03-09-2020, 01:34 PM | #19 | |
|
في الصيف السادس عشر كنت على موعد مع القرار الحاسم ..شعرت بالدّوار ...انزويت كعادتي في مكان غير بعيد
سمعت كلاما غير مفهوم وهمسات ...لاشك انهم أحسوا بشئ ما غير عادي قرار صعب يضعني أمام معادلة صعبة جدا استحضرتُ فيها شريط الستة عشر عاما كاملة تتجادبني فيها لغتان وحضارتان وموطنان ....ما أصعب هذه اللحظة...كدت أركن إلى نفسي لولا أن تذكرتُ حلاوة سماع قراءة جدي لكلام الله ...كنت أنجذب كالنحلة العطشى لرحيق الأزهار ...لاأفهم شيئا مما يقول ...لكن شيئا ما كان يجذبني لسماع صوته تذكرت حروفا لا اعلم معناها فكان جدي يستميت من أجل تبيان معناها ...فكان يسعَد كلما حفظت حرفا منها...شجعني ذلك لإكتشاف هذه اللغة الغريبة عني |
|
|
03-09-2020, 09:25 PM | #21 |
|
لكن بالمقابل كان خيال -نيكول -ماثلا امام عينيّ لا يفارقهما في لحظة استحضار للأماكن والأزمنة ...كل هذا انهال على رأسي كالسيل الجارف ....وكأنني مشدود بين حبلين كل طرف يجرّ بكامل قوته فيزيدني إيلاما وتألما
دفعتُ هذا الإحساس بكل ما أملك من قوة ...وحاولت استحضار ما يشدّني إلى المكوث هنا ... بين الألم والتيه كان لابدّ لي أن أتحذ القرار إما العلا أو الإنحدار فتذكرتُ نسيم الذِّكر المتناثر عطره حول غرفة جدي الذي كنت أراه وهو يتمايل يمنة ويسرة ..كان لا يفتر من إعادة الجمل الواحدة تلو الأخرى في خشوع ... تنتابني قشعريرة فتجعلني متسمرا خلف باب غرفته أحاول تمييز كلماته التي كانت مستعصية على فهمي آنذاك |
|
03-10-2020, 01:18 PM | #22 |
|
قال القاضي : رُفعت الجلسة
فاقتدتُ نفسي إلى محبسها فتساءلتُ :يا ترى هل كان كلامي مقنعا ؟ وكيف يا ترى سيكون موقفي في القضية؟ وكيف سأحضّر مرافعتي في الجلسات القادمة ؟ إحساس وحيد تملّكني أنني لا أشعر بالذنب وأن ما فعلتُه هو بعينه ما يجب أن يكون ...حديث طويل ..اقتصصتُ منه هذه الجمل قبل خلودي للنوم ليلة أمس |
|
03-11-2020, 12:49 PM | #24 |
|
اقتدتُ نفسي إلى قاعة المحكمة
قال القاضي : فُتحت الجلسة استأنفت قائلا: أعترف أنني أنا الجاني في قضية nicole ...لكنني ضحية في نفس الوقت أقرّ أنها الإنسانة التي كنت أعيش في وجدانها وكانت تسرح في خيالي دون قيود...كنا سعداء كطائرين يحلقان في الأعالي غير مكترثين بما يُرتقب في سمائنا من عواصف ورعود |
|
03-11-2020, 01:06 PM | #25 |
|
سعداء لكن ماهو مفهوم السعادة ؟ وماهي معاييرها؟ من المؤكّد أنني لم أكن أفهم معنى السعادة وكنت أعيشها حسب المفهوم الذي كان في مخيّلتي والحقيقة أن جدّي غيّر كل مفاهيمي عن السعادة ...وأدخلني في عالمه السعيد وأذاقني منه رشفات وراح ينتظر رأيي فيما تذوقته وقد حان الوقت لأعلن أنني وجدت حلاوة لم أذق طعمها من قبل |
|
03-11-2020, 01:08 PM | #26 |
|
حلاوة يعجز تفكيري عن وصفها
حلاوة تحولتْ إلى عشق ... أنساني باريس (paris) وأضوائها ورفيقتي وسحرها...ومتاهات دروبها وقفت ثابتا وبصوت كالزلزال صحت قائلا :لن أعود معكم ...غيّرتُ اتجاه بوصلتي من الغرب إلى الشرق |
|
03-12-2020, 12:11 PM | #27 |
|
لم يكن بيني وبين جدّي اي اتفاق مسبق ...لكنني أحسست أن جدّي رتّب لهذا الأمر ترتيبا دقيقا
صحيح أنها مغامرة ...فالمستقبل في أكثر بلداننا مجهول ...والسؤال الذي يحيّرني : لماذا اختارني دون إخوتي ليغامر بي في المستقبل المجهول؟ |
|
|
|