عرض مشاركة واحدة
قديم 06-21-2019, 06:16 AM   #82
رونق التـ🌷ـوليب


الصورة الرمزية مَرجانة
مَرجانة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 732
 تاريخ التسجيل :  May 2017
 أخر زيارة : 07-30-2022 (05:51 AM)
 المشاركات : 38,686 [ + ]
 التقييم :  213224
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
نحنُ لِنحن
لنحن فقط !..
لوني المفضل : Crimson
افتراضي



الجزء الرابع عشر ••❓


تناسيتُ أمر الرسالة التي شغلتني قليلاً ، كنتُ أريد أن أعرفَ ماذا كان يريد ذاك المجهول ، و لكن لأجل "ريكس" تنازلت عن معرفة المحتوى و مزقتها دون تردد .. لستُ نادمة و لا مهتمه كثيراً .. و سرعان ما نسيتُ أمرها و أمر صاحبها .

مضت عدة أيام و أسابيع ، و في أحدِ أيام العطلة ، كنتُ في الصباح أسير مع "سارة" في الحديقة ، كنا تناولنا طعام الإفطار معاً .. بعدها قررنا السير قليلاً حتى تحين الثامنة و النصف و نعود أدراجنا .
بينما كنا نسير ، استوقفتني "سارة" و هي تشدني من يدي قائلة و هي تنظر بعيداً بدهشة

- انظري انظري يا "آماندا"! ، إنه "ريكس"!

نظرتُ حيث تقصد ، نعم كان ذلك "ريكس"! .. يسير في الجانب الآخر للحديقة ، و بصحبته .... فتاة!!
ادهشني كثيراً ذلك! .. أحسست بقلبي ينقبض ، ظننتها في البداية تلكَ المختالة "جيسي" التي كانت تتحدثُ و تقهقه معه في القاعة ذلك اليوم ، و لكن بعد أن تمعنتُ قليلاً عرفتُ أنها ليست هي ، فالفتاة التي معه كانت أنيقة و لطيفة على ما يبدو .
حدقت بصمتٍ للحظات ، ثم قلت

- من تكون تلكَ الفتاة!؟
- الماكر "ريكس"! ، الفتاة جميلة كثيراً .

نعم كانت الفتاة جميلة جداً ، بعينينٍ زرقاوتين و شعرٌ بني قصير قص بشكلٍ جميل جداً ، و ابتسامتها جذابة كثيراً!
انتابتني الغيرة حينها ، و لن أنكر أن الغيرة انتابتني أشد هذه المرة .. كان "ريكس" يشد بيدها تماماً كما كان يشد بيدي حينما نسير معاً ، يبدو أنه يعرفها منذ مدة و يألفها .

كان ذلكَ على ما يبدو واضحاً علي ، فلقد نظرت إليّ "سارة" بصمت .. ثم قالت محاولة إزاحة تلك الفكرة عن رأسي

- ربما كانت شقيقته!

فكرتُ في هذا الإحتمال ، أخبرني "ريكس" من قبل أن لديه شقيقةً وحيدة تكبره ، و هي متزوجة و تسكنُ في محافظة بعيدة عن محافظتنا ، هذا احتمالٌ ضعيف .

قلتُ و عيناي لم تتنحا عنهما

- لا أعتقد ، لنذهب إليه لنتأكد .
- تتكلمين بجدية!؟

نظرتُ إليها و قلت بانفعال

- بالتأكيد ، يجب أن يعرف أني رأيته! ، و يجب أن أعرفَ من تكون هذه الفتاة التي يعاملها بكل هذا الود .
- حسناً ، هيا بنا .

و تقدمنا نحوهما ، و الإنزعاج ما زال يعتريني و الأفكار تتقلب في عقلي ، من تكون هذه الفتاة التي يسير معها في هذا الصباح! ، يبادلها الإبتسامات و الضحك ، و يشد بيدها بكل حنان!

عندما اقتربنا منهما ، نظر إلينا "ريكس" متفاجئاً .. على ما يبدو لم يكن يتوقع رؤيتنا أبداً .
وقفنا قبالتهما قائلتين

- صباح الخير .

رد الإثنان و المفاجأة واضحة في صوتهما

- صباح الخير !

قال "ريكس"

- انتما هنا؟

قالت "سارة"

- كنا قد تناولنا الإفطار منذ قليل ، و جئنا للسير قليلاً قبل العودة .

نظرتُ إلى الفتاة ، بدت أجمل مما هي عليه من بعيد ، و ذلك قد استثار غيرتي أكثر ، نظرتْ الفتاة لـ "ريكس" نظراتُ تساؤل ، و لكني سبقتها بسؤالي إليه

- من هذه الفتاة يا "ريكس"؟ ، أ لن تعرفنا عليها؟!

نظر إلي "ريكس" ، وقد أحسَ على ما يبدو بتلكَ الغيرة التي ظهرت في نظرتي ، فابتسم ابتسامةً واسعة استفزتني كثيراً! ، و قال

- هذه شقيقتي الوحيدة "صوفيا" ، و لقد أخبرتكِ عنها مسبقاً لو تذكرين .

عندما قال ذلك ، انفرجت اساريري ، فابتسمت بصدقٍ و سعادة واضحة و نظرتُ لـ "صوفيا" الجميلة التي بادلتني الإبتسامة ، و مددت يدي لمصافحتها قائلة

- يسعدني التعرف إليكِ ، أنا "آماندا" .

صافحتني بسعادة قائلة بلطف

- و يسعدني أيضاً ، تشرفنا يا "آماندا" .

قلتُ لـ "ريكس"

- كنتُ اهاتفكَ البارحة و لم تذكر لي أنها هنا !
- لم نتطرق للحديث ، لذلك فاتني يا عزيزتي .

ثم أردف قائلاً

- و هذه "سارة" ، الصديقة المقربة و الوحيدة لـ "آماندا" .

فتبادلت "سارة" التحية و المصافحة مع "صوفيا" ، ثم قالت تنظر لي

- هيا يا "آماندا" لنعود ، فلقد حانت الثامنةَ و النصف .

قال "ريكس"

- لما العجلة ، رافقانا!
- لا أستطيعُ "ريكس"! ، وعدتُ والداي بالعودةِ سريعاً .
- اذهبي دون "آماندا" إذاً .

نظرت إليه بحنق ، فضحكتُ قائلة

- إن كنتِ تصرين فسآتي معكِ .
- لا يا عزيزتي ، إبقي لا مشكلة .. سأذهبُ حتى لا أتأخر ، أراكما في المعهد ، إلى اللقاء جميعاً .

قالت هذا و انصرفت .. فقال " ريكس"

- إذا سأذهب لإحضار القهوة ، انتظراني على المقعد .. لن أتأخر .

ذهبَ "ريكس" و جلستُ أنا و "صوفيا" على المقعد ، فابتدأت "صوفيا" الحديث

- إذاً ، أخيراً أفصحَ لكِ "ريكس" عن مشاعره .

نظرتُ إليها متفاجئة ، ثم ابتسمت و قلت

- هل يحدثكِ عني؟!

اتسعت ابتسامتها و ازداد حماسها بالحديث

- كان لا يكفُ عن الحديثِ عنكِ كلما سنحت له الفرصة! ، كلما التقينا أو تهاتفنا .. أعتقدُ أنه مهووسٌ بكِ .

أصدرتُ ضحكةً خفيفةً خجلة ، و لم أعرف ماذا أقول .. رغم أني استغربتُ حديثها .. فـ "ريكس" لم يتعرف عليّ منذ مدة طويلة! ، أربعة أشهرٍ و لا تزيد!

قالت لي

- إذاً متى اعترفَ لكِ "ريكس" ؟!

صمتت أفكر قليلاً ، أعترف! .. كان اعترافه مفاجئاً لي كما أتذكر ، لم يمضي على معرفتنا حينها إلا أياماً !
نظرتُ إليها و قلت

- منذ أربعةِ اشهرٍ تقريباً ، و لقد فاجأني! ، حيثُ أننا لم نتعرف على بعضنا إلا قبل أيامٍ قليلة!

أصدرت ضحكةً هادئة و قالت

- كان يجبُ أن تعرفيه جيداً من تلكَ الرسائل ، ألم يكن يحدثكِ عن نفسه؟!

سكنت تقاسيم وجهي هذه اللحظة تعجباً و صدمة .. قلتُ دون استيعاب

- رسائل!؟

قالت وقد بدت مستمتعة بالفكرة

- نعم ، تلكَ الرسائل التي تصلكِ دون اسم صاحبها ، علامةُ الإستفهام! .. أعترفُ أن "ريكس" رومانسيٌ بامتياز .

قالت ذلك و ضحكت ، و ما تدري أنها بقولها أوقفت قلبي للثوانٍ عن النبض ، و نفسي تعطل عن الشهيق و الزفير!
أيعقل؟! .. "ريكس" هو ذلكَ المجهول؟! .. "ريكس" هو صاحب الإستفهام! ، أي لعبةٍ خاضها معي؟ .. و إلى متى ينوي تغافلي؟ .. و إلى أين يريد أن يصل و يستمر في اللعب؟ ، لقد أثبت لي اليوم أن "ريكس" بارعٌ في التمثيل أيضاً ، وليس في الحب فقط .. ليس في الإختباء .

قالت وهي تغمز بمكر

- أخبريني صدقاً ، أ لم ترق لكِ تلكَ الرسائل؟ .. عندما أخبرني أنه تجرأ أخيراً و أرسلَ إليكِ لم أصدقه .

أحسستُ بغصةٍ في حنجرتي ، بزحامٍ شديدٍ من المشاعر المتلخبطة داخلي غصصتُ بها ، زحامٌ منعَ الكلامَ و كبتَ الصوت في داخلي .. أحسست بحرارةٍ تنبثق من عيناي ، لا أيتها الدموع لا تخرجي الآن !

تمالكتُ نفسي و نظرتُ إليها ، و تصنعتُ ابتسامةً تكلفتُ كثيراً لإظهارها ، وقلت

- نعم ، كانت تروقني ، و كم كان شقيقكِ لطيفاً و رقيقاً .. أسرني ، و أحببته بكل جوارحي .

قلتُ هذا و نهضتُ قائلة

- بالإذن ، يجب أن أنصرف .

قالت متفاجئة

- ما زال الوقت مبكراً ، ثم "ريكس" سيأتي بالقهوة الآن ، سيشعر بالخيبة إن لم يجدكِ .

خيبة!! ، أنا من اعتلتها الخيبة! .. أنا من ألجمتها الصدمة! ، أنا من اكتشفت أنها مخدوعة كل هذه المدة ، خاب ظني كثيراً بكَ اليوم يا "ريكس"

أجبتها بصعوبة

- لا بأس ، مضطرة للذهاب ، سعدتُ بلقائك .. فرصة سعيدة .
- حسناً ، فرصة سعيدة .

و استدرت مغادرةً بسرعة ، فدموعي لم تستطع أن تختبئ في محاجرها مدةً أطول ، و شهقات بكائي لم تحتمل هذا الكبت المحرق في داخلي ، كل ما في داخلي يستعر ، كلي مذهولٌ و مصدوم ، لا أستطيع التصديق ، "ريكس" الذي كان يغضبُ كلما تحدثتُ عن صاحب الرسائل ، هو نفسه الذي يتغزلُ بي في رسائله! ، "ريكس" الذي كان يمنعني عن مراسلته ، الذي مزقَ رسالتي غيرةً من نفسه! ، ما كل هذا؟! ، كيف يجيد التمثيل؟! .. و ما نفعُ كل هذا!؟

بخطىً حثيثة عدتُ إلى منزلي ، كالسارقة ، تسللتُ إلى غرفتي حتى لا يراني "ألفريد" ، بل حتى لا يرى دمعي الذي اكتسى وجنتي و عبثَ بملامح وجهي .
رميتُ نفسي على فراشي ، و أخرجتُ الحرقةَ التي احرقت داخلي بشهقاتٍ عالية من البكاء ، نفضتُ الكثير من الألم من دموعي .. و لم أكتفي ، دموعي لا تكفي لتطفيء لهيب الصدمة! ، و لا تكفي لغسل مرارة الخيبة ، كان في داخلي الكثير من الألم و القهر ، الكثير من التساؤلات و التعجبات ، لماذا مارستَ علي خدعةً يا "ريكس" ، لماذا؟!

=============

بكيت كثيراً حتى اغتال النوم عيناي ، و لا أعرف كم دقيقةً أستغرق نومي ، و لكنه كان نوماً عميقاً جداً.
فتحتُ عيناي على طرق الباب ، كان "ألفريد"!
فتح الباب بهدوء و عندما وقعت عيناه عليّ ، قال متسائلاً

- متى عدتِ يا "آماندا"؟! ، قلقتُ عليكِ عندما لم تأتي عند التاسعة .

جلستُ قائلة

- كم الساعة الآن؟
- التاسعة و النصف .

رفعت حاجباي دهشة ، ثم قلت

- كنت هنا منذ أكثرِ من نصف ساعة ، اعذرني لأني لم أخبرك .
- لا يهم .. كنتُ أريد الإطمئنان عليكِ و حسب .
- شكراً أخي .

ابتسم ابتسامةً لطيفة ، ثم غادر و أغلق الباب خلفة ، و مع خلوتي .. رحتُ بأفكاري سريعاً إلى "ريكس"! .. ذلكَ المخادع ، المزيف ، المجهول و المعروف! .. حتى الآن أكاد لا أصدق ما حدث!
هل يعقل أن يكون "ريكس" هو صاحب الرسائل؟! ، نعم هذا ما صرحت به شقيقته "صوفيا" !

وضعت يدي على جبيني ، أصبتُ بالصداع الشديد من شدة البكاء و كثرة التفكير .. و لم يمنعني الصداع من الاستمرار بالتفكير فيه .
حتى قطع حبل أفكاري صوت هاتفي .

أخرجته من حقيبتي بسرعة ، و أنا أعرف يقيناً من هو المتصل .. نعم كان هو ، الممثل البارع ، المحترف!
لم أجيب ، بل ظليتُ أحدقُ في اسمه المخزن في هاتفي ، و قد خزنته مؤخراً باسمِ " ريكس الحبيب"
حتى قطع الإتصال ، فظهرت على شاشة الهاتف عدة مكالماتٍ فائتة ، كان عددها سبعاً قبل المكالمة الثامنة ، و أيضاً و جدتُ أربعَ رسائل نصية .

لا شكَ أنه علمَ بأن شقيقته فضحته ، "ريكس" .. كيف تريد مني أن اسمعك بعد أن تحايلتَ علي ، مرتْ علي ليالٍ قاسية بسببِ تلاعبك ، هل كنتَ تخطط في حَبْكِ لعبتكَ بينما كنتُ أبكي عليك؟ ، هل كنتَ تستمتعُ عندما أتلهف إليك و أشتاقك ؟! ، أتراكَ سخرتَ مني؟!

هززتُ رأسي محاولةً طرد هذه الأفكار من رأسي المشوش ، و أخرجت تنهيدة من صدري المحترق .
فتحتُ الرسالة الأولى منه ، كان نصها (( "آماندا" أرجوكِ أجيبي على هاتفك ))
حدقتُ في حروفها للحظات ، أفكرُ بأي حالةٍ كان حينما أرسل إليّ هذه الكلمات؟ .. ثم انتقلتُ لرسالته الثانية ، فتحتها و قرأت (( يجبُ أن تسمعيني يا "آماندا" ، سأخبركِ بكل شيء ، أرجوكِ أجيبي ))

همستُ في داخلي .. بما ستخبرني؟! ، لا شيء يستحق الإصغاء إليه ، فلقد كشفت اللعبة .. و لا مجال أبداً لإظهار المبررات و إقناعي بها! .. ماذا ستقول؟ ، و هل يجب علي تصديقك ، أ حقاً تظن أنه عاد بإمكاني تصديقك؟!

هنا لم تتحمل دموعي الحبس ، فاهرقتها أجفاني باستسلام ، بكيتُ على نفسي و على كل ما حدث ، و على تلكَ اللعبة التي كنتُ فيها مخدوعة ، غافلة ، لا أعرف ما الذي يدور من ورائي و ما يُفعلُ من خلفي .. و ذلك الشخص ، أو الشخصين الذين أحببتهما ، كلاهما زيف ، كلاهما الخديعة التي صيغت لتمزيقِ قلبي بكفاءة ، و تركي حطامٌ منهار لا يعرف كيف يقفُ بعد أن هوى .. كيف يصمد بعد أن خذل .

تلاحقت شهقات بكائي ، و في صدري نارٌ تحرق قلبي ، تقتلني .
تمالكتُ نفسي و أخذتُ شهيقاً عميقاً و أنا أغمض عيناي ، حتى هدأتُ قليلاً .. مسحتُ دموعي بيدي و عدتُ إلى رسالتيه المتبقيتين ..
فتحتُ الرسالة الثالثة التي كُتِبَ فيها (( "آماندا" عزيزتي ، أرجوكِ لا تتجاهلي مكالماتي ، امنحيني فرصة ، استمعي إلي فقط و لا تظلميني ))

أظلمك؟! ، كيف أكون الظالمة و أنا المغدور فيها؟! ، يبدو أن الربكةَ جعلتكَ تنسى أين موقعكَ في تلكَ اللعبة ، و أين موقعي .. ألستَ أنتَ من خططَ لكل شيء؟ ، ألستَ أنتَ من تقربَ مني بالرسائل و جعلني أنجذبُ إليه؟! ، و لم تكتفي .. بل لتستمتعَ أكثر ظهرتَ بشخصيةٍ أخرى ، لتتركني هائمةً بينكما .. هائمة بين الصديق الجميل و الوفي ، المحب الحنون و العطوف ، و بين المحب الخفي ، العاشق المجنون ، صعبتَ الأمر علي ، و ارهقتني كثيراً .. كثيراً يا "ريكس"!

فتحتُ بعدها الرسالة الرابعة و الأخيرة ، و التي كتبَ فيها
(( أحبكِ كثيراً يا "آماندا" ، و لن أكف عن محاولة الإتصال بكِ .. و لن استسلم و أتوقفَ إلا عندما تجيبيني يا عزيزتي ، "آماندا" ثقي بي ، أحبكِ و لم أقصد خداعكِ ، لم أقصد كل ما حدث! ، و لا تتركيني الآن ، أرجوكِ .. أحبكِ يا "آماندا" الجميلة ، صدقيني ))

تركتُ الهاتف من يدي ينحدر على السرير ، و ألقيتُ بنفسي أنا الأخرى على الفراش ، و عيناي لم تتوقفا عن ذرف الدموع ، تحبني يا "ريكس" و تخدعني؟ ، تحبني فتتلاعب بي ، تحركني كيف تشاء .. يوماً تضحكني و يوماً تبكيني .. آسفة على كل وقتٍ أمضيته معك ، آسفة على تمسكي بكَ عندما أرسلتَ لي رسالتكَ و ادعيتَ الغيرة الشديدة من نفسك ، آسفة على غبائي ، و حبي الذي منحتكَ إياه ، و أنتَ لا تستحق .. لا تستحق .

============


انقضى هذا اليوم علي بكآبة شديدة ، لاحظني فيه "ألفريد" ، و سألني عن سبب بكائي الذي ظهر جلياً في ملامح وجهي و عيني ، أخبرته بأني تخاصمتُ مع "ريكس" فقط ، لم أخبره بالحقيقةِ كاملةً ، لا أريد أن يتدخلَ أخي في شيء ، أيضاً بالنسبةِ لي انتهى أمر "ريكس" ، لذا يجب أن أتجاوز هذا الحدثَ سريعاً ، و أن أخرجَ "ريكس" من عقلي كما لفظه قلبي الذي عانى منه الخديعة .

لكن الأمر لن يكون سهلاً علي ، طالما ألتقيه في المعهد!
نعم هكذا فكرتُ في الصباح حينما استعددتُ للذهاب إلى المعهد ، كيفَ سأواجه "ريكس"؟ ، لم أجب على مكالماته و رسائله بالأمس .. و لا شكَ أنه سينتظرني واقفاً عند بوابة المعهد ككل مرة ، حينها لن يكون هناك مجالاً لتتهربَ عيني من النظر إليه .

نفضتُ رأسي من كل هذه الأفكار ، لندع الأمور تسير على طبيعتها و ليحدث ما يحدث ، لا بد أن أضعَ حداً في النهاية ، إن لم يكن اليوم ، سيكون غداً .

و غادرتُ المنزل إلى المعهد ، سرتُ ببطءٍ و هدوء ، لم يعد يثيرني أي شيء!
لا بردُ الصباح ، و لا ضحك الناس ، لا زحام السيارات و لا هزهزةِ الأشجار ، على غير العادة ، كل ما حولي لا يعنيني ، كله حياة فارغة من كل شيء!

و صلتُ إلى المعهد ، فبدأت أطرافي ترتعد .. أخذتُ نفساً و رجوت أن لا يكونَ "ريكس" خلف الباب
تجاوزت الباب ، و سرتُ قليلاً .. حتى لمحته واقفاً ينظر إلي .

أنقبض قلبي و عاودني الألم ، هذا هو ينتظرني كما العادة ، لكن انتظاره هذا اليوم مختلفاً! لم يكن شوقاً و حباً و لهفة .. بل كانت وقفته اليوم لتبرير فعلته ، و ليطلب فرصة للتكفير عن ذنبه .

تحركَ متقدماً نحوي ، و مع كل خطوةٍ يخطوها ينتفض قلبي في داخلي ، يا إلهي إهدأ قليلاً أنتَ تربكني!

أقتربَ مني و توقفَ أمامي ، كان الإرهاق واضحاً في عينيه .. و مسحةٌ من خجلٍ اكتست وجهه الحزين ، كان ينظرُ إلي برجاءٍ شديد .

تكلم قائلاً

- "آماندا" ، اسمحي لي بأن أوضحَ لكِ ما حصل .

تكلمتُ بحدة

- لستُ مهتمة للتوضيح ، في النهاية استغفلتني يا "ريكس" ، مارستَ علي لعبةً فاقت كل التوقعات! ، من كان يظنُ هذا يا "ريكس"!؟ ، من كان يظن أن كل ما حدثَ تخطيطٌ مسبقٌ منك؟ ، و لما كلُّ هذا ؟! .. تحبُ الإثارة؟! ، أم تريد أن تجعلَ من حياتكَ مسرحاً تديرهُ كما تشاء ، ترغمنا على المشاركةِ فيه رغماً عن أنوفنا دون تبليغٍ مسبق!

قال بنفاذ صبر

- "آماندا" لم أكن خططتُ لكل هذا! ، سارت الأمور بشكلٍ مختلف بعكس ما توقعت ، لم يكن ذلك بالحسبان !
- أيضاً لا يهمني! ، تنحى عن طريقي "ريكس" .
- دعيني أشرح يا "آماندا"!

قلت بانفعال بعدما ضاق صدري

- ماذا تشرح! ، ها؟ .. ستشرح لي أن الأمور أفلتت زمامها منك؟ ، أنك لم تقصد أن تخدعني؟ ، لم تقصد التمثيلَ علي؟ ، كنتَ تأتي إلي تنعتُ صاحبَ الرسائل .. تنعتُ نفسك! ، تستفزني و أخاصمكَ لأجلك .. كم أبكيتني عليك .. كم أحرقتني شوقاً إليك و إلى رسالاتك ، عبثتَ بي كثيراً ، أتعبتني يا "ريكس" .. جعلتني أتوسلُ إليكَ لتأخذَ رسالاتي إليك! ، لا شكَ أنكَ كنتَ تضحكُ من ورائي .. تسخرُ من جنون ولعي بك ، تشعر بالنشوة كلما رأيتني أتمزقُ لأجلك أو تأخذني الحيرة من نفسي في دروبك .. أو أبكي قسوتكَ و جفاءك .. تشعر بالإنتصار ، بالزهو و السعادة ، أي شخصٍ أنت؟!

أظهر الألم بعضَ الدمع في حدقتيه ، كان متألماً و خجلاً ، تكلم بصوتٍ مبحوح

- ليسَ كذلكَ يا "آماندا" ، صدقيني .
- لكن النتيجة واحدة يا "ريكس" ، إنها لعبة لعبتها معي منذ البداية ، كيفَ أثقُ بك بعد أن مثلتَ كل تلكَ الأيام و الشهور؟! .. لقد آلمتني للمرةِ الثانية ، المرةُ الأولى برسالتكَ تلك ، و المرة الثانية بالأمس .. خابَ ظني بكَ كثيراً ، و لن أنتظر المزيدَ من الخيبات و الألم ، انتهت اللعبة و انتهى كل جميلٍ كان بيننا .

قلتُ ذلكَ و انحدرت دموعي الساخنة بصمتٍ على وجنتي ، فانصرفتُ بسرعةٍ عنه ..
نعم يا "ريكس" انتهى كل شيءٍ جميل ، عدمتَ الحبَ بعدما منحتني إياه بكل تفانٍ و اهتمام ، قضيتَ على تلكَ المشاعر الجميلة التي تهتز طرباً كلما تصغي لصوتك ، و ضعتَ خاتمة تعيسة لمسرحيةٍ صنعتها ، غادرتكَ بطلتها اليوم هاربة من كل هذا الجحيم ، من الصدمة التي تلقتها منك و الخيبة التي و جدتها فيك .. لننتهي يا "ريكس" ، ليبحثَ كلٌ منا عن حلٍ حتى يواري حطام قلبه ، حتى ينسى ، حتى يكمل طريقه دون الإلتفاتِ إليه .

===========

عندما أخبرتُ صديقتي "سارة" بأمر "ريكس" ، و بالتمثيليةِ التي مارسها علينا نحنُ الإثنتين ، لم تصدق!
شهقت بقوةٍ و قالت

- لا أصدقُ أبداً! ، "ريكس" نفسه المعجب الخفي؟! ، صاحب الرسائل المجهول!؟

أجبتها بهدوء

- أدين بالشكر لشقيقتهِ "صوفيا" ، لولاها لكنتُ ما أزالُ مخدوعةً فيه .
- أريدُ أن أعرفَ فقط! ، لما فعلَ كلَّ هذا!؟
- أما أنا فلا أريد ، كرهتُ "ريكس" ، و كرهتُ كل شيءٍ متعلقٌ فيه .

"ريكس" هذا النهار حاول الحديث معي أكثر من مرتين ، لكني لم أمنحه الفرصة ، و "سارة" في المرةِ الأخيرة وقفت له بشدة ، حتى أخجلته من نفسه و انصرف .

بعدها عدتُ إلى منزلي بسرعة ، وجدتُ أخي "ألفريد" .. كان جالساً يشاهد التلفاز .
أقتربتُ منه و جلستُ بجانبه قائلة

- "ألفريد" أريد التحدثَ معكَ بأمر يهمني .

نظر إلي باهتمام ، و اعتدل في جلسته قائلاً

- تكلمي يا "آماندا" أنا مصغٍ .

أخذتُ نفساً لأتغلبَ على توتري ، و قلت

- أريد أن أنتقل من هذا المعهد إلى معهدٍ آخر .

علت الدهشة وجهه ، و قال مستفهماً

- لماذا؟ ، هل للأمرِ علاقة بخصامكِ مع "ريكس"؟
- نعم يا أخي ، يضايقني كثيراً و لا أستطيعُ تحملَ مضايقاته أكثر .
- برأيي الأمر لا يستحق ، ثمّ لما لا تحلا الخصام؟ ، أنتما أكثر من صديقين لا يجب أن تفرطا ببعضكما بهذه البساطة!
- لأننا كذلك لا أستطيع أن أغفرَ له!
- ما الذي حدثَ بينكما بالضبط؟

لزمتُ الصمت ، شيءٌ ما يمنعني من فضحِ "ريكس" عند أخي ، ربما خوفاً من تأنيبه لي بسبب غبائي ، أو ربما لا أريدُ تشويه صورة "ريكس" ، و ربما خائفة من غضب أخي!

كرر سؤاله

- ما الأمر؟ ، ماذا حدثَ بينكما؟

قلت بعصبية

- حدثَ ما حدث ، لكني مصرة على الإنتقالِ إلى معهدٍ آخر .
- هذا المعهد قريبٌ من منزلنا ، لذلك لا أحبذ فكرةَ نقلكِ .
- مهما كان ، أنا مصرة!

و وقفتُ و غادرته إلى غرفتي ، أخرجتُ تنهيدة ألمٍ و حرقة ، لا استطيع تحمل "ريكس" و لا النظر إليه
لا أطيق ذلك .. كلما التقت عيناي بعينيه تذكرتُ استغفاله لي ، تحايله ، خديعته ، آهٍ "ريكس" .. لقد تركتَ جرحاً غزيراً في قلبي ، سيخلف ندبةً يستحيلُ لها أن تزول .

==============

فتحتُ عيناي بعد نومٍ عميق ، فتحتُهما على "ريكس"!
صورته لا تغادرني ، و كلماته تتردد على مسامعي ، ما زال يستفز قلبي ليجعله ينبض بجنون ، متى تنوي أن تغادرني يا "ريكس"؟!

نهضتُ من فراشي و اتجهتُ نحو الباب لأغادر غرفتي ، فتحتها بهدوء .. فتسربَ إلى مسامعي صوت "سارة"

- لقد كانت صدمةً قويةً بالنسبة لي! ، فكيف كان وقعها على "آماندا" يا ترى؟! .. تعلقتْ تعلقاً شديداً بصاحب الرسائل ، جاءها "ريكس" و ادعى انه شخصٌ آخر أحبها بجنون ، مزق رسالةً كتبتها له ليثبتَ مدى عشقه و غيرتهُ عليها من صاحب الرسائل ، ثم يفاجئنا أنه و صاحب الرسائلِ شخصٌ واحد!

سمعتُ صوتَ "ألفريد"

- لما فعل كل هذا؟! ، لما يعبثُ بقلب أختي "آماندا" لماذا؟!
- لم نستمع إلى تبريراته لأن "آماندا" تريد أن تنهي العلاقة مهما كان ، لقد تلاعبَ كثيراً بمشاعرها .. و الرسالة الأخيرة التي بعثها!! ، لو رأيته كيف أوهمنا بغيرته الشديدة!
- شابٌ وقحٌ و دنيء ، طالما تسببَ بكل هذا لأختي ، فسأنقلها من هذا المعهد كما تريد .

شعرتُ بالراحةِ كثيراً حينما سمعتُ منه ذلك ، لكن "سارة" غضبت قائلة

- لا "ألفريد"! ، ذلكَ ليسَ ضرورياً !
- إنها رغبتها ، أختي جرحت كثيراً بسببه ، و رؤيتها له ستدمي جراحها دائماً و ذلكَ قد يؤثر على دراستها .

قالت بحزن

- لا أريدُ إكمال الدراسةِ دون "آماندا" .

تقدمتُ نحوهما حينها ، و قلت لـ "سارة"

- و لا أنا أحب ذلك ، لكني مرغمة يا عزيزتي ، يجب أن تتفهميني .

ثم نظرتُ إلى شقيقي و قلتُ بامتنان

- أشكركَ أخي على موافقتك .
- لم أكن أعرف بما حدث ، ليتكِ أخبرتيني بدلاً من جعلي استدعي "سارة" لمعرفةِ ما حدث .
- كنتُ خجلة ، ما حدثَ معي محرجٌ للغاية يا "ألفريد" .
- لا تهتمي يا عزيزتي ، انسي كلَّ ما حدث .

ليتهُ من السهل يا "ألفريد" أن أنسى بمجرد أن أقول سأنسى
كل ما حدث يتكرر في عقلي ، كلما جلستُ بصمتٍ عادت بي ذاكرتي حيثُ كلمات "صوفيا"
أشعرُ بضيقٍ و قهرٍ شديدين كلما تذكرتُ تلاعب "ريكس" و تحايلهُ علي ، أشعر بالخيبة ، بالخزي ، بالإنكسار
كلما تذكرتُ أني بتُّ أضحوكةً لـ"ريكس" .. و معَ ذلكَ سأضغطُ بقوةٍ على جرحي ، سأحكم الضمادةَ عليه إلى أن يقفَ نزيفه ، أما مخلفات الذكريات ، فستبقى تعاودني ، تزور عقلي لتنكأ الجراح ، ستعود لتذكرني بسخرية حكايتي .. ستذكرني أني كنتُ يوماً مستغفلة ، أضحوكة ، فتاةٌ مسلوبة ، أهداها سارقها حباً و اختطفهُ منها ليتركها بنصف قلبٍ و نصف عقل ..

مضت الأيام و انتقلتُ لأكملَ دراستي في معهدٍ آخر ، و كذلكَ صديقتي "سارة" انتقلت معي ، كنتُ أبذل قصارى جهدي في دراستي ، أنخرطتُ في البحوثات و الكتب ، كنتُ أحاول أن أملأ النصفَ الآخر من عقلي بأمرٍ يسيطر على اهتمامي كله ، حيثُ لا يعطي مجالاً للذكريات بأن تغتالني ، أو أن تمس جرحاً غائراً في الأعماق ، و مضت الأيام ، و مضت .. و مضت .



 


رد مع اقتباس