06-22-2019, 09:06 AM
|
#87
|
• رونق التـ🌷ـوليب •
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 732
|
تاريخ التسجيل : May 2017
|
أخر زيارة : 07-30-2022 (05:51 AM)
|
المشاركات :
38,686 [
+
] |
التقييم : 213224
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
SMS ~
|
|
لوني المفضل : Crimson
|
|
الجزء الخامس عشر ••❓
مرت الأيام سريعة ، انقضت خمسُ سنواتٍ من الدراسة و المثابرة حتى بلغتُ هدفي ، أنا و صديقتي "سارة" اليوم طبيبتي أطفال ، و على ذكرِ "سارة" ، "سارة" لم تعد زميلةَ عملٍ و صديقة فقط ، بل باتت زوجةَ أخي!
كانت رغبةَ أخي للزواج أمرٌ أسعدني كثيراً ، و لكن ما فاجأني أنه حدثني عن "سارة" و رغبته بالزواج منها ، زواجهما كان قبل سنةٍ من تخرجنا ، و بذلكَ تحققت أمنيةُ "سارة" ، التي طالما أحبت "ألفريد" ، لكن القدرَ كان كريماً جداً معها حيث وهبها "ألفريد" زوجاً تظل معه طول العمر .. أما أنا فلم أمنح نفسي الفرصة للتعرف على صديق ، أو كسبِ حبيب ، بل كرستُ نفسي لدراستي ، لأنهمكَ فيها و احققَ طموحي ، و حتى أملأ نصفَ عقلي المسروق ، و رغم كل هذا الانهماك ، فإن "ريكس" ما زال يغافلني و يتردد إلى عقلي في بعض الأوقات .
"ريكس" حاول الوصول إلي عدةَ مرات في السنوات الثلاث الأولى منذ أن انهيت علاقتي به ، الجيد أنه لم يتجرأ للمجيء إلى منزلي ، كان يطلبني على الهاتف ، و يحاول السؤال عني عن طريق "سارة" ، لكن اليأس قد دخل إلى قلبه بعد تجاهلنا المتكرر له ، في السنتين الأخيريتين لم يعد يزعجنا بمكالماته .
و ما زلتُ أشتاقه أحياناً ، أشعر بالحنين إليه .. لكن سرعان ما أعود لوعيي و أزيح ذاك الشوق بذكرِ فعلته و خديعته .
في صباحٍ جميل ، أستيقظتُ فيه على صوتِ "سارة" و "ألفريد" ، كان صوتهما عالياً ، فزعتُ قليلاً قائلة في نفسي
- يا إلهي ، هل يتشاجران؟!
نهضتُ من فراشي و خرجتُ إليهما ، وجدتهما في المطبخِ يتجادلان ، كان "ألفريد" يريد طهي الفطائر المحلاة ، بينما تريد "سارة" تناول البيض مع اللحم
- "سارة" عزيزتي ، تربكيني كثيراً عندما تدخلين إلى المطبخ ، غادري فوراً و أنا سأصنعُ لكِ البيضَ و اللحم بعدَ أن أنتهي من الفطائر المحلاة .
قالت "سارة" بتذمر
- أنا جائعة جداً ، متى ستنتهي من إعدادها؟ ، سيستغرقُ صنعها نصفُ ساعةٍ على الأقل!
- ذلكَ ليسَ صحيحاً ، غادري و اتركي الأمر لي ، ستعيثين الفوضى هنا يا "سارة"!
قالت بانفعال
- يجبُ أن تكونَ ممتناً لأني أعينكَ يا "ألفريد"! ، أنتَ شخصٌ غريب!
تدخلتُ قائلة
- صباح الخير .
نظرَ إلي الإثنين قائلين
- صباح الخير .
- ما بكما منذُ الصباح الباكرِ تتجادلان؟
أجابني "ألفريد"
- خذي "سارة" يا "آماندا" ، أكاد لا أصدقها ، حتى الآن لا تعرفُ أني لا أحبُ تدخلَ أي أحدٍ معي أثناء الطهي!
نظرت إليه "سارة" بامتعاض ، ضحكتُ قائلة لها
- يا عزيزتي ضعي البيضَ من يديكِ و دعي "ألفريد" يقوم بمهمته ، تعالي معي .
و ضعتْ صحنَ البيض على الطاولة و جاءت إلي ، أخذتها معي إلى الصالة ، جلسنا و تبادلنا بعض الحديث ، بعد ذلكَ قلتُ لها
- اسمعيني ، بما أن اليوم عطلة سنذهب إلى المزرعة لنعملَ حفلةَ شواءٍ الليلة .
- شواء!؟ ، ذلكَ لا يناسبكِ يا حلوتي ، إنسي الأمر .
- اليومَ بالذات يجبُ أن أتدللَ و أحقق كل رغباتي ، و أنتِ و "ألفريد" أطالبكما بكعكة!
اتسعت عيناها دهشةً ، ثم فغرت فمها و قالت بسعادة
- آه "آماندا"! ، اليوم عيدُ ميلادك!
قلت بمرح
- نعم هو كذلك ، لذا لن ترفضا لي طلباً!
قالت بعد تفكير
- بأمر الشواء ، لنأخذ الموافقة من "ألفريد" أولاً .
جاءنا صوتُ "ألفريد" الذي كان يحمل أطباق البيض و اللحم قائلاً
- ما الأمر؟ عما تتحدثان ؟
قالت "سارة"
- اليوم عيد ميلادِ "آماندا" ، يجب أن نعملَ حفلةً لها ، لكنها تريدُ شواءً!
وضعَ الأطباق على الطاولة و نظر إليّ بحزمٍ و قال
- لا طبعاً .
زممتُ شفتي بحزن ، و قلت برجاء
- "ألفريد" لنقيم الحفلةَ في المزرعة ، سيكون المكان مفتوحاً و لن يضرني الدخان أبداً!
كان أخي و "سارة" معترضين للفكرة خوفاً منهما علي! ، قبلَ زواجهما بشهرٍ تقريباً أُصبتُ بضيقِ تنفسٍ شديد أثناء الجري صباحاً مع "سارة" ، لدرجةٍ أصابتني بالدوار و الوقوع أرضاً ، حينها اكتشفتُ أني مصابة بقصورٍ في القلب بسبب اعتلال عضلة القلب ، فمنعتُ عن الجري و صعود السلالم الطويلة و من أمور كثيرة ، منها التعرض للدخان بشكلٍ مباشر .
حينما ألحيتُ في طلبي قائلة بمسكنة
- أرجوكَ "ألفريد" ، لن أقتربَ من الشواءِ أبداً!
تبادلَ النظرات مع "سارة" ، ثم نظرَ إلي قائلاً
- طالما تعديني بذلك ، سأوافق .
قفزتُ من مكاني بسعادةٍ و صفقتُ بيدي قائلة
- رائع ، شكراً "ألفريد"
- هيا اغسلي وجهكِ و تعالي لتتناولي الطعام ، أعددتُ أولاً البيض و اللحم لأجل "سارة" ، سأعد الآن الفطائر المحلاة .
قالت "سارة" بامتنان وهي تنظر لـ"ألفريد"
- آه عزيزي ! ، شاكرة جداً ، سلمتْ يداك .
بينما قلت
- حسناً ، لكن لا تنسيا الكعكة أيضاً لأجلي! ، يجبُ أن يكونَ يوماً مميزاً .. أكملتُ اليوم السبعةَ و العشرينَ ربيعاً.
قال "ألفريد"
- لا تهتمي ، سيكون مميزاً ، هيا أسرعي .
============
منذ الظهر ، بدأنا الإستعدادات لحفلة عيد الميلاد ، تسوقنا لأجل شواء الليلة و لأجل الاحتفال ، و اخترتُ بنفسي الكعكة و الحلويات ، بعدها اتجهنا للمزرعة و قمنا بالترتيبات ، و أثناء ذلك اجريت مكالماتي و دعوت بعض الأصدقاء .
عند الساعة الرابعة عصراً حضر الأصدقاء ، كانوا "إليزا" .. الفتاة المغرورة ، و هي لم تتغير في غرورها و زهوها أبداً ، "إليزا" صارت طبيبةُ أعصاب و هي تعمل في نفس المستشفى الذي نعمل فيه ، تزوجت و أنجبت طفلاً .. بعدها جاء "فرانك" ، "فرانك" صار طبيب أطفال أيضاً ، و حضرَ زميلُ عملٍ آخر يدعى "كريس" وهو زميلي و "سارة" في عيادات الأطفال ، و حضرت زميلةُ عملٍ أخرى في عيادات الأطفال و اسمها "كاثي" .
أربعةٌ من الأصدقاء و أنا و "ألفريد" و "سارة" اجتمعنا و بدأنا الإحتفال بعيد ميلادي ، وضِعَت الشموع على الكعكة ، بدأ الجميع بالغناء و التصفيق ، فتمنيتُ أمنيةً في داخلي و من ثم أطفأت الشموع ، و من ثم قطعتُ قالب الكعكةِ و بدأنا بالأكل ، قضينا وقتاً ممتعاً جداً ، حتى حل المغرب ، فنظفنا المكان واستعددنا للعشاء و الشواء .
تولى "ألفريد" و "كريس" مهمة الشواء ، و "فرانك" و "سارة" يعينانهما عليه ، أما أنا و "كاثي" و "إليزا" كنا نحضر السلطة و العصير و ما إلى ذلك للعشاء .
وبعد ساعتين ، كان العشاء جاهزاً و محضراً على طاولةِ الطعام ، فجلسنا جميعاً لتناول العشاء ، و كان عشاءً لطيفاً لم يخلو من المرح و الضحك ، و بعد العشاء دخلنا إلى الداخل و جلسنا لشرب الشاي و الحديث .
كانت السماء صافية و القمر بدراً هذه الليلة ، مما جعلني أرغب في السير تحت ضوءه في أرجاء المزرعة ، انضمت لي "كاثي" و "إليزا" و سرنا إلى الخارج معاً نتبادلُ الحديث .. و كان بين حديثنا ما يثير الاهتمام ، حيثُ قالت "كاثي" لـ "إليزا"
- هل رأيتي طبيبَ القلب الذي وصلَ اليوم إلى المستشفى؟
- لا لم أره ، كنتُ منشغلة كثيراً لدرجةٍ أصابتني بالصداع ، ما به؟
ابتسمت قائلة
- لا شيء به ، لكنه لطيفٌ و وسيم .. و قد لفتَ انتباه الجميع بحضوره ، التقيتُ به مصادفةً أثناء نزولي للغداء ، تحدثتُ معه قليلاً و رافقته حتى عدنا للعمل ، اسمهُ "ريكس" .
عندما سمعت الاسم ، توقفتُ عن السير و نظرتُ إليها بعينينٍ واسعتين ، و كررتُ قائلة بدهشة
- "ريكس"!؟
نظرتْ إليَّ "كاثي" مستغربة و قالت
- نعم اسمه "ريكس" ، لما أنتِ مندهشة هكذا؟!
نظرت إليّ "إليزا" قائلة
- تعتقدينَ أنه حبيبكِ "ريكس" ؟
نظرتُ إليها بانزعاج و قلت بحدة
- لم يعد كذلك ، فلا داعي لأن تقولي عنه حبيبي .
- لقد تبادرَ إلى ذهنكِ أنه هو!
- نعم لا أنكر .
قالت "كاثي" باهتمام
- حقاً كانَ حبيبكِ؟!
- لعله ليسَ هو!
- و ربما هو!
قلتُ بنفاذ صبر
- حسناً و إن كان هو ، ماذا تنتظران مني أن أفعل!؟
قلتُ ذلكَ و انصرفتُ غاضبةً عنهما عائدةً أدراجي .. و تذكرتُ "ريكس" ، عادت بي ذاكرتي إلى أيام "ريكس" ، و أوقاتِ "ريكس" و جمال "ريكس"!
كانت الأيامُ التي أمضيناها معاً أجملَ الأيام و أكثرها سعادة .. تبدو أيامي تلكَ ملونةً بشكلٍ استثنائي ، ذكرياتي معه تدخلُ السرور في قلبي ، كانت كالحلم .. انقضت سريعاً و غابت ، و ماعادت الآن .. ما هي إلا سراباً لأيامٍ خلت .
توقفتُ عندَ الرماد حيثُ كان هنا الشواء ، حدقتُ فيه بحزن ، هكذا صار قلبي ، بعد أن أججَ "ريكس" فيه جذوة الغرام ، بعد أن كان شعلةً من حب ، تركه رمادً منهار ، غادره بقسوةٍ لم أعهدها منه ، لم يصن هذا القلب .. لم يراعيه ، بل سحقه بقدميه دون رأفةٍ و رحمة ، أذنبَ فيه ذنباً لا يحتمل العفو و الغفران .. خلفه حطام ، مكانٌ مهجور ، يحيى بالعدم .
ركلتُ منقلةَ الشواء بقدمي بغيظ ، و دخلتُ إلى الداخل في إحدى الغرفِ منفردةً بنفسي ، جلستُ بالقربِ من النافذة أحدقُ في القمر البادي في السماء ، و تابعتُ التفكير
- أ يعقلُ أن تظهرَ في حياتي يا "ريكس" من جديد بعدَ خمس سنوات!؟ ، هل سيجمعنا مكان عملٍ بعد كل هذه المدة؟ ، هربتُ عنكَ منذُ خمس سنوات ، و لكن القدر يعيدكَ حيثُ أكون ، هل تأبى إلا أن تكونَ جزءً في حياتي كما كنتَ في ذاكرتي التي لم يعصمكَ النسيان عنها؟! قلبي سقيمٌ يا "ريكس" فما عاد يقوى جنون ذاك النبض !
أخذتُ نفساً محاولةً تبديدَ توتري الذي ضاق به صدري و تزايدت دقات قلبي ، فقلتُ مهونةً على نفسي
- لا ، لا تستعجلي يا "آماندا" لعلهُ ليس هو .. لا داعي لكل هذا الإرتباك!
و بعد دقائق ، انتبهتُ على رائحةٍ كريهة ، عقدتُ حاجباي محاولةً التركيز جيداً من أين تنبعثُ تلكَ الرائحة ، حتى لاح الدخان أمامي من النافذة و انعكس لون النار على الجدار البعيد للمزرعة! ، أيقنتُ حينها .. أن هناكَ حريقٌ اندلعت في المزرعة!
تذكرتُ فجأةً منقلةَ الشواء التي ركلتها على العشب ، لعله لم يكن رماداً تماماً .. بل كان به جمراً ! ، كم كان تصرفي أحمقاً!
ازداد الدخان أمامي ، فأغلقتُ النافذةَ و ذهبتُ بسرعةٍ إلى غرفةَ المعيشة حيثُ كان أخي و "سارة" و "كريس" ، لكنهم لم يكونوا هناك!
انتابني الهلع ، و ذهبتُ بسرعةٍ إلى المطبخِ بحثاً عنهم ، و لم أجدهم أيضاً .. حينها سمعتُ صوتَ صراخ أخي "ألفريد" يناديني ، كان قادماً من الخارج .
هرولتُ إلى الباب المؤدي للخارج .. و لكني توقفتُ مذهولة! ، حيث النار انتشرت سريعاً في المزرعة ، و قريباً جداً من مدخل الكوخ ، كان الدخان يملأ المكان و النار تلتهم كل أخضرٍ أمامها ، توقفتُ حائرة .. لم أعرف ماذا أفعل ، بدأ الدخان يدخل في صدري ، ضاقت أنفاسي و بدأت أسعل ، فكرتُ في المجازفة و الركض عبر الحريق ، لكن الرؤيا تنعدم أمامي و لا أعرف الطريق! و إلى أين تمتد النار ، و حتى أين ؟ .. قطعَ حبل أفكاري صوتُ "سارة" و "ألفريد" الذين ينادياني ، فصرختُ منادية
- "ألفريد"! ، "سارة" أنا هنا بالداخل! ، لا أعرف كيف أتصرف! ، النار منتشرةٌ أمامي!
إزدادت أنفاسي ضيقاً ، فتراجعتُ قليلاً إلى الداخل حين احسستُ بالدوار ، فسمعتُ صوتَ "ألفريد"
- حاولي الخروج من نافذة الغرفة ، أنا ذاهبٌ هناك لمساعدتك على الخروج ، أسرعي .
لم استطع التكلم ، لكني عدتُ أدراجي للغرفة ، و توقفتُ حينما وجدتُ "ألفريد" يفتحُ نافذة الغرفة .. دخلَ الكثير من الدخان بسرعة ، فضاقت أنفاسي بشدة ، و ازداد الدوار ، و فقدتُ و عيي ..
==============
لم أعلم ماذا حصل ، لم أعرف كيف سار الأمر مع أخي و "سارة" و البقية ، كل ما أعرفه أني ارتكبتُ حماقةً تشابهُ حماقةَ الأطفال! ، حتى تسببتُ بحريقٍ كبير ، هذا ما تبادر إلى ذهني حينما استعدتُ وعيي في المستشفى ، لم أفتح عيناي طويلاً ، كنتُ متعبة و منهكة .. و ما زال صوتُ "ألفريد" يتردد في رأسي .. حتى تناهى إلى مسامعي صوتُ "سارة" ، كان قلقاً و هي تقول
- هل هي بخير؟! ، أرجوكَ كن صادقاً معنا يا "ريكس"!
فتحتُ عيناي حينها ، فتحتهما في ذهول و دهشة .. هل قالت "ريكس"!؟ ، قالت "ريكس" فقط! ، إذاً هو صديقنا "ريكس"! ، ذلكَ الطبيب الذي تحدثت عنه "كاثي" هو "ريكس" الذي نعرفه!
تسارعت دقات قلبي بشكلٍ جنوني ، و أخذت أنفاسي تتلاحق .
حينها سمعتُ صوته
- لا تقلقي يا "سارة" ، ستكون بخير بعد ساعاتٍ قليلة أنا واثق ، لكن أخبريني ، منذ متى تعاني من اعتلالٍ في عضلة القلب؟!
- اكتشفنا ذلكَ منذُ سنتين تقريباً .
- أ تؤخذ أدوية؟
- نعم .
- عندما تظهر نتائج الأشعة ، سنرى ما يجبُ علينا أن نفعل .
سمعتُ حينها صوت "ألفريد"
- ستكون بخير أ ليسَ كذلك؟
أجابه "ريكس"
- نعم ستكون بخير .
حينها التفتُ نحوهم ، و رأيته .. رأيت "ريكس"! ، بمعطفه الأبيض و شعره البني ، كان يرتدي نظارةً أيضاً ، و قد ازداد طولاً و جاذبية ، كم هو وسيم ، لقد ازداد وسامةً أكثر مما كان عليه منذ خمس سنوات .
عصفَ بي الحنين حينها ، اشتقتُ إليكَ يا "ريكس" ، اشتقتكَ كثيراً!
نظرَت "سارة" إلي و قالت بسعادة
- "آماندا" استعادت وعيها!
استدار الجميعُ ناحيتي ، فالتقت عيناي بعيني "ريكس" ، فأبعدتهما عنه سريعاً حيث وقفَ "ألفريد" بالقرب مني قائلاً
- حمداً للهِ على سلامتك! ، كنتُ خائفاً جداً عليكِ يا عزيزتي .
ابتسمتُ له و قلت بصوتٍ مبحوح
- أنا بخير ، لا تقلق .. ماذا عنكما ، و "كريس" و "فرانك" و "إليزا" و "كاثي" ؟!
- جميعنا بخير ، كنا في الخارج جميعاً عندما اندلعَ الحريق ، و ظننا أنكِ الأخرى في المزرعة ، بحثنا عنكِ و لم نجدكِ فجن جنوني ، لم أهدأ إلا بعدما سمعتُ جواباً منكِ على ندائي .
قلتُ بأسف
- أعتذرُ لما حدث ، كنتُ السبب في هذا الحريق .. ركلتُ الشوايةَ معتقدةً أن ما بها كلهُ رماد .
ربتت "سارة" على كتفي قائلة
- لا يهم ، المهم أن تستعيدي عافيتكِ فقط .. كان الجميع قلقاً عليكِ ، منذ قليلٍ فقط غادر الأربعة بعد ان ألح عليهم "ألفريد" .
- شاكرة لهم جميعاً ، و لكما يا عزيزاي .
ثم نظرتُ إلى "ريكس" ، الذي خلعَ النظارة من عينيه و أنكسَ رأسه بحزن .
فالتفتت إليه "سارة" قائلة
- هل تستطيعُ "آماندا" الخروج الآن؟!
نظر إليها قائلاً بهدوء
- لا ، ستبقى هنا الليلة و غداً ، يمكنكما الذهاب ، و أنا سأعتني بها بنفسي .
جملته الأخيرة فاجأتنا جميعاً ، حيثُ حل الصمت فجأة ، أما هو ، فنظر إلي نظرةً افتقدتها كثيراً ، نظرة اهتمامٍ و لهفة ، نظرةٌ لطالما اربكتني .
بعد دقيقة ، قال "ألفريد"
- إذاً نحنُ ذاهبان يا "آماندا" ، غداً نراكِ .. كوني بخير .
- حسناً .
و استدارا مغادرين .
حل الصمت في الغرفة ، أنا هنا و "ريكس" فقط ، كنتُ قد أبعدتُ عيناي عنه إلى الجانب الآخر ، قلبي يخفق بشدة ، و أنفاسي تضيق ، كم أنا مرتبكة!
أحسست بخطواته تقترب مما زاد ارتباكي ، التفتُ إليه ، فوجدته واقفاً بالقرب مني ينظر إلي في هدوءٍ شديد ، حدق كلانا في الآخر بصمت ، حتى كسرَ صمتنا صوته الهادئ
- حمداً لله على سلامتك .
أخذتُ نفساً و أجبته بصوتٍ منخفض
- شكراً .
- سآني جداً ما عرفتهُ عنكِ منذ قليل ، كيف تشعرين مؤخراً؟
- أكثر ما يزعجني هو ضيق التنفس خاصةً أثناء النوم ، يصيبني خفقانٌ أحياناً أثناء جلوسي ، أو التفكير ، و عندما أحزن ، و أشعر بالتعب بسرعة ، ينتابني نادراً ألمٌ في صدري .
قال و قد علت نبرة صوته
- لا تحزني و لا تفكري كثيراً يا "آماندا" ، ذلكَ يضر بكِ! .. ابتعدي عن كل ما يثير قلقكِ .
لزمتُ الصمت ، و ابعدت نظري عنه .. فمد يدهُ و أمسكَ بيدي ، نظرتُ إليهِ متفاجأة! ، لمحتُ بريقاً في عينيه ، إنها دموع!
همسَ قائلاً
- أرجوكِ يا "آماندا" كوني بخير ، لا تخيفيني .
- هل الأمر خطيرٌ لهذا الحد؟!
لم يقل شيئاً ، بل رفع يدي نحو شفتيه ليقبلها ، وتساقطت دمعتين من عينيه .
أحسستُ بحرارة قلبه من حرارة أنفاسه التي لفحت يدي ، كانَ مشتاقاً ، متألماً ، خائباً!
كذلكَ أنا ، تسللت دموع الحنين و الشوق في مقلتي .. احرقتني لهفتي إليه ، فبكيتُ في صمت .. ثم همست
- "ريكس" .
انخفضَ جلوساً حتى صار بمستوى مقارباً من وجهي ، و قال و هو لا يزال ممسكاً بقوةٍ بكفي
- قلبكِ الذي احتواني يوماً ، سأفعلُ المستحيل لأجل أن يعيش .
همستُ و عيناي لم تتوقفا عن سكب الدموع
- ما زال هذا القلب يحتويك ، يشتاق إليكَ يا "ريكس"!
طبع قبلةً علي يدي من جديد ، و قالَ بصوتٍ مبحوح حشرجهُ البكاء
- أحبكِ يا "آماندا" .
كانت هذه هي الكلمة الأخيرة ، بعدها عم صمتٌ شديد ، لوقتٍ طويل .. كنا فقط نتبادل النظرات ، نشبع شوقنا ، نروي ظمأ قلبينا ، نعبر عن قسوةِ الحرمان بدمعينا ، و عن سعادةِ اللقاء بابتساماتنا .. كان مساءٌ عنيفٌ بما حدث ، رقيقٌ بالتقائنا معاً .. كان عيدُ ميلادٍ مميز ، حافلاً في ساعاته الأخيرة .
|
|
|