عرض مشاركة واحدة
قديم 06-23-2019, 06:59 AM   #90
رونق التـ🌷ـوليب


الصورة الرمزية مَرجانة
مَرجانة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 732
 تاريخ التسجيل :  May 2017
 أخر زيارة : 07-30-2022 (05:51 AM)
 المشاركات : 38,686 [ + ]
 التقييم :  213224
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
نحنُ لِنحن
لنحن فقط !..
لوني المفضل : Crimson
افتراضي



الجزء السادس عشر ••❓

بعد أن غادرني "ريكس" ، ظللتُ وحدي أفكر في الماضي ، ماضٍ تناسيتهُ لمدةٍ طويلة .. منذُ الرسالةِ الأولى ، حتى اكتشافي بالصدفةِ لهويةِ صاحب الرسائل .
ما زال الألم يعتصرني حتى هذه اللحظة ، خمس سنوات لم تستطيعي يا "آماندا" تجاوزَ هذا الألم ، حتى الآن لا تستطيعي أن تغفري لـ "ريكس"!

تذكرتُ ضعفي منذ قليل ، إعترافي لـ "ريكس"! ، نسيتُ الجرحَ الخالد في قلبي العليل ، نسيتُ الألمَ عندما أبصرته ، فقدتُ وعيي و عيناي تحدقانه
"آماندا" هل نسيتي ما فعلهُ بكِ؟! ، كيف تلاعبَ عليكِ؟ ، كيفَ مثلَ و خططَ لتلكَ المسرحية التي كنتِ فيها الضحية في نهايتها؟ ، كيفَ استغفلكِ و كيفَ و كيف!؟

حركتُ رأسي يمنةً و يسرة ، و رددتُ داخلي

- لا تتخاذلي و لا تستسلمي لضعفك ، شخصٌ خبيثٌ مثله لا يستحقُ أن تهبيه قلبكِ يا "آماندا" ، مهما فعل .

أغمضتُ عيناي ، و رحتُ في نومي بهدوءٍ شديد ، إلى أن أيقظني صوتُ الباب .
فتحتُ عيناي و نظرتُ ناحيةَ الباب ، كانَ "ريكس"!
كان بيدهِ ملفٌ يحتوي على عيناتِ الأشعة ، نظرتُ إلى وجهه .. كان خالياً من أي تعبير .
حدقتُ فيه بصمت ، فتنهدَ و قال

- أعتذرُ إن ازعجتك ، لكن ..

و نظر إلى الملف في يده ، فقلت

- كيف هي ؟!

نظر إليَّ بصمت ، ثم اقتربَ مني و وقفَ عندَ رأسي .
نظرتُ إلى عينيه ، وجدتهما حائرتين! ، فاستحثثته قائلة

- تكلم يا "ريكس"!

اشاح بوجههِ عني للحظة ، ثم نظرَ إليِّ قائلاً بصعوبة

- لابد أن نتصرفَ يا "آماندا" ، قلبكِ معتلٌ جداً! ، لا بد من زراعةِ قلب .

أنتفض قلبي خوفاً و فزعاً ، ازدردتُ ريقي بصعوبة ، و قلت بصوتٍ مرتعد

- قلبي ما عاد يقوى على النبض ، يكاد يقف أ ليسَ كذلك؟!

نظرَ إلى عيني اللتين استسلمتا للدموع ، فتنهدَ و انحنى نحو وجهي قائلاً بلطف

- لما هذه الدموع يا جميلتي؟! ، لم أعهدكِ ضعيفةً يا "آماندا"! ، لا تعكري صفوَ عينيكِ العسليتين بالبكاء ، ما زال الوقتُ باكراً على ذرفِ الدموع .

أخرجتُ تنهيدةً من جوفٍ محترق ، و قلت

- تقولُ ذلكَ و القلقُ بادٍ عليك ، أنتَ تدركُ جيداً أن قلبي قد يقفُ في أيةِ لحظة! ، ينتابني الفزع كلما ضاقت أنفاسي أثناء نومي ، صرتُ أخشى النوم مؤخراً لأن الأمر صار يتكررُ كثيراً .

قال بانفعال

- "آماندا" كفي عن قول ذلك! ، لن يصيبكِ مكروه لو عثرنا على متبرع .
- ماذا لو لم نعثر؟!

وضع يدهُ على رأسي و قالَ في همس

- سأهبكِ قلبي حينها يا "آماندا" ، و لن أترددَ في ذلكَ صدقيني .

نظرتُ بخجلٍ في عينيه ، كانتا تحدقان بي بلطفٍ و حنانٍ بالغ ، ابعدتُ عيناي عن وجهه ، و مسحتُ دموعي في صمتٍ بخجلٍ شديد ، فاستأنفَ قائلاً

- سيكون ذلكَ تكفيرٌ عن ذنبي بما فعلتهُ بكِ منذُ خمسِ سنوات ، لقد أذنبتُ بما فعلتُ بقلبكِ الرقيق .. مهما كانَت نواياي .

أصدرتُ شهقاتِ بكاءٍ و عيناي عاودتا سكبَ الدموع ، "ريكس" أيها العزيز ، مازلتَ حنوناً و لطيفاً ، دائماً تهتم بي .

ابتسم بلطفٍ بالغ ، و قال مهوناً

- كفي عن البكاءِ يا عزيزتي ، أرجوكِ .. بالكادِ أتمالكُ نفسي ، مع الصباح ستكون ساعات عملي انتهت ، سأغادر لارتاح قليلاً و أعود إليكِ .

هدأتُ قليلاً ، و نظرتُ إليه قائلة

- هل يمكنني المغادرة صباحاً؟! ، لدي عملي في الصباح و أريد القيام به ، سأكون أحسن حالاً .

اعتدلَ في وقفتهِ وقال

- اعلمتْ "سارة" إدارة المستشفى بما حلَّ بكِ ، لستِ مضطرة للعمل!
- لكني أشعر بأني بخير! ، لا ضرورةَ لبقائي هنا .
- بخير طالما أنتِ مستلقية و مرتاحة ، ستجهدينَ سريعاً أثناء عملك .

قلتُ بحزنٍ شديدٍ و يأس

- أشعرُ بالعجز ، أشعر بالألم و القهر يا "ريكس" ، مرضي يؤثر كثيراً على حياتي!
- لا تفكري بذلكَ يا عزيزتي ، سيكون كل شيءٍ بخير ، ثقي بي .

هززتُ رأسي بالإيجاب ، فابتسم بسرورٍ و قال مازحاً

- ممتاز ، و الآن أخلدي للنوم ، و انظريني في أحلامكِ لو كان ذلكَ يسعدك .

أصدرتُ ضحكةً خفيفة ، و قلت

- لن تتغير يا "ريكس"!
- لن أتغير ، تماماً مثلكِ يا "آماندا" ، كوني بخير .

قال ذلكَ و هم بالذهاب ، لكني أمسكتُ بيده قائلة

- "ريكس"!

نظرَ إليّ بوجهٍ متسائل ، فقلتُ بخجل

- أعجزُ عن شكرك ، ممتنة كثيراً .

ابتسم و قال

- أنا أكثرُ شكراً و امتناناً لكِ ، تصبحين على خير .

قالَ هذا و انصرفْ ، فالتقطتُ أنفاسي و ابتسمت .. دائماً ما يدخل "ريكس" السعادةَ في قلبي ، لطالما كان كذلك ، مهما نقمتُ و غضبت ، تُبَددُ كلَّ غضبي و نقمي في لحظة! ، لا أستطيعُ إلا أن أنسى عندما تكونُ أمامي .. أشتاقك يا "ريكس" ، أشتاقكَ كثيراً .

===============

في الصباح ، وعند الثامنة بالتحديد ، غادرتُ المستشفى على مسؤوليتي ، فلم أجد داعٍ لبقائي طالما أن وضعي مستقر ، ذهبتُ إلى المنزل و أخذتُ حماماً سريعاً ، ثم هممتُ بالخروج ، لكن "سارة" استوقفتني قائلة

- إلى أين؟!

نظرتُ إليها قائلةً بإصرار

- إلى عملي ، و لا تمنعيني!

تأففت "سارة" و اقتربت مني قائلة

- لقد طلبت الإذنَ لكِ يا "آماندا" ، لن تعملي اليوم .
- لكني أريد الذهابَ للعمل! ، أنا بخير .

قالت بقلق

- يا عزيزتي ، أخشى أن تجهدي ، ثم لما غادرتي المستشفى؟! ، ألم يقل "ريكس" أنكِ ستكونين تحتَ الملاحظة؟
- بلى قال ذلك ، لكني رفضت .

قالت بانزعاج

- و كيفَ سمحَ لكِ؟!
- لا يعلم ، انتهت مناوبته فغادرت .
- حسناً و مع هذا لن تذهبي ، "ألفريد" سيغضب لو علم!

نظرت في عينيها الزرقاوتين للحظات ، ثم قلت برجاء

- لا تخبريه .

قالت معاندة

- بل سأخبره! ، أنتِ عنيدة و لا تهتمين بنفسك ، تقلقينا عليكِ كثيراً بتصرفاتك!

صمتت للحظة ، ثم قلتُ مستسلمة

- حسناً ، لن أقلقكما .. سأبقى هنا .

ابتسمت "سارة" برضى و قالت وهي تربت على كتفي

- أحسنتِ .. أنا ذاهبة الآن ، لقد تأخرت .. كوني حذرة و اهتمي بنفسك .. إلى اللقاء .
- حسناً يا عزيزتي ، رافقتكِ السلامة .

غادرت "سارة" ، بينما أنا عدتُ إلى غرفتي .. رميتُ نفسي على السرير و أغمضتُ عيناي ، فاسترجعتُ بذاكرتي كلماتَ "ريكس" (( لابد أن نتصرفَ يا "آماندا" ، قلبكِ معتلٌ جداً! ، لا بد من زراعةِ قلب ))

فتحتُ عيناي .. و أنا أفكر ، هل سيقف قلبي عن النبض قريباً!؟ ، ربما أغادرُ الحياة مبكراً .. لكن من الجيد أن الحياة منحتني ... منحتني فرصةَ اللقاء بـ "ريكس"!

في هذه اللحظة ، سمعتُ صوت رنين جرسِ الباب ، فنهضتُ بسرعةٍ و ذهبتُ نحو الباب لفتحه ، و قد تفاجأتُ حين وجدتُ "ريكس" خلفَ الباب !.. كان واقفاً يعقدُ حاجبيه بغضب .

قلتُ بصوتٍ منخفض

- "ريكس"!

قال منفعلاً

- لما غادرتي المستشفى؟!

أشرتُ له بالدخول قائلة

- تفضل أولاً يا "ريكس".

نظر إلي ملياً قبل أن يدخل ، ثم تنهد و دخل .. قدته إلى الصالة و جلسنا ، فعاد بنظره إلي و قال

- و الآن أخبريني لما غادرتي المستشفى؟! ، و كأنكِ لا تعلمين خطورة وضعك!

قلتُ بانزعاج

- لا تضخم الأمرَ يا "ريكس"! ، أنا بخير ، لو كنتُ عكسَ ذلكَ لما غادرت!
- من أينَ لكِ أن تعرفي؟! ، البارحة استنشقتي دخاناً أضر برئتيكِ! .. قلبكِ لا يتحمل و رئتيكِ لن تعمل بكفاءةٍ لبعض الوقت ، لما تتجاهلين ذلك؟!

اشحتُ بوجهي عنه منزعجة ، بينما استأنفَ كلامه بقلق

- لا تكوني مستهترة و لا تكابري ، ذلكَ قد يكلفكِ الكثير!

ارعدتني كلماته ، نظرتُ إليه و قلتُ بهدوء

- حسناً ، أعدكَ أن لا أجهدَ نفسي ، اطمئن .

قال متصنعاً الحزن

- أنا منزعجٌ حقاً ، كنتِ قريبةً مني في المستشفى ، أنزعجتُ كثيراً عندما أخبرتني الممرضة بمغادرتك ، لقد كلَّفتِنِي عناء المجيء لرؤيتكِ .

نظرتُ إليهِ نظرةً ساخرة ، فأصدرَ ضحكةً خفيفة و همس قائلاً

- اشتقتُ إليكِ كثيراً يا "آماندا" .

اشتقتُ إليكِ! .. كم اخجلتني هذه الكلمة من فمِ "ريكس" و اربكتني ، فصددتُ عنه اتجنبُ النظر إليه .
فسألني بلطف

- ماذا عنكِ ؟

نظرتُ إليه متسائلة

- ماذا؟!
- ألم تشتاقي إليّ ؟!

زاد سؤاله من ارتباكي ، فنظرتُ في وجهه المبتسم للحظة

هل اشتقتِ لـ "ريكس" يا "آماندا"؟! .. لما لستِ سعيدةً إذاً؟! ، و لكن كيفَ تسعدين؟ .. وهو من جعلكِ دميةً يعبثُ بها بيديه!

قلتُ بهدوء

- و أي ذكرى خلدتها في ذاكرتي أعمق من خديعتكَ يا "ريكس" ، كيفَ أشتاقكَ قل لي ؟ ، أي شوقٍ تريدُ أن ينتابني؟! ، و جرحٌ في أعماقي كلما عبرتَ على فكري نزفَ من جديد ، رؤيتكَ يا "ريكس" تسعدني و تدميني في آن ، لأعرف أي شعورٌ هذا! ، لكنه شعورٌ مؤلم ، يخنقني و يقتلني!

بان الضيق على تقاسيم وجهه ، فأشاحهُ عني قائلاً

- تستجدين أسفي و حزني بقولكِ يا "آماندا" ، ما زلتُ أقدم اعتذاري لكِ ، أنا أحببتكِ فقط! ، كلُ ما حدثَ حدثَ عن غير قصد!

قاطعتهُ قائلة

- لا داعي لأن تبررَ لي ، الأمرُ انتهى على كل حال .

نظر إليّ و قال بانفعال

- ليسَ قبلَ أن تسامحيني!

نظرتُ في عينيه بصمتٍ للحظات ، ثم قلتُ بصعوبة

- أحاول ، أحاول أن أنسى لأسامحكَ يا "ريكس" لكني لا أستطيع!

صد بوجهه من جديد ، و تنهد ثم قال بصوتٍ هادئ

- حسناً ، ما يهم الآن أن تهتمي بنفسك ، و عندما نجدُ متبرعاً سأبلغكِ بذلك ، كوني مستعدة حتى ذلكَ الحين ، و كوني بخير .

قال ذلكَ و وقفَ مغادراً دون أن ينظرَ إليّ ، حاولت اللحاق به لمرافقته إلى الباب ، لكنه ذهبَ مسرعاً و غادرَ و أغلقَ الباب خلفه .

تنهدت بألمٍ و حرقة ، حائرة ، ضائعة .. متلخبطةٌ مشاعري ، و قلبي ما بين حبٍ و بغض ، و بين شوقٍ و صد
اعذرني "ريكس" ، فخمسُ سنواتٍ لم تكن كافية لمداواة جرحي ، لم تكن كافية لتنسيني ألمي ، أو تنسيني إياك .

=============

بعد يومين ، ذهبتُ إلى المستشفى لأطمئنَ على صحتي قبل البدءِ في عملي ، صرتُ بحالٍ جيد ، إنما قلبي في مرحلةِ الخطر!
(( لا حل يسعفه الآن غير استبداله بقلبٍ آخر، بقلبٍ كهذا قد لا تعيشي طويلاً يا "آماندا" ، سنةٌ أو سنتين كحدٍ أقصى )).. هذا ما قاله لي الطبيب .

غادرتُ عيادتهُ و اتجهتُ إلى عيادتي ، كانت الساعة الثامنة و النصف ، تبقى نصف ساعةٍ على موعد فتح العيادة ، قررتُ حينها أخذ كوبٍ من الحليب و تناول قطعة من الشوكولا لأبدد قلقي .
فذهبتُ إلى محلِ القهوة ، و بينما كنتُ انتظر طلبي .. أخذتني أفكاري عندَ كلماتِ الطبيب ، تملكني الضيق و القلق من جديد ، و شردتُ بنفسي و بأفكاري ، حتى أفاقني منها صوت "ريكس"!

- صباح الخير "آماندا"

التفتتُ إليه ، ثم اجبته

- صباح الخير .

وقفَ قبالتي قائلاً بمرح

- كيفَ حالكِ اليوم؟! ، يفترض أنكِ زرتي الطبيب!
- نعم فعلت ، أنا بخير ، أما بشأن قصور القلب فأنتَ تعرف أمره .

ابتسم قائلاً

- أعرف يا عزيزتي ، و لهذا جئتُكِ بالبشرى!

علت الدهشةُ وجهي ، و قلتُ بهدوء

- بشرى؟!
- نعم ، وجدنا متبرعاً .

اتسعت عيناي سعادةً و قلت

- حقاً!
- نعم ، و يجب أن نحدد موعداً للعمليةِ في أقربِ وقت .

تسلل الخوفُ إلى داخلي فجأةً ، عملية! .. زراعة قلب!
نظرتُ إلى "ريكس" بقلق ، فانجلت البسمة عن شفتيه ، و قال و هو يعقدُ حاجبيه متسائلاً

- ما بكِ يا "آماندا"؟ ، يفترضُ أن تسعدي لا أن تحزني!
- أشعرُ بالخوفِ يا "ريكس" ، عمليةُ القلبِ ليست يسيرة ، ماذا لو .. دخلتُ إلى غرفةِ العملياتِ .. و بعد نومي لم أفيق! ، أو أصابتني مضاعفاتٌ بعدها ، سأعاني كثيرا!

عبسَ و جهه و قال مؤنباً

- كفي عن التفكيرِ بهذهِ الطريقة الجنونية ، تحبينَ إرعابَ نفسك! ، لا تقلقي ، لن تجري العمليةَ هنا ، بل في المستشفى الذي كنتُ أعملُ فيهِ قبلَ مجيئي إلى هنا ، أعرفُ جراحاً ماهراً لن يخذلنا ، سيجري لكَ العمليةَ بنجاحٍ تام .

تنهدت قلقاً ، ما زال الخوفُ يرعدني .. أحسستُ بالبرودةِ حينها ، فضممتُ ذراعي إلى صدري بصمت ، فقال "ريكس"

- ثقي بي يا "آماندا" .

نظرتُ إليه من جديدٍ و قلت بصوتٍ منخفض

- من الأفضلِ أن اقضي بقية عمري دون عناء ، لا ضمان في غرفة العمليات ، كما أني أخشى أن يسوءَ حالي بعدها .
- بل سيسوء عندما تقفين هكذاً بخوفٍ و عجز! ، ستجرينها رغماً عن أنفك! .. سأكون بجانك فلا تخافي .

لزمتُ الصمت و أنا أنظر إليه ، فابتسم و قال

- تشجعي ، و ثقي بي ، أنا أشدُ حرصاً و خوفاً عليكِ من نفسكِ لو تعلمين! ، لذا اعتمدي علي .. سأدبر الأمور كلها فلا تزعجي نفسكِ .. تذهبين بعدها للطبيب ، ثم يحددُ موعد العملية .

أخذتُ نفساً عميقاً ، ازداد توتري و قلقي ، و ضربات قلبي تعصف بداخلي .. أعرفُ تماماً ما مقدار صعوبة هذه العملية ، و احتمالات فشلها و ما قد تسببهُ من مضاعفات!

وضعَ "ريكس" يده على كتفي قائلاً بلطف

- "آماندا" .

رفعتُ بصري إليه ، فقال

- تناسي الأمر الآن ، لا أريدكِ أن تتوتري يا عزيزتي .
- سأحاول ، شكراً يا "ريكس" ، شكراً لاهتمامك بي .

ابتسمَ بلطفٍ بالغٍ و قال

- يجبُ أن تظل نبضاتكِ سنيناً مديدة ، يجبُ أن تتنفسي أطولَ مدةٍ ممكنة و لا تستسلمي لهذا المرض ، كوني قوية ، و تعلقي بالحياة ، تشبثي بها بيديكِ و قدميكِ أيضاً!

ضحكتُ من جملتهِ الأخيرة و قلت

- حسناً ، سأعشقُ الحياة و أتشبثُ بها بقوة ، و أرجو أن لا يخيبَ أملي!
- لن يخيبَ يا عزيزتي ، لن يخيب .. هيا بنا ستبدأ ساعة العملِ الآن .
- هيا .

حملتُ كوب الحليب و الحلوى التي طلبتها ، و غادرتُ مع "ريكس" الذي احتضن يدي في كفه ، "ريكس" كما هو دائماً لم يتغير ، يبثُ الأملَ في قلبي .. يزرع الفرحَ في صدري ، يرسم الإبتسامةَ على وجهي ، لا أعرفُ بأي حالٍ كنتُ سأكونُ لولاه .

==============

في المساء ، كنتُ جالسةً مع "سارة" في الصالة نشاهدُ التلفاز .. كنتُ أشاهدُ التلفاز دون تركيز ، في الواقع .. غاب ناظري عنه ، شردتُ دون وعيٍ في ما استجد ، غداً يريد "ريكس" أخذي للمستشفى للفحص و تحديد موعدِ العملية ، آه يا إلهي .. كلما تذكرت العمليةَ انتفض قلبي بذعر!

قطع َحبلُ أفكاري صوت "سارة"

- "آماندا"؟

نظرتُ إليها و اعتدلتُ في جلستي

- نعم عزيزتي؟! ، ما الأمر؟
- لم تخبريني ، ماذا فعلتِ مع "ريكس" هذا الصباح؟!
- أخبرني أنه تم العثور على متبرعٍ بقلبه ، يريد مني غداً الذهابَ معه إلى المستشفى لإجراء بعض الفحوصات و تحديد موعدِ العملية .

هزت رأسها بالإيجابِ و هي تفكر ، ثم نظرت إلي قائلة بمكر

- فقط هذا ما حدث؟!

نظرتُ إليها بامتعاضٍ و قلت

- نعم هذا ما حدثَ فقط .

وقفت من مقعدها واقتربت مني لتجلسَ قبالتي قائلة بحماس

- أصدقيني القول ، كيف تشعرينَ ناحيةَ "ريكس"؟!

صمتتُ للحظةٍ أفكر ، ثم نظرتُ إليها بحزنٍ و قلت

- اشتاقُ إليه رغمَ قربه مني ، يهتم بي .. لكني لا أستطيعُ مبادلتهُ هذا الإهتمام! .. لقد عاملني بلطفٍ بالغٍ اليوم ، رغم أني قسيت عليه بالكلام منذ يومين !
- أ لم تسامحيه؟! ، أرى أن الأمر انتهى ، لقد حُرِمَ منكِ لخمسِ سنواتٍ طوال .. أ ليسَ هذا عقاباً كافياً؟!
- في خلدي سامحته ، لكني لا أجرؤ على قولها له ، ما زال هناكَ حاجزٌ كالسدِ المنيع يحجبني عنه ، لا استطيعُ التحدثَ معه بعفويةٍ كالسابق .
- اسمعيني يا عزيزتي ، تحدثي إليه .. اعفي عنه ، سوفَ تشعرينَ بالارتياح حينها ، و هو سيكونُ شاكراً جداً لكِ .. "ريكس" شخصٌ نادرُ الوجود ، يحبكِ كثيراً و لا يتخلى عنكِ بعد كل ما حدث! ، تجاهلناه كثيراً فيما مضى منذ سنوات ، و رغم هذا لم يتردد في تقديمِ المساعدةِ لنا بكل حب .
- افهم ذلك ، سأحاول .



 


رد مع اقتباس