ننتظر تسجيلك هـنـا


جديد المواضيع



مقتطفات عآمة بحر الموضيع العامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04-04-2018, 10:46 AM
واثـــ الخطوة ـــــق غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
اوسمتي
أجمل قصة المركز الثاني 
لوني المفضل Blue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : Sep 2015
 فترة الأقامة : 3199 يوم
 أخر زيارة : يوم أمس (10:08 AM)
 المشاركات : 81,634 [ + ]
 التقييم : 455574
 معدل التقييم : واثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond reputeواثـــ الخطوة ـــــق has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

اوسمتي

افتراضي سكتة الإمام بعد الفاتحة لأجل قراءة المأموم













من أشهر المسائل الخلافية الاجتهادية، بين متقدم العلماء ومتأخرهم؛ مسألة قراءة الفاتحة خلاف الإمام في الجهرية.
ومما يرتبط بهذه المسألة الشائكة؛ مسألة سكتة الإمام للمأموم من أجل قراءة الفاتحة. قال الإمام ابن تيمية في شرح العمدة ص185: هذه المذاهب كلها [سكوت الإمام] من فروع توكيد قراءة الفاتحة على المأموم.


وقبل الخوض في تفاصيل هذه المسألة، يتحرر من النزاع فيها أمور:

أولاً: هذه المسألة خاصة بالمأموم ومن أجله، دون الإمام والمنفرد. فسكوتهما لأجل تراد النفس أو استحضار السورة التي بعد الفاتحة، خارج عن محل الخلاف في هذه المسألة.
ثانياً: هذه المسألة خاصة فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة دون ما يسر بها.
ثالثاً: هذه السكتة محلها بعد قراءة الإمام لسورة الفاتحة، وليس قبلها أو قبل الركعة.
رابعاً: هذه السكتة لأجل قراءة الفاتحة دون غيرها من السور.
خامساً: انتفاء وجوب السكتة في حق الإمام. قال الإمام ابن تيمية في الفتاوى 23/ 276: ولم نعلم نزاعاً بين العلماء، أنه لا يجب على الإمام أن يسكت لقراءة المأموم بالفاتحة ولا غيرها.

بقي النزاع حول مشروعية هذه السكتة من قبل الإمام، فهل هي مستحبة في حقة أم مباحة أم محرمة؟
اختلف العلماء في هذا على أقوال:
القول الأول: استحباب السكتة بعد قراءة الفاتحة لأجل قراءة المأموم. قال به عمر بن عبدالعزيز والأوزاعي وأبو ثور وأبو سلمة بن عبدالرحمنوإسحاق بن راهويه.[1] وهو مذهب الشافعية والحنابلة.[2]
ولم أقف على نص للإمام الشافعي بخصوص السكتة من أجل القراءة، في كتبه أو كتب أصحابه.[3] ويحتمل أن أصحابه أخذوا مشروعية السكتة من أمره المأموم بالقراءة في سكتة الإمام، إذ قال: يقرأ بفاتحة الكتاب، في نفسه، في سكتة الإمام[4].

وأما الإمام أحمد فقد نص على مشروعية السكتة، ولكن اختلف أصحابه في محلها.
فقال المجد ابن تيمية: هما سكتتان على سبيل الاستحباب؛ إحداهما، تختص بأول ركعة للاستفتاح. والثانية، سكتة يسيرة بعد القراءة كلها؛ ليرد إليه نفسه، لا لقراءة الفاتحة خلفه. على ظاهر كلام الإمام أحمد.
وقال الإمام ابن تيمية في الفتاوى23/ 278: استحب الإمام أحمد في صلاة الجهر سكتتين؛ عقيب التكبير للاستفتاح. وقبل الركوع؛ لأجل الفصل. ولم يستحب أن يسكت سكتة تسع قراءة المأموم، ولكن بعض الأصحاب استحب ذلك[5].

قال أحمد في رواية ابنه عبدالله: يستحب إذا فرغ من قراءة سورة قبل أن يركع؛ أن يسكت سكتة ثم يكبر للركوع، بلغنا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عبدالله في سؤالاته ص75: سألت أبي عن السكتتين فقال: إذا افتتح الصلاة سكت، وإذا فرغ من السورة سكت سكتة أخرى. قيل له إذا قرأ الحمد. قال: إذا قرأ سورة بعد الحمد سكت.
وقال صالح في سؤالاته 1/ 400: سألت أبي قلت: للإمام سكتتين قال: نعم، سكتة إذا افتتح الصلاة، وسكتة بعدما يفرغ من السورة، ومن الناس من يقول إذا فرغ من الحمد.

وبعض الحنابلة نسب للإمام أحمد روايةً في مشروعية السكتة من أجل القراءة. منهم ابن مفلح في الفروع2/ 176وقدمها على الروايات الأخرى، والمرداوي في الإنصاف4/ 308، والزركشي في شرحه على مختصر الخرقي 1/ 601.
ولكن الروايات المتقدمة، تبين أنه يرى السكتة قبل الركعة وليس بعد الفاتحة.

القول الثاني: عدم مشروعية السكتة لأجل قراءة المأموم، وهذا قول المالكية والحنفية. واختاره الإمام ابن تيمية ونسبه إلى جماهير العلماء. وقد أنكر الإمام مالك سكتات الإمام، ونص الحنفية على كراهتها.
قال ابن مفلح: في كلام الحنفية يحرم سكوته، لأن السكوت بلا قراءة حرام، حتى لو سكت طويلا ساهيا لزمه سجود السهو[6].
قال ابن باز في الفتاوى11/ 84: الأفضل تركها. وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع3/ 72: السُّكوت بمقدار سُورةَ الفاتحة، إلى البدعة أقرب منه إلى السُّنّة. وقد أشار الإمام ابن تيمة إلى شيء من هذا، كما في الفتاوى23/ 279.

أدلة القول الأول:
الدليل الأول: ما رواه الحسن البصري أن سَمُرَةَ بن جُندُبٍ وعِمرانَ بنَ حُصَين تذاكرا، فحدَّثَ سَمُرَةُ بن جُندُب: أنه حفظ عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سَكتتين: سَكْتةً إذا كبّر، وسَكْتةً إذا فَرَغَ من قراءة ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7] فحفظَ ذلك سَمُرةُ وأنكَرَ عليه عِمرانُ بنُ حُصَين، فكتبا في ذلك إلى أُبيَّ بن كعب، فكان في كتابه إليهما، أو في رَده عليهما أنّ سَمُرة قد حفظ.[7]
قال ابن القيم في الزاد1/ 201: السكتة الثانية قد قيل: إنها لأجل قراءة المأموم، فعلى هذا: ينبغي تطويلها بقدر قراءة الفاتحة.

وقد أجيب عن هذا الاستدلال بأجوبة:
أولاً: من جهة إسناده. فهذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة وقد تكلم المحدثون فيها. وهم على ثلاثة مذاهب:
الأول: أنه سمع منه مطلقًا، وهو قول ابن المدينى والبخاري والترمذي والحاكم.
الثاني: أنه لم يسمع منه شيئًا، واختاره ابن القطان وابن معين وشعبة وابن حبان.
الثالث: أنه سمع منه حديث العقيقة فقط، قاله النسائي والبزار وابن حزم. قال البيهقي: أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة غير حديث العقيقة[8].

والحسن البصري مدلس ولم يصرح بالتحديث هنا، فيكون منقطعا.
وقد أجاب ابن حبان في صحيحه 5/ 112 عن هذا فقال: الحسن لم يسمع من سمرة شيئا، وسمع من عمران بن حصين هذا الخبر، واعتمادنا فيه على عمران دون سمرة.
ورد هذا بأن الحسن لم يسمع من عمران.

قال ابن المديني: سمعت يحيى -يعني القطان- وقيل له كان الحسن يقول: "سمعت عمران بن حصين" قال أما عن ثقة فلا، وقال ابن المديني وأبو حاتم: لم يسمع منه وليس يصح ذلك من وجه يثبت، وقال أحمد: قال بعضهم عن الحسن حدثني عمران بن حصين، إنكارا على من قال ذلك وقال ابن معين: لم يسمع من عمران بن حصين. انظر: تهذيب التهذيب 2/ 268.

ثانياً: من جهة رواياته. فمع الاتفاق على موضع السكتة الأولى، إلا أنه ورد اختلاف في موضع السكتة الثانية على ثلاثة أوجه:
الأول: "وسَكتةً إذا فَرَغ من القراءة".
الثاني: "وسَكْتةً إذا فَرَغَ من قراءة ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]".
الثالث: "وَسَكْتَةٌ إِذَا فَرَغَ مِنَ السُّورَةِ الثَّانِيَةِ، قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ".

أما الرواية الأولى فلا تعارض الثانية والثالثة لأنها مجملة، فيصح أن يكون فراغه من سورة الفاتحة أو من السورة الثانية، ودلالتها على الرواية الثالثة أقرب.
ويبقى التعارض بين الأخريين فأيتهما أرجح؟
ذهب النووي في المجموع 3/ 395 إلى القول بالثلاث كلها فقال: وفي رواية لأبي داود والترمذي "سكتة إذ استفتح، وسكتة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين" وهذه الرواية لا تخالف السابقين، بل يحصل من المجموع إثبات السكتات الثلاث والله أعلم.

وكذا ابن القيم في الزاد1/ 201 فقال: وكان له سكتتان؛ سكتة بين التكبير والقراءة، وعنها سأله أبو هريرة، واختلف في الثانية؛ فروي أنها بعد الفاتحة، وقيل إنها بعد القراءة وقبل الركوع. وقيل: هي سكتتان غير الأولى فتكون ثلاثا، والظاهر إنما هي اثنتان فقط، وأما الثالثة فلطيفة جدا لأجل تراد النفس، ولم يكن يصل القراءةَ بالركوع، بخلاف السكتة الأولى، فإنه كان يجعلها بقدر الاستفتاح، والثانية قد قيل: إنها لأجل قراءة المأموم، فعلى هذا: ينبغي تطويلها بقدر قراءة الفاتحة، وأما الثالثة فللراحة والنفس فقط وهي سكتة لطيفة، فمن لم يذكرها فلقصرها، ومن اعتبرها جعلها سكتة ثالثة، فلا اختلاف بين الروايتين، وهذا أظهر ما يقال في هذا الحديث.

ولكنه في كتاب الصلاة ص161 رجح بين الروايتين فقال: واختلفت الرواية عنه هل كان يسكت بين الفاتحة وقراءة السورة، أم كانت سكتة بعد القراءة كلها؟ ثم رجح رواية أنها بعد القراءة كلها.
والذي يظهر من الروايتين أنه لا يمكن الجمع بينهما، لأن سمرة نص على سكتتين لا ثلاث، في مروياته كلها، فمن أثبت ثلاثاً فقد خالف سمرة في حديثه.

قال الإمام ابن تيمية في الفتاوى 22/ 338 - 23/ 277: والصحيح أنه لا يستحب إلا سكتتان، فليس في الحديث إلا ذلك، وإحدى الروايتين غلط. وقال: من نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات أو أربع؛ فقد قال قولا لم ينقله عن أحد من المسلمين.
وعليه فيبقى النظر في ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى.

حديث سمرة رواه عن الحسن البصري خمسة وهم:-
1- منصور بن زاذان. وعنه هشيم بن بشير عند أحمد (20266) وقد نص على أنها بعد الفاتحة.
2- أشعث بن عبدالملك. عند أبي داود (778) وقد نص على أنها عند الركوع.

3- يونس بن عبيد. وقد رواه عنه ثلاثة: الأول: إسماعيل بن علية عند أبي داود(777) وغيره. والثاني: يزيد بن زريع عند أحمد (20127) وقد نصا في روايتهما أنها عند الركوع. والثالث: هشيم بن بشير عند أحمد (20266) وقد جمع الإمام أحمد في سياق واحد روايته عن يونس بن عبيد هذا ومنصور بن زاذان المتقدم، ونص على أنها عند الفاتحة. وهذا يشكك في مخالفته لإسماعيل بن علية ويزيد بن زريع، وأنه غلط على يونس في جعل السكتة بعد الفاتحة.

4- حميد الطويل. وقد رواه عنه ستة كما عند أحمد (20243-20228-20166) والبخاري في جزء القراءة ص65 والطبراني في الكبير 7/ 226. كلهم على رواية الإجمال، إلا عند أحمد من طريق يزيد بن هارون (20166) فقد نص على أن السكتة عند الركعة.
5- قتادة بن دعامة. وقد رواه عنه ثلاثة الأول: بحر بن كنيز عند الطبراني في الكبير 18/ 146، والثاني: سعيد بن بشير عند الطبراني في مسند الشاميين 4/ 31، كلهم على رواية الإجمال. والثالث: سعيد بن أبي عروبة.

وقد اختلف على سعيد. فرواه عنه ستة وهم 1-محمد بن جعفر عند أحمد(20081) 2-عباد بن العوام عند الطبراني7/ 211 3-المطعم بن المقدام عند الطبراني في مسند الشاميين2/ 58 وهؤلاء على رواية الإجمال. ورواه 4-سعيد عبد الأعلى بن عبد الأعلى عند أبي داود(780) والترمذي(251) وابن ماجه(844) 5-مكي بن إبراهيم عند البيهقي2/ 279 وهؤلاء نصوا على اضطراب قتادة، فمرة ينص على أن السكتة بعد الفاتحة ومرة قبل الركوع. 6- يزيد زريع وقد اختلف عليه فروى عنه 1-مسدد بعد الفاتحة كما عند أبي داود(779) 2-محمد بن عبدالله بن يزيع عند الركوع كما عند ابن خزيمة3/ 35، 3-محمد بن المنهال 4-إسماعيل بن أبي سمية على الإجمال كما عند الطبراني7/ 210-211.

وعلى سبيل المقارنة، نرى رواية حميد الطويل مجملة ورواية قتادة بن دعامة مضطربة، فبقي الترجيح بين رواية يونس بن عبيد وأشعث عبدالملك وبين رواية منصور بن زاذان، فيونس وأشعث روايا أن السكتة عند الركوع، ومنصور روى أنها بعد الفاتحة.
ويونس وأشعث مقدمان في روايتهما عن الحسن، من جهة الكثرة فهما اثنان، ومن جهة الضبط أيضا، فقد قال أبو زرعة: يونس بن عبيد أحب إلي في الحسن من قتادة، لأن يونس من أصحاب الحسن. وقال يحيى بن سعيد: لم ألق أحدا يحدث عن الحسن أثبت من أشعث بن عبد الملك. تهذيب الكمال 32/ 520- 3/ 280.

وقد اعتمد الإمام أحمد على رواية يونس وأشعث. قال في رواية ابنه عبدالله ص75: يستحب إذا فرغ من قراءة سورة قبل أن يركع؛ أن يسكت سكتة، ثم يكبر للركوع. بلغنا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وذهب ابن حجر إلى أنها بعد الفاتحة كما في الفتح 2/ 230.

الدليل الثاني: ما رواه معتمر بن سليمان قال سمعت محمد بن عمرو عن عبد الملك بن المغيرة، عن أبي هريرة قال: "كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج ثم هي خداج" فقال بعض القوم: فكيف إذا كان الإمام يقرأ؟ قال أبو سلمة: للإمام سكتتان فاغتنموهما، سكتة حين يكبر وسكتة حين يقول: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7] رواه البيهقي في القراءة خلف الإمام ص104.

قال ابن خزيمة: وأبو سلمة إنما قال هذه المقالة بحضرة أبي هريرة في مجلسه، ولو لم يكن أبو هريرة رأى جواب أبي سلمة صوابا؛ لأشبه أن يحكي عن أبي هريرة الإنكار عليه. وكذا قال البيهقي. انظر: القراءة خلف الإمام للبيهقي ص104-126.
ويمكن الجواب عن ذلك: بأن هذا الأثر رواه يزيد بن هارون عند أحمد (7901) ومحمد بن أبي عدي عند البخاري في جزء القراءة ص 25 والنضر بن شميل عند البيهقي ص 104 كلهم عن محمد بن عمرو، عن عبد الملك بن المغيرة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم دون قول أبي سلمة. فالمعتمر خالف هؤلاء الثلاثة في روايته عن محمد بن عمرو.
إضافة إلى أنه ليس في الأثر تصريح بأن أبا سلمة قاله بحضرة أبي هريرة، ويؤكد هذا؛ أن أبا سلمة روى هذا الحديث عن أبي هريرة كما عند البخاري في جزء القراءة ص25، فيحتمل أنه سُئل عن القراءة لما روى هذا الحديث، فأشار إلى السكتتين.

الدليل الثالث: أن عدم سكوت الإمام بعد الفاتحة، يُوقع المأموم في الحرج، بين قراءة الفاتحة أو الاستماع للقرآن عند تلاوته. فهو مأمور بقراءة الفاتحة في الركعة ومأمور بالاستماع والانصات لتلاوة الإمام، فيشرع للإمام السكوت بعد الفاتحة، حتى لا يوقع المأموم في الحرج.
ويمكن الجواب عن هذا بأن يقال: هذا الدليل مبني على مسألة خلافية، وهي وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، فيما يجهر فيه الإمام.

وليس احتياط الإمام للمأموم، بأولى من احتياطه لنفسه، في ترك مالا يرى مشروعيته وهو السكوت، ولو راعى المأمومَ في ذلك؛ لراعى المسبوق الذي دخل في الصلاة بعد قراءة الفاتحة.
فالمأموم الذي يرى وجوب الفاتحة عليه، ليقرأها مع قراءة الإمام للسورة الثانية، باعتبارها مستثناة من الأمر بالاستماع والإنصات للقرآن، كما يفعل المسبوق إذا دخل قبل الركعة، وهو ممن يرى وجوب قراءة الفاتحة عليه، فيقرأها مع قراءة الإمام.

أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: أن الصلاة من تحريمها إلى تحليلها لا تخلو -جهراً أو سراً- من قراءة أو ذكر أو دعاء، فكل حركة في الصلاة لها ذكر معين، سواء في حال القيام أو الركوع أو السجود أو الجلوس. وسكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة ينافي ذلك.

الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه السكوت بعد قراءة الفاتحة لأجل قراءة المأموم، ولو ورد ذلك لنقل عنه، فهو مما تتوافر الهمم على نقله، وقد نقل عنه أقل من ذلك، كجلسة الاستراحة ورفع اليدين وغيرهما.
قال الإمام ابن تيمية في الفتاوى 23/ 278: معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان يسكت سكتة تتسع لقراءة الفاتحة؛ لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم يَنقل هذا أحد؛ عُلم أنه لم يكن.

وقال ابن القيم في كتاب الصلاة ص162: لو كان يسكت هنا سكتة طويلة يدرك فيها قراءة الفاتحة؛ لما اختفى ذلك على الصحابة، ولكان معرفتهم به ونقلهم أهم من سكتة الافتتاح.
ويؤكد عدم ورود هذه السكتة، سؤال أبي هريرة عن سكتة النبي بعد التكبير، وعدم سؤاله عن سكتته بعد الفاتحة. قال أبو هريرة رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ، سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ "أَقُولُ: اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ". رواه البخاري (744) ومسلم (598).

قال الإمام ابن تيمية في شرح العمدة ص185: لما قال أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ عُلم أنه لم يكن له سكتة بقدر هذه، ولو كانت سكتة بعد الفاتحة بقدرها؛ لكانت أكثر من هذه.
ويمكن أن يجاب عن هذا: بأن عدم سؤال أبي هريرة عن السكتة الثانية؛ لا يدل على عدم وجودها، وإنما سأل أبو هرير عن السكتة التي لا يدري ما يقول فيها، أما السكتة الثانية فكان يقرأ فيها الفاتحة، فلا حاجة له في السؤال النبي صلى الله عليه وسلم عنها. فباعث سؤال أبي هريرة؛ هو معرفة ما يقول في السكتة الأولى.

الراجح:
يتبين من الخلاف في هذه المسألة أمور:
أولاً: بين مسألة وجوب قراءة الفاتحة على المأموم ومسألة مشروعية سكتة الإمام، تلازم عقلي، فالذين يرون وجوب الفاتحة؛ يلزمهم أن يذهبوا إلى مشروعية السكتة، وإلا فما فائدة جهر الإمام بالقراءة والمأموم منشغل بقراءة الفاتحة؟ إلا أن طائفة من الفقهاء لا يرون ذلك، فالحنابلة مثلاً لا يوجبون الفاتحة على المأموم ويستحبون السكتة، وبعض العلماء -كابن باز وابن عثيمين- يوجبون الفاتحة ويرون عدم مشروعية السكتة. وحجتهم على عدم التلازم في ذلك -والله أعلم- هي النصوص الواردة في المسألتين.

ثانياً: المسألة داخلة في باب الاجتهاد فلا يسع فيها الإنكار، ولكل مذهبٍ دليله الذي له حض من النظر، فلا يُجزم بتحريم السكتة ولا يُنكر على تاركها. فالذي يقول بها يعتمد على ما يرجحه من النصوص، وقد سبقه إلى ذلك أئمة كبار من علماء السلف كالأوزاعي وعمر بن عبد العزيز وعمر بن أبي سلمة، كما أن أكابر العلماء الذين لا يقولون بها، لم ينقل عنهم الإنكار على من فعلها.
قال ابن باز في فتاويه 11/ 84: تسميتها بدعة لا وجه له؛ لأن الخلاف فيها مشهور بين أهل العلم، ولمن استحبها شبهة، فلا ينبغي التشديد فيها.

ثالثاً: تصحيح حديث الحسن عن سمرة أو تضعيفه، وكذا ترجيح رواية السكتة بعد الفاتحة أو عند الركوع، وتوجيه السكتة الثانية بأنها لطيفة أو طويلة، كل ذلك مما وقع الخلاف فيه بين العلماء المتقدمين، فلا يصح إنهاء هذا الخلاف وغلق باب الترجيح في هذه المسألة، عند المتأخرين أو المعاصرين.

رابعاً: المسألة من جهة الدلالة النصية النبوية، ليس فيها ما يُثبت هذه السكتة لأجل قراءة الفاتحة.

خامساً: المسألة مترددة بين احتياط الإمام لنفسه في عدم فعل السكتة، لعدم ورودها، واحتياطه للمأموم في قراءة الفاتحة إذا كان يرى وجوبها.

سادساً: مراعاة المأموم في الصلاة له شاهد في الشريعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم خفف الصلاة من أجل وجْد المرأة على ولدها، وأمر بتقصير القراءة لأجل المأموم. فيمكن أن يستدل بهذا لمن قال بمشروعية السكتة، مراعاة للمأموم الذي يلتزم القراءة في الجهرية، حتى لو كان الإمام لا يرى ثبوت هذه السكتة. والله أعلم.


_____________________


[1] قال ابن المنذر: وروينا عن عمر بن عبد العزيز: أنه كان له وقفتان، كان إذا كبر وقف ثم يقرأ، وإذا فرغ من أم القرآن وقف. الأوسط 3/ 117. وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: للإمام سكتتان، فاغتنموا فيهما القراءة بفاتحة الكتاب؛ إذا دخل في الصلاة، وإذا قال: ولا الضالين. انظر القراءة خلف الإمام للبيهقي ص104، وقال الأوزاعي: إن من السُّنَّة إذا كَبَّر الإمام للصلاة أن يَسكُت حتى يَقول هو ومَنْ خَلفَه: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك...»، ويتَعَوَّذ من الشيطان الرجيم، فإذا قال: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]؛ سَكَت؛ حتى يَقرأ مَنْ خَلفَه بفاتحة الكتاب، وقال إسحاق: اقرأ قَبل أن يَفتَتِح الإمام القِراءة، فإذا افتَتَح الإمام القِراءة فاسكُت، فإذا فَرَغَ الإمام مِن قِراءة الحمد وسَكَت؛ فأتِمَّ ما بَقي عَلَيك من الحمد. انظر: مسائل حرب الكرماني ص: 389، الاستذكار4/ 238



[2] انظر: المجموع للنووي3/ 364، مغني المحتاج للشربيني1/ 363، الاصطلام لابن السمعاني1/ 230، الفروع2/ 176، الإنصاف4/ 308. وقد نص ابن السمعاني على الكراهة فقال: يكره للإمام أن لا يسكت. الاصطلام1/ 230.



[3] ولكن ابن عبد البر عزا له ذلك. فقال في الاستذكار4/ 238: قال الأوزاعي والشافعي وأبو ثور: حق على الإمام أن يسكت سكتة بعد التكبيرة الأولى وسكتة بعد فراغه بقراءة فاتحة الكتاب وبعد الفراغ بالقراءة ليقرأ من خلفه بفاتحة الكتاب.



[4] أحكام القرآن للشافعي جمع البيهقي 1/ 77.



[5] انظر: الإنصاف للمرداوي4/ 308.



[6] انظر: الاستذكار4/ 238، التمهيد3/ 188، بداية المجتهد ونهاية المقتصد 1/ 132، مجموع الفتاوى23/ 277-279، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 2/ 680، الفروع وتصحيح الفروع2/ 176، بل ذهب مالك إلى انكار السكتة الأولى التي بعد تكبيرة الإحرام. ولعله لم يبلغه حديث أبي هريرة الذي في المتفق عليه في قوله: "اسكاتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول.." انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف 1/ 230، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل 1/ 544.



[7] رواه أبو داود (778) والترمذي (251) وغيرهما. وهذا الحديث حسنه الترمذي وصححه ابن القيم في الزاد 1/ 201. وقال عنه ابن حجر في الفتح2/ 230: ثابت، وحسنه ابن عساكر في معجم الشيوخ2/ 815. ولكن قال ابن المنذر في الأوسط3/ 117: في إسناده مقال. وسيأتي تخريجه مفصلاً.



[8] انظر: نصب الراية1/ 89، البدر المنير4/ 69، نخب الأفكار2/ 476.













 توقيع :



رد مع اقتباس
قديم 04-04-2018, 08:47 PM   #2


الصورة الرمزية بعثره
بعثره غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 777
 تاريخ التسجيل :  Jul 2017
 أخر زيارة : 10-03-2020 (12:02 PM)
 المشاركات : 128,478 [ + ]
 التقييم :  200459
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
لوني المفضل : Black

اوسمتي

افتراضي



جزاك الله خير


 


رد مع اقتباس
قديم 04-05-2018, 12:43 AM   #3


الصورة الرمزية انثى مختلفة
انثى مختلفة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 751
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 03-24-2020 (12:49 AM)
 المشاركات : 148,019 [ + ]
 التقييم :  699184
 الدولهـ
Saudi Arabia
 SMS ~
لوني المفضل : Black

اوسمتي

افتراضي



جزاك الله خير الجزاء
وجعله الله في ميزان حسناتك


 
 توقيع :


امبرا تسلم ايديك ي قلبي على هذا الاهداء المميز


رد مع اقتباس
قديم 04-05-2018, 07:17 AM   #4


الصورة الرمزية عاشق الوادى
عاشق الوادى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل :  Sep 2015
 أخر زيارة : 10-22-2021 (09:44 AM)
 المشاركات : 59,722 [ + ]
 التقييم :  166105
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 SMS ~
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



جزيت الفردوس الأعلى من الجنة
جعله الله فى ميزان حسناتك يوم القيامه
وشفيع لك يوم الحساب
موضوع مهم حقاً
يختم من قبلى


 
 توقيع :



كل الشكر للمبدعة أنثى مختلفة على التوقيع والرمزية


رد مع اقتباس
قديم 04-05-2018, 09:04 AM   #5


الصورة الرمزية واثـــ الخطوة ـــــق
واثـــ الخطوة ـــــق غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Sep 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (10:08 AM)
 المشاركات : 81,634 [ + ]
 التقييم :  455574
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Blue

اوسمتي

افتراضي



بارك الله فيكم على المرور


 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

مركز تحميل Top4toP


الامتدادات المسموحة: PMB | JPG | JPEG | GIF | PNG | ZIP

الساعة الآن 07:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.