عرض مشاركة واحدة
قديم 03-30-2022, 08:30 PM   #2


امي فضيلة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1171
 تاريخ التسجيل :  Aug 2018
 العمر : 76
 أخر زيارة : 12-16-2022 (01:18 PM)
 المشاركات : 57,631 [ + ]
 التقييم :  328563
 SMS ~
لوني المفضل : أ‌أ‡أ‘أ›
افتراضي



مصيبة الموت
***********
إن الموت حقيقة لا ينكرها عاقل،
ومرحلة لا يتأهب لها إلا قليلون،
فهو ذاك الانتقال من العمل والبذل، إلى الجزاء والأجر.
والموت مكتوب على الجميع،
فحتى أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم نعاه ربُّه في حياته:
﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]،
ثم يأتي التساؤل القرآني مستنكرًا على من يظن لنفسه الخلود:
﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾
[الأنبياء: 34]،
النبي صلى الله عليه وسلم - وهو أشرف الخلق - مات،
فكيف يُتصور لأحد بعده خلود؟!

الموْتُ بابٌ وكلُّ الناسِ داخِلُهُ *** يا ليْتَ شعرِيَ بعدَ البابِ ما الدَّارُ
الدَّارُ جنَّة ُ خلدٍ إنْ عمِلتَ بِمَا *** يُرْضِي الإلَهَ، وإنْ قصّرْتَ، فالنّارُ

الموت الزائر الذي يأتي بلا استئذان، وسيتذوقه كل إنسان،
( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )،العنكبوت - 57
وهذا يشمل سائر نفوس الخلائق، وإن هذا كأس
لا بد من شربه وإن طال بالعبد المدى، وعمّر سنين
والموت حق على كل نفس، يقول سبحانه:
( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ) ق-19


والحقيقة أن قضية إثبات الموت من عدمه منتهية
شرعًا وعقلاً وفِطرة وتجرِبةً وبكل المقاييس،
ولكن هل الموت مصيبة وفاجعة؟



قد يفقد إنسان منصبه فتكون له خسارة عظمى،
وقد يخسر آخر ثروته فتكون له كارثة كبرى،
وقد يُطرد أو يُهجر آخر من أرضه فتكون له نكبة ومأساة،
والإنسان في هذه الدنيا الفانية الزائلة يتقلب ويمر بمراحل
متعددة ومحن مختلفة، لكن الفاجعة التي لا تماثلها فاجعة،
والكارثة التي لا تدانيها كارثة، والمصيبة التي لا تقاربها
مصيبة؛ هي فاجعة الموت
يقول جل وعلا :
( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ
إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )
(الجمعة - 8)



فالموت ابتلاء ويصح القول انها مصيبة لأنها ابتلاء بالأنفس
قال الله تعالى:
(الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)
(البقرة - 156)
وقال تعالى:
( فإذا ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت...)
(المائدة - 106)
وقال صلى الله عليه وسلم:
(إذا أصابَ أحدَكُم مُصيبَةٌ، فليذكُر مُصيبتَهُ بي،
فإنها من أعظمِ المصائبِ)
رواه الدارمي ح85 وصحَّح إسناده المحقِّق.
أى أن مصيبة موت وفقد النبيِّ
صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب



فلماذا سمى القرآن الموت مصيبة؟!
هل لذلك علاقة بالميت أم بأهل الميت والمقربين منه؟

أن القرآن سمى الموت مصيبة أي أنه حين يصيب
الإنسان فلا راد له،
والموت كارثة أو مصيبة على أهل الميت ورفقاءه
وأقاربه لأنهم فارقوه ويستوحشون للبعد عنه،
فالأحياء الذين يودعون أحباباً لهم أقارب لهم يستوحشون
ويتألمون ويحزنون ويجزعون،فالمصيب ة هى مصيبة الفراق.


ويكون الموت مصيبة أيضا للميت إذا كان في غفلة
عن لقاء ربه،وانغمس في الشهوات والملذات،
فمن كان هذا حاله فموته مصيبة بل أعظم مصيبة ..
فقد ذهبت اللذات وبقيت الحسرات ،
يتذكر عند الموت أنه كان مفرطا فتتعاظم الحسرة
التي لا تنفع والندم الذي لا يقبل،ويتمنى لو يرجع،
(قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت
كلا إنها كلمة هو قائلها).
(المؤمنون-99،100)
فمصيبة الموت أنه خاتمة الحياة والأعمال،
حيث يقفل السجل ويغلق الديوان،
فلا عمل بعد الموت بل ينقطع إلا من ثلاث
ولد صالح أو صدقة جارية أو علم ينتفع به..
نسأل الله تعالى السلامة والعافية.



أما الميت فقد يكون يوم موته هو يوم عرسه
وهذا لمن وفقه الله تعالى لفعل الطاعات وترك المنكرات،
فالميْت هو الذي يضع في الموت معناه،
إن شاء وضع في الموت معنى العرس،
فهو من هذا العرس على ميعاد،
وإن شاء وضع في الموت معنى المصيبة،
فهو من هذه المصيبة أيضاً على ميعاد. .
وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم،
قالت له عائشة التي تروي هذا الحديث:
أهو الموت يا رسول الله؟ فكلنا يكره الموت،
قال: ((ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا دنا أجله بُشر برضوان
الله وجنته، فلم يكن شيءٌ أحب إليه من الموت ولقاء الله،
وإذا دنا الموت من الكافر بُشر بمقت الله وسخطه،
فلم يكن شيء أبغض إليه من لقاء الله سبحانه وتعالى)).



اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها،
وخير أيامنا يوم لقائك ،
وارزقنا اللهم قبل الموت توبة
وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة ..


يتبع


 
 توقيع :
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس