رسالة قرآنية { سورة الكهف }
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته :
رِسَالةُ السُّورة القُرآنيّة 🔅 سُورة الكَهْف .. { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } .. يبدو هذا المَقطع ؛ مثل نداءٍ أخير .. وَقورٌ في كلماته .. ومتسامٍ عن أوهام الكُفر ! واضحٌ .. في أنَ العباد لو أخلَصوا في الإقبال ؛ لتلقّوا الفضل .. ولكنهَّم آثروا الإضْطراب ! إن القُرآن ؛ مثل نهرٍ مُضيئ .. كُـل قطرةٍ فيه ؛ تنقلك إلى حيثُ لا تتشابه عليك الحَقائق ! يُصرفُ الله فيه الأمثال والصُور ؛ لتَرتشفها الأفهام .. يتبتّل الحَدس الطاهر في نصّ القرآن ؛ لكن المصاب في الإنسان .. { وكان الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا } . والجَدل ؛ هو فَخّ الفَهم .. إذْ يراوغ بالعَقل عن الإنصات للحقيقة .. يتخبّط صاحبه في إحجامٍ مغلّف ؛ فيَغرُب العُمر وما استَسلم لله ! { وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا } .. و التّعبير بالإسم الماضي ؛ يوحي بمشهدِ الإنسان قابعاً في مَوقفه ، ومُصرّاً على لُغة الجدال .. لُغةٌ تَحرُث في أرضٍ بَوار ؛ فلا تنبت إلا الثَرثرة ! لماذا ؟ .. { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ } .. وقد كان في القرآن كَمال المعاني ؛ فهلْ أضناهم سقَم العناد والجدال عن رؤية النور المُمتلئ بالحُـب ! وفي وصف الله للقرآن بالهـُدى مقصدا .. إذ الهدى هو الذي يحرر العقل من ضَجيج التَناقضات .. ويحرّر القلب من انحناءة لِمليون ربٍّ وإلـه . فما الذي مَنع الناس أن يتضلّعوا من رحيقٍ أبديّ ؟ { وما مَنع الناس } .. تحسّ في الكلمة ؛ عتاب ربّ رحيم على من اختاروا سِفر التّيه ، وكان الهُدى مُتاحاً وخالياً من الأقنعة ، ودليلاً يتّسع به الطريق ! { وما مَنع الناس } .. ربما هي الخَطايا تُمسك بخطوات أصحابها ! { إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا } .. وذاكَ هو فوات الأمَد ؛ وانقضاء الأَمل . وسنّة الله في الأولين ؛ فوق المأمول للطَائعين ، وفوقَ الخيال للعاصين . أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا .. ووصْف القرآن للعَذاب بالمَجيء من الأمام ؛ يوحي لكَ ببغتة الفجأة .. وبانتظارٍ لا غيث فيه ولا وَدَق ! ثم ينبه القرآن على معنى دقيق .. { وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } .. تلك إذنْ ؛ هي مهمّة الأنبياء والمُصلحين .. وعلى الله بقية الطَريق .. وعلى الله إسراج ما لا نَبلغه .. وعلى الله يوم الدين ! وحَسب القلب ؛ هذا الغَيث من الفَهم .. وحسب الكافرين ؛ سَراب الوَهم وهم يظنّون العَجز في الدعوات .. وإنما تلك سنّة الله . إذ { ما على الرَسول إلا البَلاغ المُبين } ! إلا أن الكفر رغم الهدى والرسل يبقى في دوامة الجدال .. { وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ } .. فلا تسمع إلا ظمَأ الكلام ؛ وإلا هَذيان الّلسان .. ولا تسمع إلا اغتيال الحقيقة ! { لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ } .. والدّحض ؛ كلمة تكشف حروفها عن جُهد هائل في إبطال الحَق ، فهي من إدحاض القَدم ، وهو إزلاقها وإزالتها عن مَوطئها .. وتلك غايةُ الباطل منك ! { لِيَدحضوا } .. والّلام لامُ التعليل ؛ تكشف عن مطحنة مُكتظة لا تتوقف .. مطحنة مُكتظة في مآلها النقصان والوهن ! ثم تراهم لايكلون بل .. { وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا } .. كأن الآيات في مَرمى سِهامهم .. يُجيدون الهُزء ؛ ولا يُجيدون صَيد الحقيقة .. وتلك مُكابرة ؛ خاتمتها الهَزيمة ! هنا تَلمح خلف الإسهتزاء ؛ قلوباً أصابتها الجنايات .. قلوباً ضامرة ؛ قد انطوت على هَلاك الذُنوب ! فيا للأسى .. كيفَ يُمسي الإنسان باهتاً ؛ وقد كان بالآيات لو شاءَ مُضيئا ! الّلهم إنـا نعوذُ بك ممّن يتّخذون نُورك هُزوا ! و ما درى الغافل .. أنـّه ماوَهب الله العبد ؛ أعظَم من قلبٍ يَجلّه ! { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا } .. تنتقل الآيات من الحَديث عن المجموع في إعراضهم ؛ للحديث عن الفَرد في عقوبته ، فليس للكمَد جيران ولا أَهل .. وليس للحزن في القيامة أهل .. فكلُ قلبٍ مَنوط بما حَمل . فَأَعْرَضَ عَنْهَا .. تحرّضه نفسه على الإعراض ؛ فيحتالُ لها . وما يدري .. أنّ عُمْر الإعراض بُرهةً ؛ ثـُم ينتظره أبدٌ ليس فيه ماءُ المغفرة ! وما يدري .. إنَ الله إذا أحبَّ عبداً : أكثر همّه في آخرته .. وإذا أبغَض عبداً ؛ أكثر همّه فيما قسَم له من الدنيا ! { وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } .. هذا نسيانٌ غشّاه فَقدُ الذّكرى ! يسحَب المَرء وحيداً يوم القيامة ؛ إلى صَحائف داكنة قاتِمة الّلون .. كانت لا تُدرَك بالأبصار .. فترَاه يتناول أوراق العمر ؛ ورقةً ورقةً .. وعلى مَفرق كُل سطرٍ ؛ ينتصب حزن الخَطايا واقفاً ! ثقيلةٌ هي جراح الظُلم .. ثقيلةٌ ؛ فليت الوَجع أمامها ينطقُ لَقال : { ياليتني متّ قبلَ هذا وكُنت نسياً مَنسيا } ! فيا لشماتة المَظلومين .. ويا لشماتة النار .. ويا لشَماتة إبليس .. ويا لهَشاشة حال قويٍ تكبّرَ ؛ ونَسي تعاسة النهايات ! { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا } .. فلا تقرأ في الملامح إلا ؛ نصّاً عصِيّاً على أمر رَبه .. كأنّ الآيات مَسفوحة معانيها على صَلد القلوب . يتهَشم الصوت ؛ ولايبلغ آذانهم .. وتَفنى المحاولات ؛ سُـدى ! { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } .. وبحـَّة القلب ؛ لا دواء لها .. تلك قلوب قُدّت من العناد ؛ فلا يؤول الحال فيها إلا إلى حَال (وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) ! حتى كأنّ خطواتهم كلها مَوؤدة .. { فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } .. إذ الإصرار فيهم ؛ غَفلةُ جارِف .. وشُرودٌ ؛ يذهب ويَجيء دون وجهة ! { فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } .. تَصمت الرُوح أمام قرار الله .. ويُدرك العَقل ؛ أنَ لهم قِسطاً من عذابٍ أليم ! { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ } .. هنا صيغةُ المُبالغة ؛ كأنَها دُهور المَسرّات .. و ( لولا ) ؛ صيغةُ امتناعٍ لامتناع .. فلولا تلك الرحمة ؛ لاشتعلتْ المياه على الظالمين حَرائق وسَعيرا .. لكنَها المواقيت مُقَدرة .. وتلك غاية سورة الكَهف في عَميق معانيها ! { لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ } .. تَبدو الدنيا في حاضِرها ؛ حالةً من النَجاة .. لكنَها نجاةٌ مُؤقتة ؛ مآلها المَنفى .. نجاةٌ ؛ مآلها سَجين .. فَقد سَفكت آثامهم طيب المصائر ! { بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا } .. وذلك في ليل طويل ليس فيه صاحب ؛ يزاحمهم يَباس لا اخضرار له .. وصَخب لاسكون بعده . قد كانت الأعمار أزمنة مُتراكمة ؛ من حياة ملؤها لله ( كلمة كلا .. ) .. تلك أزمنة ؛ استولت معاصيها على أَمل العَفو ! و كلمة ( المَوئل ) ؛ تعني المَلجأ .. وَ هُنا .. تتراءى لك صورة أهل الكَهف ؛ وقد صار الكَهف مأوى ! وتَتراءى لك صُورة صاحب الجنّتين .. وقدْ فقَدَ الملجأ ؛ ثُم ترى المشهد مكتَملا يومَ { لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا } ! { مَوئلا } .. فيَومهم بلا غَد ؛ حتى يبلغوا حُدود نهاية الأبد .. وهيهات هيهات ! فيالله .. كم هو مرعب ؛ أن يمضي الإنسان خلوده فقيرا من الله ! { وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا } .. وفي القرى يكون الحديث في القرآن عن الجمع .. إن ندوب الظلم تتشبث ببيوت من شارك ومن صمت .. و كان الظُلم يَسري إلى الله ؛ وقد رَقدوا ! { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا } .. تَنمو المَواقيت على هامشٍ لا يراه الناس .. تنمو من نَشيج المظلومين .. تعرف المواعيد وَقْع خُطى الظالمين . فإذا أرخى الظلم سُدوله ، وظنّ أنه تمكّن ، وضاقت الأرض بخُطى المظلومين ؛ انزاحَ الغيب ، وانهمَرت شَظايا الدعاء ! { مَهْلكاً } ؛ وليس مَوتاً .. فالكلمة تحمل فوضى العذاب ؛ التي لا تُبقي ولا تذر .. وانظر كم مرة تكررت كلمة الهلاك هنا .. ذاك موت تَزفر القرى فيه خطاياها عذابا . تمشي الحَرائق في أزقّة القرى .. فلا ترى بعد الخُطى ؛ إلا بيارة العَدم ! في هذا المَقطع الأخير قبل قصّة مُوسى ؛ تُضيء الآيات لك فَناء القلب .. وكأنّها تقول لك : لا تُخفض للمَشهد الطَاغي جُناحك .. فكل شيء عنده بقدر .. { واستَمسك بالذي أُوحي لك } من الفَهم .. (فَما مُورقٌ إلا الذي مـِن آيِ الكتاب دَنا ) ! ✦د.كِفَاح أُبو هَنُّود ✦ |
الّلهم إنـا نعوذُ بك ممّن يتّخذون نُورك هُزوا !
اللهم آمين عندي تعليق بسيط هذه الآية ( { ياليتني متّ قبلَ هذا وكُنت نسياً مَنسيا } ! على لسان مريم عليها السلام و الاستشهاد بها في وقوع الظلم للنفس و مواجهة اهوال القيامة دون توبة لا أراه مناسبا كونها قالتها خوفا من كلام الناس كيف لها بصبي دون أن تتزوج و ليتهموها في عرضها و لكنها إرادة الله و معجزته أن أخرج عيسى عليه السلام دون أب فالأولى استبدالها بآية ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي — وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) و الله أعلم :152: |
مساء الورد
مداخلة قيمة شكراً لكَ و لتواجدكَ وردي و ودي منى |
جزاك الله خير الجزاء
وجعله الله في ميزان حسناتك |
جزاك الله خير الجزاء
وجعله الله في ميزان حسناتك |
شكراً لمروركَ العَطِر
وردي و ودي منى |
جزاك الله . خيراآواثابكـ المولى
لقيم جلبكـ والافائدة نرجوهـ لكم ولنا بارك ربي بكـ ... |
مساء الورود
أشكر لكِ ألق حضورك هنا عبق الخزمى لسموك منى |
جزاك الله خير
|
الساعة الآن 08:56 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.