التي بقِيت بداخلنا عالقة على شكل ندوب ..
كسرتنا ثقتنا المفرطة التي منحناها بلا حدود وتحوّلت لقسوة ومن ثمّ عتاب حتى فقدان الرغبة..
كسرتنا بقايا مشاعر لازلنا نحارب طيفها لننتصر عليها يوماً..
نعم لم يُميتُنا الفراق ، لكنه سلبَ طمأنينتنا جعلنا نعيش في حذر مخيف من الأيام التي تنتظرُنا.....